سـيرة ذاتيّة..الشـيوعيون المصــريون ....... والســلطة! يونية 2009

وليد محمود عبد الناصر

كثير هو ما كتب عن تاريخ الحركة الشيوعية المصرية، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتى السابق وانتهاء الحرب الباردة، ووجود قدر من المهنية العلمية والمنهج الموضوعى فى معالجة مسألة التيارات الشيوعية عموماً، فكراً وتنظيماً، وفى منطقتنا العربية على وجه الخصوص. وبعض ما كتب جاء على يد خبراء متخصصين وباحثين جادين بحثاً عن الحقيقة وانطلاقاً من أرضية المفترض أنها محايدة، أو من معادين للشيوعية، أو من مؤيدين لها أو حتى منتسبين لها فى شكل مذكرات أو شهادات أو روايات. ولا يتسع المجال هنا لذكر هذه المصادر أو حتى بعضها. ولكن بالرغم من هذا الكم الهائل من الدراسات والمذكرات والشهادات، فما زال المجال مفتوحاً على مصراعيه للمزيد من الإسهامات.



المحـتــوي

كثير هو ما كتب عن تاريخ الحركة الشيوعية المصرية، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتى السابق وانتهاء الحرب الباردة، ووجود قدر من المهنية العلمية والمنهج الموضوعى فى معالجة مسألة التيارات الشيوعية عموماً، فكراً وتنظيماً، وفى منطقتنا العربية على وجه الخصوص. وبعض ما كتب جاء على يد خبراء متخصصين وباحثين جادين بحثاً عن الحقيقة وانطلاقاً من أرضية المفترض أنها محايدة، أو من معادين للشيوعية، أو من مؤيدين لها أو حتى منتسبين لها فى شكل مذكرات أو شهادات أو روايات. ولا يتسع المجال هنا لذكر هذه المصادر أو حتى بعضها. ولكن بالرغم من هذا الكم الهائل من الدراسات والمذكرات والشهادات، فما زال المجال مفتوحاً على مصراعيه للمزيد من الإسهامات.
والكتاب الذى نعرض له هنا له أكثر من خصوصية، سواء لموضوع الكتاب، أو للكاتب ذاته. فالكتاب عنوانه: «حدتو: سيرة ذاتية لمنظمة شيوعية»، ومؤلفه هو الكاتب والأديب الأستاذ محمود الورداني، ويقع فى 515 صفحة، ومن إصدارات دار الهلال المصرية.
فموضوع الكتاب يتعلق بأحد التنظيمات الشيوعية المصرية الهامة، بل واحد من أبرز هذه التنظيمات، إن لم يكن أبرزها على الإطلاق، فى إطار ما يسمى بالحلقة الثانية للحركة الشيوعية المصرية، أى تلك الممتدة زمنياً ما بين منتصف عقد الثلاثينيات من القرن العشرين حتى قيام أكبر تنظيمين شيوعيين مصريين بحل أنفسهما أو بلغة أكثر دقة «إنهاء وجودهما المستقل» فى مارس وأبريل 1965 على التوالى ودعوة أعضائهما للانخراط، كأفراد، فى عضوية التنظيم السياسى والشعبى الوحيد حينذاك «الاتحاد الاشتراكى العربي». وهذا التنظيم الذى نتحدث عنه هو «الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني» التى عرفت واشتهرت اختصاراً باسم «حدتو»، والتى وصل الأمر ببعض مؤرخى الحركة الوطنية المصرية، إلى أن يطلق عليها تعبير «وفد الشيوعيين»، أى ما يماثل حزب الوفد بالنسبة للشيوعيين المصريين، والمقصود هنا أن «حدتو» كانت تنظيم الأغلبية داخل صفوف الحركة الشيوعية المصرية فى سياق المقارنة مع وضعية حزب الوفد المصرى كحزب الأغلبية فى الحياة السياسية المصرية ما بين عام 1923 وحتى 23 يوليو 1952. ويتتبع المؤلف نشأة وتطور «حدتو» فى تلك الفترة الزمنية الثرية بالأحداث، وإن كان تركيزه أكثر على الفترة الممتدة من 23 يوليو 1952 حتى قرار الحل أو إنهاء الوجود المستقل فى مارس 1965، ويستعرض دورها الفكرى والسياسى والاجتماعى وعلاقاتها ببقية التنظيمات الشيوعية المصرية، وخارج مصر، وبالسلطات السياسية المصرية وبالمجتمع المصرى وقواه المختلفة، وأيضاً بالتطورات الإقليمية والدولية خلال تلك الفترة.
أما الخاصية الثانية، فهى أن المؤلف الأستاذ محمود الوردانى يقر فى مقدمة كتابه أنه، وإن انتمى للحركة الشيوعية المصرية خلال مرحلة ما من الحلقة الثالثة لهذه الحركة، أى التالية لقرار الحل أو إنهاء الوجود المستقل عام 1965، بل وتعرض للاعتقال بسبب انتمائه للحركة الشيوعية، فإنه لم ينتم قط إلى تنظيم «حدتو»، ولكنه يشير إلى أن ما شجعه على المضى فى إعداد هذا الكتاب هو حث اصدقاء كثيرين له ممن انتموا لـ «حدتو» على القيام بهذه المهمة.
وتتعلق الخاصية الثالثة بأن من قدم للكتاب هو الأستاذ محمد يوسف الجندي، أحد الأقطاب البارزين للحركة الشيوعية المصرية، ونجل يوسف الجندى رئيس جمهورية زفتى خلال ثورة 1919، والكاتب والناشر الشهير، والذى يقر فى تقديمه بموضوعية وحيادية تناول المؤلف محمود الوردانى لـ «حدتو».
وتتصل الخاصية الرابعة باستعانة المؤلف عبر الكتاب بعدد ضخم من المذكرات والروايات والشهادات والمذكرات والكتب، بل والوثائق الرسمية والحكومية، وإن كانت الغالبية العظمى من المراجع التى لجأ إليها اقتصرت على ما صدر عن قيادات وكوادر الحركة الشيوعية المصرية بتنظيماتها المختلفة، خاصة من حدتو. إلا أننا لا نجد عبر الكتاب إلا قليلاً من الاستعانة بمصادر إما معادية لهذه الحركة، أو كتابات علمية عن الحركة وتاريخها ودورها، أو عن حدتو تحديداً. كما أنه من اللافت أنه بينما استعان المؤلف مثلاً بكتاب مصطفى طيبة عن مذكرات السيد/كمال الدين رفعت، فإنه لم يستعن بالمؤلف الهام لمصطفى طيبة نفسه عن الحركة الشيوعية المصرية ما بين 1945 و1965.

 

© وجهات نظر . All rights reserved. Site developed by CLIP Solutions