بين عامين.. يناير 2007

أيمن الصياد

هل هو حقًا عامٌ جديد؟ يضربُ العربُ رمالَهم.. ويسألون عرافيهم.. ويحدقون غربًا في «النجوم الزرقاء»، عسي أن يجدوا عندها حظوظَهم، أو أن يتحسبوا للقادم في

المحـتــوي

هل هو حقًا عامٌ جديد؟ يضربُ العربُ رمالَهم.. ويسألون عرافيهم.. ويحدقون غربًا في «النجوم الزرقاء»، عسي أن يجدوا عندها حظوظَهم، أو أن يتحسبوا للقادم في أيامهم؛ وهو دومًا في يقينهم وروعهم آتٍ من هناك. هل هو حقًا عامٌ جديد؟ لأعوامٍ طويلة خلت تأتينا الرياحُ عبر الأطلسي.. فتُسكرُنا أو تخدرُنا حينًا، وتربكنا أحيانًا. وفي كل الأحايين، لاجديد هناك. نتوه في «خرائط الطرق»..وننشغل بمبادرة الشرق الأوسط الكبير فنعقد لها قمة (2004) .. ثم نصفق لتقرير «بيكر هاملتون» (2006) ويبدو طبيعيًا في زمن نضبت فيه مصادرُ الفرح الحقيقية عدا تلك التي تزهرُها دماءُ المقاومة أن يهللَ العربُ لوصول الديموقراطيين إلي الكونجرس، معتبرين بتفاؤل ربما كان قد تجاوز «بجموح الأمل» حدَ المنطق وحقائقَ الواقع، أن ماجري كان إعلانا «لهزيمة» أمريكية.. وأننا بصدد «أمريكا جديدة». متجاهلين أو غافلين بغواية الأمل عن حقيقة أن ماجري في صناديق الانتخاب لم يكن اقتراعًا علي سياسة تحددُها استراتيجية وأهداف، بقدر ماكان ضمن أمور داخلية أخري تصويتًا علي أساليب ووسائل. وفي التحليل النهائي تبقي حقيقة أن «مايحدد أي سياسة هو هدف هذه السياسة وليس وسائلها..» وللامبراطورية الأمريكية في منطقتنا «أهداف ثابتة ومستمرة.. وان اختلفت الوسائل أو تغيرت..» كما يقول الأستاذ هيكل والذي لا يذهب مع أولئك المتفائلين أو «المتعجلين» الي اعتبار أننا أمام «بداية النهاية» للمشروع الامبراطوري الأمريكي. فالحرب أو «الصراع» وان اختلفت وسائله مازال طريقه طويل جدا بحكم الموارد وقيمتها، وبحكم التاريخ وتجربته. هدفٌ ثابتٌ إذن وسياسات متغيرة. الناظر من بعيد الي مايجري في المنطقة من تفكيكٍ إثني وتأجيج طائفي لابد وأن يأتي الي باله التعبيرُ الاقتصادي» الأمريكي الذي شاع في السنوات الأخيرة Outsourcing وهو يعني ببساطة أن تلجأ الشركات الكبري توفيرا للموارد وخفضا للتكاليف الي استئجار مؤسسات أو شركات «محلية» abroad لتتولي تنفيذ مهام وأنشطة معينة بديلا عن الشركات الكبري. (تجاوز حجم الاستثمار الأمريكي في هذا النوع من الاقتصاد 121 مليارا من الدولارات حسب احصاءات عام 2000) هل انتقل الأسلوب «الاقتصادي» المستحدث إلي ساحة السياسة والاستراتيجيا؟ قد لايبدو هذا بعيدا عن المشهد الشرق أوسطي الذي اختلطت أوراقه و"هوياته» إن في ساحة الشهداء وسط بيروت، أو في ساحات المساجد في بغداد، أو حتي في منتديات الحوار / الشجار اليومي علي الانترنت. ولعله من المفيد أن أعود هنا مرة أخري إلي قراءة الأستاذ هيكل «للتاريخ المهني» لروبرت جيتس؛ وزير الدفاع الأمريكي الجديد الذي خلف رامسفيلد في منصبه، والذي اعتبره البعض «هنا» انتصارا للحمائم علي الصقور: عمل جيتس 26 سنة في عمليات المخابرات المركزية الأمريكية. وكان أحد مهندسي حرب الخليج الأولي عندما جري «اغراء» العراق بتأييد عربي غير خاف علي أحد بضرب الثورة الإسلامية في إيران .. إلي آخر القصة المعروفة، والتي لم يكن الاجتياح العراقي للكويت إلا أحد فصولها. وكما لم يكن رجل «العمليات الاستخباراتية» الأمريكي الذاهب إلي وزارة الدفاع بعيدًا بحكم موقعه وقتها عن محاولة جر مصر إلي نزاع مسلح حقيقي مع ليبيا (1985)، كان جيتس أحد أعمدة عملية «إيران كونترا»، وهي تجسيد بامتياز لاستراتيجية Outsourcing عندما يعتمدها جهاز للاستخبارات مثل ال CIA . وقتها نتذكر كيف استُخدمت أموال «عربية» في شراء أسلحة «إسرائيلية» تجد طريقها في النهاية الي «إيران» عبر بوابة في «أمريكا اللاتينية». وذلك كله أرجو الملاحظة دعما لإيران في حربها ضد العراق (الذي لم يذهب الي الحرب أصلا الا بتأييد وربما تحريض أمريكي). هل تذكرون الصورة التي اشتهرت بعد الغزو الأمريكي للعراق لرونالد رامسفيلد لاغيره يصافح صدام حسين؟! نحن إذن.. والاستنتاج للأستاذ هيكل، أمام «عملية» توظيف آخرين، أو أضيفُ إذا أذن الأستاذ «استدارج» آخرين لتحقيق مطالب سياسة أمريكية. وهي «عملية» وان كانت مستمرة، إلا أنها مع «جيتس»؛ صاحب الخبرة المهنية قد تصبح أكثر تواجدا، أو للأسف أكثر كفاءة. **** هل هو حقًا عامٌ جديد؟ بين عامين حرص الأمريكيون دعك من استيفاء الجوانب الشكلية للسيادة العراقية علي أن يذهبوا بصدام حسين «أسير الحرب» أو «مجرم الحرب» (لافرق.. رغم الاختلاف البين في التعريف القانوني) إلي منصة الإعدام. قبل أن يأتي عامٌ «جديدٌ» إذن ذهب صدامُ «الطاغية» أو «الشهيد» سمِّه ماشئت، فهكذا فعل المختلفون حوله.. و «مازالوا مختلفين». والذين زادهم إعدامُه، أو ربما «شريطُ إعدامه المصور» الذي جري تسريبه إطفاءًا لنار «التشفي» أو اذكاءًا لنار «الفتنة» خلافا فوق خلاف. لماذا التوقيت؟ ولماذا كان الشريط؟ ومن وراء تسريبه؟ تبقي تلك أسئلة العام الجديد. أو بالأحري تبقي في طيات إجاباتها توقعاتُ الأيام القادمة. ويكفي أن من هاتفني صبيحة العيد ليخبرني بتنفيذ الحكم بادرني نصًا: «هاقد فعلها شيعة العراق ثانية .. وهاهي كربلاءُ الثانية» (!) هل هناك خلط للأوراق أكثر من ذلك.؟ **** بلغة الأرقام والحقائق، يطرقُ بابنا عامٌ جديد وأحد عشر ألفا من الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وثلاثة ملايين عراقي لاجئين خارج وطنهم أو حتي داخله. واللبنانيون كما السودانيون يدخلون في طريق لا أحد يعرف نهايته. والصوماليون بعد كل هذه السنوات يعودون إلي نقطة البداية. يطرقُ بابنا عامٌ جديد.. والفلسطينيون الذين في يناير الماضي مارسوا «الديموقراطية» التي طالبهم بها الغرب، يعاقَبون «علي ديموقراطيتهم»؛ دوليا بالتجويع وإسرائيليا بالإذلال والقتل (660 شهيدا بينهم 141 صبيا خلال عام واحد حسب إحصاءات مركز «بتسليم» الإسرائيلي لحقوق الإنسان) ورغم أن بوش لم يتوقف لسنوات عن التأكيد علي أن ياسر عرفات هو العقبة الوحيدة أمام السلام، فقد ذهب عرفات ولم يأت السلام. بالضبط رغم الفارق كما ذهب صدام ولايبدو في الأفق «عراقٌ جديد». **** أما بعد.. وأيا ماكان أمرُ التقارير والدماء والدمار و«المشانق»، يبقي الثابتُ «عربيًا» أنه تحت

© وجهات نظر . All rights reserved. Site developed by CLIP Solutions