أفغانستان ..عودة طالبان واحتمالات المستقبل
مطيع الله تائب
مركز الجزيرة للدراسات
الدوحة - قطر 2008
إن أى محاولة لفهم قضية شائكة بحجم الأزمة الأفغانية، تتطلب وقوفا طويلا أمام مكونات الصراع وخلفيته والعناصر المؤثرة فى استمراريته وتحديد دور كل عنصر من
إن أى محاولة لفهم قضية شائكة بحجم الأزمة الأفغانية، تتطلب وقوفا طويلا أمام مكونات الصراع وخلفيته والعناصر المؤثرة فى استمراريته وتحديد دور كل عنصر من العناصر الفاعلة. وإذ تتزاحم الأسئلة حول عودة طالبان إلى المعترك الأفغاني، وأسباب هذه العودة وحجمها وتأثيرها على مستقبل أفغانستان والمنطقة، نجد أنفسنا أمام سيناريوهات متعددة وتوقعات شتي، ترسمها حقائق الواقع وحسابات كل طرف. وما يزيد من تعقيد اللوحة الأفغانية كثرة الخطوط المتداخلة، بعد أن تحولت إلى ساحة رئيسية لما يسمى بالحرب على الإرهاب، وأصبحت أول حقل تجارب لعمل حلف الناتو خارج أوروبا، كما تحولت إلى ساحة للصراع على النفوذ والسيطرة على منابع الطاقة فى المنطقة بين الولايات المتحدة وأوروبا والصين وروسيا. هذا بجانب استمرار أهمية أفغانستان فى الملفات الإقليمية /الدولية الساخنة، مثل الملف الإيرانى والصراع الهندى - الباكستانى وملف المخدرات.
وتشكل حركة طالبان رقما صعبا فى هذه اللوحة المعقدة، بعد أن كانت كابول وواشنطن وعواصم دولية أخرى تتحدث عن ذهابها بلا عودة فى أعقاب انهيار نظامها بفعل القصف الأمريكى العنيف وتقدم قوى المعارضة نحو العاصمة كابول، بعد شهرين فقط من هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001م. وضمن هذا السياق تطرح أسئلة كثيرة نفسها لفهم هذه العودة وحجمها وأسبابها وآثارها على أفغانستان وعموم المنطقة. ولمحاولة تفسير ما يجرى فى الواقع الأفغانى تسعى هذه الدراسة المختصرة إلى استكشاف القوى والحقائق التى قد تساعد على فهم خلفية الصراع فى أفغانستان.
كما تستهدف هذه الدراسة إلقاء بعض الضوء على تكوين طالبان كحركة، وعلى تاريخها وحاضرها، مع التركيز على أسباب عودتها الحالية إلى الساحة الأفغانية، وحضورها القوى والملموس فى الجنوب والشرق الأفغاني. وتحاول هذه الدراسة فى محورها الأخير استشراف المستقبل، عبر التطرق إلى السيناريوهات المحتملة للأزمة الأفغانية، فى ضوء ما يجرى من متغيرات على الصعيد الأفغانى نفسه، وعلى صعيد المنطقة والعالم بشكل عام. لقد ركزت الدراسة على حركة طالبان كعنصر رئيس فى منظومة المعارضة المسلحة التى تقود العمليات العسكرية ضد حلف الناتو والجيش الأفغاني، ولم يتم التطرق بالتفصيل إلى بقية الأطراف. ولاشك أن هذه مجرد محاولة أولية لفهم الأزمة الأفغانية وتعقيداتها الراهنة، وأن الإلمام الشامل بهذه الأزمة ومكوناتها يتطلب المزيد من الدراسات المستفيضة.