حلمى محمد القاعود
كفر الشيخ: دار العلم والإيمان للنشر والتوزيع، 2009
هذه الدراسة تهدف إلى الاهتمام بفن الرواية الإسلامية أو كتابة الرواية من خلال منظور إسلامي، بوصفها جنسًا أدبيًا مهمًا، يمكن أن يدعم الأدب الإسلامى ويمده بالكثير من الثروة والقيمة الفنية، إن صح التعبير.
هذه الدراسة تهدف إلى الاهتمام بفن الرواية الإسلامية أو كتابة الرواية من خلال منظور إسلامي، بوصفها جنسًا أدبيًا مهمًا، يمكن أن يدعم الأدب الإسلامى ويمده بالكثير من الثروة والقيمة الفنية، إن صح التعبير.
لقد ركز الأدباء الإسلاميون فى معظم أعمالهم الأدبية فى مجال الشعر، وقليلون هم الذين اتجهوا إلى ميدان الرواية والقصة القصيرة والمسرحية والملحمة، ولعل ذلك يرجع إلى سهولة التعامل مع الشعر فى مجال الإبداع، وعلى العكس من الأعمال القصصية أو الدرامية التى تقتضى جهدًا وتفكيرًا وزمنًا طويلاً. إن التصوير من خلال الشخصيات والأحداث والتركيب القصصى يبدو أكثر صعوبة من التصوير الشعري، ويحتاج إلى نفس طويل وعميق، لا يصبر عليه إلا أولو العزم من الأدباء.. وفضلاً عن ذلك، فإن البعض ينظر إلى فن القصة عمومًا نظرة فيها الكثير من الشك والارتياب، انطلاقًا من بعض المفاهيم القاصرة.. لذا كان نصيب الرواية فى مجال الأدب الإسلامى محدودًا وقليلاً.
وقد عملت هذه الدراسة على تتبع أبرز الأعمال الروائية الإسلامية بالدرس والتحليل أملاً فى تجلياتها وإبراز إيجابياتها، مع بيان قيمة المعالجة الروائية لقضايا الأمة ومشكلاتها وآمالها.. وتأثير تلك المعالجة على القارئ الذى يرى الفكرة مشخصة ومجسمة فى خياله ووجدانه من خلال أحداث ومواقف، وشخصيات ونماذج، فيكون صداها فى نفسه عميقًا وفعالاً.. على العكس من الفكرة الذهنية المجردة التى تُغرق فى الخطايا والكلام المرسل، فيكون تأثيرها وقتيًا وسطحيًا.
إن هذه الدراسة تُعنى بالقراءة التطبيقية للأعمال الروائية المختارة، بوصف القراءة التطبيقية ضرورة مهمة فى الدعوة إلى الأدب الإسلامى الذى كثر الحديث عنه حديثًا نظريًا مجردًا، وتصور بعض الناس أن الأدب الإسلامى مجرد كلام وعظى لا يتقيد بالتقاليد الأدبية ولا بالقيم الفنية، ومن ثم، فإن القراءة التطبيقية تفرز النصوص الجيدة والنصوص الرديئة، أو تبرز العناصر الإيجابية ونظيرتها السلبية من النص الأدبي، فتثبت أولاً أن الأدب الإسلامى لا يتسامح فى هبوط المستوى الفنى ولو كانت الغاية سامية وشريفة، وتؤكد ثانيًا على عناصر القوة والضعف لدى الأديب فى عمله الأدبي، فيستزيد من الأولى ويتخلص من الثانية.
**
بدأت هذه الدراسة بتمهيد طويل حول الرواية الإسلامية المعاصرة يرصد واقعها ويعبر عن الآمال المعقودة عليها. ثم يعقب هذا التمهيد مجموعة الفصول التى ضمت القراءة التطبيقية للروايات المختارة. هذه الروايات تمثل إلى حد ما واقع الرواية الإسلامية فى العالم العربي، ثم اختيارها عشوائيًا، فضمت روايات لأدباء من العراق والأردن وفلسطين والسعودية ومصر والمغرب، يأمل الباحث أن يواصل مستقبلاً ــ إن شاء الله ــ مسيرة الرواية بالقراءة والتحليل فى شتى الأقطار العربية.
وقد أضيفت إلى قراءة الروايات المختارة، قراءة رواية أفغانية مترجمة، لتثبت ما تحدث عنه الحديث فى التمهيد من ضرورة اطلاع أدبائنا العرب على الأدب الإسلامى فى اللغات الأخرى مثل التركية والفارسية والأردية وغيرها، لإثراء أدبنا الإسلامى فنًا وموضوعًا.
تبقى الإشارة إلى أن القراءة التطبيقية فى هذا البحث انتهجت طريقة تحاول الاقتراب من القراء كلما أمكن، بأيسر الألفاظ وأوضح العبارات، بعدما شاع الغموض والتعقيد فى الدراسات المعاصرة دون مسوغ منهجى أو نقدى. فالغاية فى حقيقة الأمر، هى قراءة النص الروائى وفهمه واستبطان أعماقه والوقوف على أبعاده المختلفة. وعندما تصبح القراءة النقدية عبثًا على القراء والنص، فإنها تعنى أن خللاً ما يكمن فى هذه القراءة، وهو ما يعيب دراسات عديدة تدعى مسايرة التطور والنظريات النقدية الجديدة دون أن تستوعب هذه النظريات أو ذلك التطور استيعابًا حقيقيًا يسفر عن إغناء دراستنا النقدية بالعناصر المفيدة والمثمرة.
لقد طمحت هذه الدراسة إلى التركيز على جماليات النصوص الروائية موضوع القراءة التطبيقية، مع تقديم نبذة أو خلفية عن النص ومؤلفه، وعلاقة ذلك بالنصوص الأخرى للمؤلف إن وجدت، وفى الوقت ذاته، فقد اهتمت الدراسة بـ «اللغويات» انطلاقًا من واقع نقدى أهمل هذا الجانب إهمالاً ملحوظًا، وتحاول الدراسة «رد الاعتبار» للغة وخاصة فى مجال النحو والصرف، ومعالجة الأخطاء الشائعة التى ينساق إليها بعض الكتاب بحسن نية، ومسايرة لآخرين، دون تأمل أو تدقيق.
وبعد، فإن الدراسة محاولة متواضعة، نأمل أن تحرك باحثين آخرين للاهتمام بفن الرواية إبداعًا ووصفًا من أجل مستقبل أفضل للأدب الإسلامى فى اللغة العربية. وصلى الله وسلم على نبينا الكريم، وعلى آله وأصحابه أجمعين.. والله من وراء القصد ــ وهو الهادى إلى سواء السبيل.