هواجس الغرب تجهض حوار الحضارات



علي مدي العقدين الماضيين برزت الدعوة إلي حوار الحضارات أو حوار الثقافات كما يحلو للبعض أن يسميه، كظاهرة ذات وجه إنساني للتغلب علي أسباب الصراع والشقاق ومشاعر الكراهية والعداء، التي تنجم عن تباين الثقافات وتصادم القيم والتقاليد التي تحكم البيئات الاجتماعية المختلفة لشعوب العالم. وبدا وكأن أجندة السياسات العالمية بدأت تفسح الطريق أمام جهد إنساني خلاق، يعيد وضع الحضارة الإنسانية تحت مظلة اتفاق شامل، لصياغة سلم للقيم تتوافق عليه البشرية، يحافظ علي التنوع الثقافي، ويدعم وشائج التفاهم والتسامح، ويتجاوز أسباب الخلافات المصطنعة والجهالات المتفشية، ويعلي قيم الترابط والتواصل والتبادل الثقافي، بما يدحض دعاوي «صراع الحضارات» التي روج لها كثيرون علي رأسهم الأمريكي صمويل هنتنجتون. وطوال هذه السنوات لم تكن تمر مناسبة أو تقع أزمة طارئة أو مفتعلة تعكر صفو العلاقات الدولية، أو يثور لقاء في منتدي سياسي أو ثقافي أو اقتصادي إلا وتطرح فيه وعلي أجندته دعوة حارة إلي ضرورة استمرار حوار الحضارات علي مستويات مختلفة: بين رجال الدين، علي مستوي الأديان السماوية الثلاثة تارة. أو علي المستوي الثقافي بين الأدباء والمفكرين والإعلاميين تارة أخري. أو علي المستوي السياسي والدبلوماسي لمناقشة التداعيات الدولية الناجمة عن الاختلاف والخلاف المتجذر تاريخيا وإقليميا بين الدول والتكتلات السياسية تارة ثالثة، بهدف البحث عن القواسم المشتركة، وإيجاد الأرضية الكفيلة بحل المنازعات والصراعات الإثنية والعرقية ذات الأبعاد السياسية التاريخية وتجاوز مشاعر الكراهية وعقد النقص والاستعلاء الكامنة في التعامل بين الشعوب. ولا يوجد إحصاء دقيق لعدد الندوات والمؤتمرات التي عقدت خلال العقد الأخير، تحت أسماء وعناوين مختلفة في عواصم العالم شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا. ولكن الثابت أنها ربما تجاوزت الآلاف، وأنفقت عليها الملايين، واستهلكت آلاف الساعات والصفحات، سواء قبل أو بعد أحداث سبتمبر 2001 دون أن تفضي إلي تحقيق النتائج المرجوة، بل لعلها استخدمت في حالات كثيرة لإطفاء الحرائق المشتعلة لبعض الوقت، وللتغطية علي أهداف سياسية أبعد مدي وأكثر خطرًا مما يظنه الكثيرون، دون أن تؤخذ بالجدية الكافية. فقبل أحداث سبتمبر جاءت الدعوة إلي حوار الحضارات كرد فعل علي حالة التوتر التي أعقبت نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي وعودة أوروبا الشرقية إلي أحضان الغرب. واستخدمت مقولة الخطر الإسلامي بديلاً عن الخطر السوفيتي، لتجميع القطعان الأوروبية الشاردة تحت راية التحالف الأطلنطي، باعتبار أن الخطر الإسلامي هو الذي يهدد حضارة الغرب وقيمه وإنجازاته، ويعرض النظام العالمي الجديد للانهيار. وبعد أحداث سبتمبر استولت قضية الإرهاب والحرب علي الإرهاب علي مجمل الأوضاع العالمية. وجري في الغرب إخضاع معظم القضايا والمنازعات الإقليمية لنظريتهم في الحرب علي الإرهاب باعتبارها نتيجة لتنامي الأصوليات الإسلامية المتطرفة التي تمثلها جماعات عنف راديكالية بزعامة بن لادن وأمثاله ممن خرجوا من عباءة مجتمعات إسلامية متخلفة، تحكمها نظم سياسية رجعية، معادية للديمقراطية ولقيم الحضارة الغربية القائمة علي الحريات والمساواة وحقوق المرأة. وتحركها بواعث العداء والكراهية لمجتمعات الغرب المتقدمة.. في مقابل التجاهل الكامل للمظالم السياسية والنزاعات الإقليمية وسياسة الانحياز لإسرائيل وإنكار الحقوق العربية. وكانت هذه المفاهيم هي التي قدمت المبرر الأخلاقي والسياسي للحرب في أفغانستان والحرب ضد العراق، بحيث وقر في أذهان قطاعات واسعة من شعوب العالم: أن «الحرب علي الإرهاب» هي «حرب علي الإرهاب الإسلامي» ليختزل بعد ذلك في «الحرب علي الإسلام». واقترن هذا المناخ بتصريحات متناثرة من رؤساء دول وسياسيين كبار ومثقفين، تؤكد هذا التوجه وتزينه في عقول العامة، وعلي رأس هؤلاء بعض التصريحات المعروفة التي أدلي بها الرئيس الأمريكي بوش ورئيس وزراء إيطاليا السابق بيرلسكوني. علي أن هذه الموجة ما لبثت أن أخذت تنحسر في شكلها الظاهري، نتيجة الانهيار الشديد الذي أصاب العلاقات بين الغرب والعالم الإسلامي بدرجة باتت تهدد المصالح والعلاقات المتبادلة، وبالأخص في ضوء النتائج الكارثية لحرب العراق وسقوط الذرائع التي توسلتها واشنطن ولندن في شن ما أسمته الحرب علي الإرهاب.. لتفتح الطريق أمام قضايا أكثر أهمية تتعلق بالمصالح الاستراتيجية والاعتبارات الأمنية، والتحسب لمواجهة حالات الفوضي التي يمكن أن تنجم عن انهيار الأنظمة العربية القائمة أو تعرضها للسقوط تحت تأثير تيارات الإسلام السياسي المتنامية في العالمين العربي والإسلامي. وضاعفت منها المخاوف المتزايدة بسبب حركات النزوح والهجرات الكثيفة القادمة من أفريقيا ومن دول الجنوب الإسلامية إلي الشواطئ الأوروبية. لقد ظل الحوار بين الحضارات أو الثقافات يفرض نفسه علي الساحة الدولية طوال العقدين الماضيين، وانخرطت فيه القوي السياسية والثقافية والإعلامية، ثم جاءت قضية الرسوم المسيئة بمثابة اختبار عملي للعديد من القرارات والتوصيات التي أسفرت عنها الجهود الحوارية، لتثبت إخفاق هذه الجهود. وكانت المواجهة الأخيرة قبل أزمة الرسوم، تلك التي دارت حول النظام العالمي الجديد للمعلومات والاتصالات، حيث كانت المواجهة بين مبادئ سيادة الدولة والانسياب الحر للمعلومات قبل انتشار الإنترنت في منتصف الثمانينيات. أما المواجهة الأخيرة فتركزت علي الدين. وفي المؤتمر المشترك الذي عقده الاتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي في اسطنبول عام 2002، ركز علي الأبعاد السياسية للحضارة والتقدم والتناغم بين القيم المشتركة. ولكن عندما قدمت منظمة المؤتمر الإسلامي قرارًا بشأن مكافحة الإساءة للأديان للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف في أبريل 2004 جاءت الأصوات بنسبة الثلثين من بقية العالم، مقابل الثلث من الغرب أي من دول الاتحاد الأوروبي بالدرجة الأولي. وعندما وقعت أزمة الرسوم المسيئة ظهر عمق الهوة بين الطرفين في اللقاءات التي تمت في إطار عملية برشلونة والحوار الأورومتوسطي، فبينما أصرت الدول الأوروبية علي تأكيد مبدأ الحق في حرية التعبير كحق مقدس، طالبت الدول العربية المتوسطية بالتأكيد علي أن الحوار بين الثقافات يقتضي بنفس الدرجة محاربة العنصرية وكراهية الأجانب وعدم الإساءة للأديان. وهكذا بدا واضحًا أن الحوار من وجهة نظر الغرب لا يعدو أن يكون آلية لتبديد شكوك الجانب الآخر ومخاوفه، دون أن يعني تغييرًا من جانب الغرب، أو تنازلاً عن مواقفه وتحيزاته، حيث يؤمن في قرارة نفسه بأن قيمه ومبادئه هي التي يجب أن تسود، أو علي الأقل أنه يملك الحق ــ بحكم تفوقه وتقدمه الحضاري ـــ في فرض الأجندة التي تنظم الحوار وتحدد أولوياته. وتراجعت بذلك فكرة تنوع الثقافات وتعدد الهويات التي ظل الغرب يفاخر بها، فاقتصرت علي ما يجري من حوارات داخل القاعات المغلقة بين النخبة من الجانبين، دون أن تهبط إلي الشارع في التعامل الحياتي اليومي، أو تنعكس علي القوانين والترتيبات التي تصدرها البرلمانات والمجالس التشريعية. ويبدو أن الشغل الشاغل الآن في أروقة الاتحاد الأوروبي قد أصبح هو تحديد موقف الدول الأعضاء، تجاه الأجانب والمهاجرين، ولأول مرة في تاريخ أوروبا يتفق وزراء الداخلية في 16 ولاية ألمانية علي حزمة من الإجراءات تحدد الاتجاهات العامة لمنح الجنسية للقادمين الجدد من الأجانب الذين يمثلون 9 بالمائة من مجموع السكان. وطبقًا لهذه الإجراءات سوف يتحتم علي طالبي الهجرة في المستقبل حضور عدد معين من الحصص لتلقي دروس «المواطنة»، وهي تشتمل علي تعلم المبادئ الأساسية للدستور والقيم السائدة في المجتمع. واتخذت ألمانيا هذه الخطوة في نفس الوقت الذي تدور فيه مناقشات مستمرة حول إدماج الأجانب، وبالأخص من الجيلين الثاني والثالث.. اللذين باتا يشكلان أزمة اجتماعية مكبوتة، كما ظهر في اضطرابات الضواحي في فرنسا أخيرًا، حين تظاهر المئات منهم في الشوارع معبرين عن حالة من السخط والغضب والإحساس بالاغتراب. وقد كشف ساركوزي وزير الداخلية الفرنسية أخيرًا عن قوانينه الجديدة للهجرة طبقًا لنظام انتقائي، يشجع القادمين الجدد علي تعلم اللغة ومبادئ المواطنة. ولا تمنح الجنسية إلا بعد فترة إقامة قانونية تتراوح بين خمس وعشر سنوات، وبعد إجراء امتحان يجيب فيه الشخص عن عدد من الأسئلة، تحدد موقفه من الجنس، ومن قضايا المرأة، والأصولية الإسلامية، والإرهاب والتعليم. ومادامت ألمانيا وفرنسا قد انتهجتا هذا الطريق، فإن سائر الدول الأوروبية تعكف الآن علي إعادة النظر في قوانين الهجرة والإقامة. وأصبحت هذه القوانين موضوعًا للجدل والمعارك الانتخابية، كما في النمسا وهولندا وغيرهما، حيث تخوض الأحزاب اليمينية معاركها الانتخابية علي خلفية التشدد في هذه القوانين. ويذهب بعضها إلي تطبيقها بصفة خاصة علي الأجانب والمهاجرين القادمين من بلاد إسلامية، علي أساس وجود هوة واسعة من الاختلاف الثقافي في الدين والعادات والتقاليد، وما ظهر ــ خلال التجربة ــ من إحجام نسبة كبيرة منهم عن الاندماج في البيئة الاجتماعية المحيطة بهم. ولا تأتي هذه الإجراءات والتشريعات ــ كما هو واضح ــ من فراغ، ولكنها تأتي من تحولات اجتماعية حادة، تعبر عن نفسها في صورة ردود فعل عنيفة وصدامات مع الأقليات المهاجرة، التي تنحو إلي التقوقع فيما يشبه «الجيتو» في الأحياء والأطراف البعيدة من المدن والتجمعات السكانية، تتخذ سمة المشاعر المعادية للأجانب وما يمثلونه من عقائد وعادات غرائبية ولون مختلف للبشرة والملامح والأسماء والطقوس الاجتماعية. ويسود في التعامل اليومي مع هذه الأقليات «منطق الرفض» و«نرجسية الاختلافات البسيطة» التي تهدد الأمن وتنتهك الكرامة الفطرية للفرد. وفي تحليله الرائع في رواية «الهويات القاتلة» يقدم لنا أمين معلوف تلك التجربة الإنسانية التي توضح كيف يتحول الجيران بين عشية وضحاها إلي أعداء، يختزلون آدمية بعضهم البعض في سمة اختلاف واحدة، ومن هنا لم يكن غريبًا تكرار حوادث الاعتداء التي وقعت علي أشخاص ملونين أثناء سيرهم دون أدني سبب في بعض المدن الألمانية، أو إطلاق الرصاص علي تجمع من غير البيض في قلب بروكسل يصيب فتاة من مالي كانت ترعي طفلاً أبيض، أو تدبير مذبحة ضد مصلين في مسجد بتكريت. غير أن الإحساس بالدونية علي الجانب الآخر بين الأقليات المهاجرة عادة ما يتداخل مع المعتقدات، فيستدعي مقاومة للمدركات والعادات والمعلومات التي يتلقاها الشخص في بيئته الجديدة، وتؤدي هذه المقاومة إلي إصدار أحكام مسبقة تحول دون التعلم والتغيير والاندماج. ويعرف علماء «النفس الاجتماعي» هذه الظاهرة بـ «التنافر المعرفي Coghitive dissonance» وهي تقوم علي آلية بسيطة مؤداها: إذا لم تتمكن من الحصول علي ما ترغب فيه، فإنك تميل إلي بخس قيمته حتي يمكنك الاستمرار في الحياة في سلام مع نفسك ومع المجتمع.. وهي نفس قصة لافونتين عن الثعلب الذي لم يتمكن من الوصول إلي العنب لأنه كان عاليا، فتركه وهو يقول لنفسه: هذا العنب حصرم لا يؤكل. وفي مقابل ذلك يعتقد بعض الباحثين أن أوروبا تعاني بدورها من «أزمة هوية» لا تقل في حدتها وعمقها عن «أزمة الهوية» التي يعاني منها المهاجرون المسلمون في الغرب. وفي رأي دودينييه مسئول الأمم المتحدة في شئون العنصرية والخوف من الأجانب، أن سبب إخفاق حوار الحضارات والثقافات يرجع إلي أن أوروبا باتت تخاف من نفسها، وتبدي عزوفًا شديدًا عن مواجهة واقعها المتعدد الثقافات والأعراق، والتردد في الاعتراف بحاجة مجتمعاتها إلي دماء جديدة من المهاجرين لمواجهة الانخفاض المستمر في عدد السكان ونقص الأيدي العاملة، وازدياد معدلات الشيخوخة في مجتمعات تفقد شبابها وحيويتها تدريجيا. وبعبارة أخري هناك صدام لم تتغلب عليه أوروبا حتي الآن بين القوميات التقليدية التي عرفتها الشعوب الأوروبية علي مر تاريخها وفجرت كثيرًا من المنافسات والأحقاد بين دولها، وبين الهوية الأوروبية الجديدة التي يرمي الاتحاد الأوروبي إلي صياغتها في سبيكة واحدة تقوم علي تنوع الثقافات وتعدد اللغات تحت راية وحدة أوروبية ودستور أوروبي، وعملة أوروبية، وقوانين وتشريعات أوروبية تذوب فيها القوميات. والحاصل أن الشعوب الأوروبية مازالت عاجزة عن الذوبان في قومية أوروبية واحدة تعترف بالتنوع الثقافي داخلها، وما برحت ترتد علي أعقابها إلي قومياتها الأصلية بين حين وحين، مما يفسح الطريق أمام إحياء مشاعر الكراهية والعداء للأجانب وما يقترن بها من عنصرية وتفرقة بين الأديان. لا تنبئ الحصيلة المتوفرة من حوار الحضارات حتي الآن عن نتائج إيجابية يمكن أن تفضي إلي ردم الهوة بين الغرب والعالم الإسلامي، ولا تنبئ أيضًا بأن الحوار يمثل آلية ناجعة للتوصل إلي توافق عالمي يحرر العلاقات الدولية من الخلافات والصراعات الناجمة عن اختلاف الثقافات. وهناك أسباب قوية تدعو للاعتقاد بأن حوار الحضارات لم يعد يحتل الأولوية التي تعلقت بها الآمال، بل حلت محله استراتيجيات تعطي الأولوية للأمن القومي ومحاربة الإرهاب والتطرف، وضبط الهجرة، وفرض نظم للإقامة والجنسية تحد من مخاطر الإخلال بالأوضاع الاجتماعية والتقاليد الأوروبية التي تفجر أزمات مثل أزمة الرسوم المسيئة أو إساءة معاملة الأجانب والاعتداء عليهم ومحاولة تغيير هويتهم بالقوة. وتنطوي هذه السياسات بالضرورة علي السعي لإدخال أشكال معدلة للإسلام، ذات خلفيات أمنية وسياسية، وزرع نماذج حضارية تستهدف صب التعاليم الإسلامية في قوالب غربية بحيث أصبح هناك حديث عن الإسلام الفرنسي والإسلام الألماني والإسلام الأوروبي. وهو ما يعطي للغرب نوعًا من الوصاية والاستعلاء، يحول دون قيام حوار حقيقي علي أساس من التكافؤ والندية. وفي آخر اجتماع عقده خبراء أوروبيون لوضع وثيقة تمثل مرجعًا معترفًا به في المسائل الدينية ــ بعد أزمة الرسوم ــ كانت الحصيلة النهائية هي الاتفاق علي تجنب التصنيفات الخاطئة التي تؤدي إلي الخلط بين الإرهاب والإسلام، وعدم استخدام عبارة «الإرهاب الإسلامي» حتي لا يرتبط الإرهاب بديانة بكاملها، مع التحفظ في استخدام كلمة «أصولية» وكلمة «الإرهاب الجهادي» الذي يعتبره المسلمون مهينًا. إن الفشل الذي مُني به حوار الحضارات حتي الآن، لا يعني أن العبء يقع علي عاتق الغرب وحده، أو أن العرب والمسلمين لا يتحملون نصيبًا مساويا من المسئولية، فالاستعلاء الغربي يقابله علي الجانب الآخر تيارات إسلاموية ترتدي ثوب الوصاية علي قيم الغرب وممارساته وثقافاته. ولا تكف عن اتهامه بالانحلال والمادية. وتعمد إلي الانزواء والانكفاء علي الذات والعزوف عن التفاعل والاندماج مع المجتمعات الغربية التي تقبلتها وأفسحت لها مكانًا للعيش والرزق والتعليم لها ولأبنائها، أو اللجوء إلي أساليب العنف والتطرف وتحدي القوانين والتقاليد في المجتمعات التي استضافتهم. والنتيجة الطبيعية لذلك هي لجوء الحكومات الغربية إلي تشريعات وإجراءات تكفل طردهم وإغلاق أبواب الرزق والعمل أمامهــــم، وإشـــــعال العــــداء والكراهيــــة بين الثقافات والشعوب علي نحو لا يخسر فيه غير العرب والمسلمين في نهاية الأمر.

حوار الحضارات لم يعد يحتل الأولوية التي تعلقت بها الآمال، بل حلت محله استراتيجيات تعطي الأولوية للأمن القومي ومحاربة الإرهاب والتطرف، وضبط الهجرة، وفرض نظم تحد من مخاطر الإخلال بالأوضاع الاجتماعية والتقاليد الأوروبية
هذا المحتوى مطبوع من موقع وجهات نظر
وجهات نظر © 2009 - جميع الحقوق محفوظة