الوباء الطائر في طريقه إلي وادي النيل ..سيناريو رعب إسرائيلي



تعيش الدولة العبرية حالة من الهستيريا في أعقاب صدور دراسة عن وزارة الصحة الإسرائيلية تفيد بأن ربع سكان الدولة مرشحون للإصابة بمرض «أنفلونزا الطيور»، الذي سجلت الإصابة به في دول جنوب شرق آسيا وكازاخستان وتركيا ووصل أخيراً إلي دول أوروبا الشرقية.وتؤكد الدراسة التي أعدها خمسون مختصًا في كل المجالات الطبية أنه أصبح في حكم المؤكد أن هذا المرض سيتفشي في الدولة العبرية. وتتحدث الدراسة عن سيناريو رعب حقيقي يتمثل في تأكيدها أنه من المتوقع أن يعاني ربع سكان الدولة من هذا المرض، أي مليونا وستمائة ألف شخص. وتؤكد الدراسة أنه من المتوقع أن يموت 2900 إسرائيلي بسبب المرض، في حين سيضطر 780000 إسرائيلي لمراجعة طبيب، و10000 سيضطرون لتلقي علاج في المستشفي. وتشير الدراسة إلي حقيقة أن نصف الذين ثبتت إصابتهم بالمرض في دول جنوب شرق آسيا قد توفوا، الأمر الذي يجعل المعطيات التي تقدمها الدراسة عن عدد الوفيات المتوقعة في إسرائيل «متفائل» إلي حد ما. وتتوقع الدراسة أن يتفشي المرض في الدولة خلال الشتاء القادم، مع العلم أن الدراسة تتوقع ألا يقتصر انتشار المرض علي المدة الزمنية التي اعتادت الأنفلونزا التفشي خلالها، وهي من شهر نوفمبر وحتي مارس، بل أنها تتوقع أن يمتد إلي جميع أيام السنة. وإن كانت لا تستبعد أن يتم هذا بشكل متدرج، مستذكرة أن فترة حضانة الفيروس المسبب للمرض في الجسم تتراوح من 24 -72 ساعة. وتؤكد الدراسة إلي أنه لا يمكن تحديد الفئات العمرية المرشحة للإصابة، وإن كانت تتوقع أن تمس بالأشخاص في أطراف العمر من أطفال وعجزه بشكل أساسي، لكنها تستذكر حقيقة أن معظم الوفيات التي تفشت في بريطانيا في العام 1957 بسبب أحد أنواع الأنفلونزا كانت بشكل خاص من الشباب. وتتوقع الدراسة أن يعاني كل شخص من المرضي لفترة تتراوح من 4- 5 أيام. وتفيد الدراسة أن نسبة الإقبال علي تلقي العلاج في المستشفيات سترتفع بنسبة 40-60%، وتطرأ زيادة بنسبة 60% علي عدد الذين يحتاجون للتنفس الصناعي، مع العلم أن المشاكل في التنفس هي أحد أهم الأعراض المرافقة للإصابة بالمرض. وتتوقع الدراسة أن يؤدي تفشي المرض في الدولة العبرية إلي خسائر اقتصادية هائلة. وحسب الدراسة فإن العمل في دوائر الدولة والمؤسسات الخاصة سيتعطل بشكل واضح. وأكثر مواطن القلق في هذا الجانب كما تشير إليه الدراسة هو حقيقة أن العاملين في الطواقم الطبية هم المرشحون ليكونوا الأكثر تعرضاً للإصابة بالمرض بسبب اضطرارهم للاحتكاك بالمرضي، وهذا يعني إضافة مزيد من الصعوبات علي قدرة الدولة العبرية علي مواجهة المرض. وتتوقع الدراسة أن يتم إقفال المدارس وبالذات الابتدائية، وتستذكر الدراسة أن 50% من طلاب المدارس الابتدائية في بريطانيا تغيبوا عن المدارس في العام 1957 عندما تفشت الأنفلونزا. ويفترض أن تطور وسائل الاتصال وسهولة متابعة الناس لتطور تفشي المرض لن يزيد إلا في مفاقمة الشعور بالفزع الذي سيعم الدولة العبرية. الدراسة وإن كانت لم تستطع حصر الخسائر المتوقعة لتفشي هذا المرض، إلا أنها تشير إلي معطيات المركز الأمريكي لمراقبة الأمراض الذي يتوقع أن يمني الاقتصاد الأمريكي بخسائر تتراوح بين 71- 166 مليار دولار في حال تفشي المرض في الولايات المتحدة الأمريكية. وتشير الدراسة إلي أن المرض مرشح للانتقال لإسرائيل بواسطة الطيور المهاجرة من أوروبا وتركيا وتمر بإسرائيل في طريقها لدول شمال أفريقيا. وتفترض الدراسة أن عدداً كبيراً من هذه الطيور ستكون مصابة بالمرض وتحمل الفيروس المسبب له. إلي جانب ذلك فإن هناك احتمالاً أن ينتقل المرض للدولة عن طريق عشرات الآلاف من العمال الأجانب الذين يفدون للدولة العبرية من دول جنوب شرق آسيا التي تمت فيها العام الماضي عشرات من حالات الإصابة بالمرض. ولا تساهم حقيقة أن معظم هؤلاء العمال يعملون بشكل غير قانوني إلا في مضاعفة الخوف، حيث سيكون من الصعوبة بمكان تحديد مكان العمال المصابين بالمرض وطردهم إلي بلدانهم. وذلك علي الرغم من أن الدراسة تشدد علي أنه تم تسجيل حالات قليلة جداً تمت فيها الإصابة بالمرض عن طريق انتقال فيروس المرض من إنسان إلي آخر، حيث تبين أن أكثر حالات الإصابة تمت عن طريق انتقال الفيروس من الطير للإنسان. وتشير الدراسة أن إسرائيل استعدت منذ العام 1997 لإمكانية تفشي هذا المرض، وشكلت وزارة الصحة العديد من الطواقم المهنية من كل التخصصات ذات العلاقة لوضع خطة «قومية» لمواجهة احتمال تفشي المرض. ومن ضمن الإنجازات التي حققها أعضاء هذه الطواقم هو وضع هذه الدراسة. الذي يثير المخاوف في إسرائيل بشكل أساسي هو حقيقة أن مساحة الدولة العبرية صغيرة نسبياً، الأمر الذي يصعب عملية عزل المناطق المصابة بالمرض. وتذكر الدراسة أنه في القرون الأربعة الماضية عاني العالم من واحد وعشرين وباء ناجمة عن تفشي الأنفلونزا، ومن بينها ثلاثة تفشت في القرن الماضي، كان أخطرها « الأنفلونزا الأسبانية التي تفشت بشكل أساسي في أوروبا من العام 1918 إلي 1957 وأدت إلي وفاة 50-100 مليون شخص. وتؤكد الدراسة أنه بعد الخلاص من مرض أنفلونزا الطيور، فإنه لابد أن يطرح السؤال التالي: هل سيتفشي مرض أنفلونزا جديد في أرجاء العالم؟، بل متي سيتفشي هذا المرض؟ إجراءات هستيرية وكما هو الحال في إسرائيل دائماً، فإنه حتي في مواجهة هذا المرض لا يمكن فصل الاعتبارات الاستراتيجية الخاصة بالدولة التي تريد إقناع اليهود بكل وسيلة أن العيش فيها هو الأفضل لهم. من هنا فإن الدراسة الإسرائيلية توصي باتخاذ إجراءات يمكن وصفها بالهستيرية من أجل مواجهة المرض. وتهدف الإجراءات التي توصي بها الدراسة القيادة السياسية باتخاذها من أجل مواجهة المرض إلي تقليص فرص إمكانية انتقال الفيروس من شخص إلي آخر. وتشمل التوصيات: 1- تشكيل هيئة حكومية مهمتها مراقبة سبل مواجهة المرض والحرص علي اتباع الإجراءات الصحية إلي يتم إقرارها من قبل وزارة الصحة، بحيث تعمل هذه الهيئة علي مدار الساعة. 2- وقف استخدام وسائل النقل العامة في الدولة العبرية بشكل عام، بما في ذلك وقف العمل في خطوط القطارات وحافلات النقل العام، وإغلاق المدارس والمراكز الجماهيرية، ودور السينما والمسارح. 3- تشجيع سكان الدولة في المرافق الخاصة علي العمل من داخل المنازل عن طريق نقل التعليمات من أرباب العمل للعمال عبر الهاتف والفاكس، وذلك في المرافق التي يمكن أن تسير فيها الأمور علي هذا النحو. 4- توزيع الكمامات الواقية التي تزخر بها مخازن قيادة الجبهة الداخلية التابعة لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي علي سكان الدولة واستخدامها في تنقلاتهم، مع العلم أنه عادة ما يتم توزيع هذه الكمامات من أجل مواجهة إمكانية استخدام سلاح كيماوي أو بيولوجي في هجوم علي إسرائيل. 5- وتوصي الدراسة بإجراء متطرف يتمثل في إمكانية عزل المرضي في بيوتهم بدلاً من نقلهم للمستشفي وذلك بالطبع باختيارهم. 6- منع التحرك داخل الدولة العبرية في المناطق التي سجلت فيها حالات إصابة بالمرض بين السكان، وتقليص سفر الناس لهذه المناطق. 7- تجنيد أعداد كبيرة من مفتشي الصحة ووضعهم في الموانئ والمطارات والمعابر الحدودية لتوقيف كل شخص تظهر عليه أعراض المرض المتمثلة في ارتفاع درجة الحرارة والإسهال وضيق التنفس وإخضاعهم لفحوصات طبية عاجلة، وستتم إعادة كل شخص تثبت إصابته بالمرض إلي بلده إن كان «أجنبياً»، وإن كان إسرائيليا يتم عزله بشكل فوري. أما الإسرائيليون القادمون من مناطق تعاني من المرض فإنه سيتم إخضاعهم لفحوصات حتي لو لم تظهر عليهم أعراض المرض. 8- وتوصي اللجنة بإعداد بنية قانونية تسمح بإضفاء شرعية قانونية علي هذه الإجراءات، وذلك عن طريق قيام الكنيست بسن قوانين تمد مؤسسات الدولة بهامش مناورة واسع لاتخاذ ما تراه مناسبًا من أجل مواجهة المرض. وهناك تخوف من أنه بدون سن قوانين جديدة فإن هذه الإجراءات قد لا تنجح في اجتياز الالتماسات التي ستقدمها للمحاكم من قبل أصحاب المصالح الذين سيتضررون من القيام بهذه الإجراءات. شكوك وتعبر الدراسة الإسرائيلية عن تخوفها من إمكانية أن تتفشي النسخة الجديدة من الفيروس الذي يسبب مرض « أنفلونزا الطيور»، وهو الفيروس الذي تؤكد منظمة الصحة العالمية أنه لم يتم حتي الآن تطوير أمصال مضادة له، مع العلم أنه تم تطوير أمصال ضد الفيروسات الثلاثة الأخيرة التي ثبت أنها تسبب المرض أيضاً. وتنوه الدراسة إلي أن تطوير مصل مضاد للفيروس الذي يسبب « أنفلونزا الطيور » يحتاج لفترة تتراوح من 4- 6 شهور، وتشير إلي أن إنتاج هذه الأمصال سيكون بطيئاً، ولا تستبعد الدراسة أن تضطر الدولة العبرية كسائر دول العالم إلي استخدام الأمصال التي تم تطويرها في الماضي للنسخ القديمة من الفيروسات التي تسبب الأنفلونزا. وتري الدراسة أنه حتي لو استطاعت دول العالم تطوير أمصال مضادة للفيروس، فإن قدرة الفيروس علي مواءمة نفسه مع الظروف، فضلاً عن الآلية المعقدة التي يتبعها في إصابة الطيور والإنسان تجعل من الصعوبة بمكان إمكانية مواجهته بنجاح. وتستذكر الدراسة أن الفيروس يصيب الإنسان، إما عن طريق «إعادة التشكل» (reassortment)، أو عن طريق إحداث تغيير في تركيب جيناته (genetic shift). وتشير الدراسة إلي أن الطواقم الإسرائيلية تعكف علي أبحاث متواصلة من أجل تطوير أمصال ضد الفيروس. وتقر الدراسة بأن إمكانية مواجهة هذا المرض ستكون عسيرة. وترجع قدرة هذا الفيروس بشكل أساسي إلي قدرته العالية علي إصابة الإنسان وتمتعه بقدرة علي مواءمة نفسه مع الظروف المتغيرة، وتحديدا قدرة الجينات التابعة لمولدات الجينات (antigens) الخاصة بالفيروس علي التشكل من جديد بشكل مفاجئ، مع العلم أن مولدات الجينات الخاصة بالفيروس هي: Hemagglutinin وNeuraminidas. ومن الأهمية الإشارة إلي أن هناك مولدات جينات أخري للفيروس تتواجد في كائنات حية أخري، سيما الطيور والخنازير.
إسرائيل استعدت منذ العام 1997لإمكانية تفشي هذا المرض، وشكلت وزارة الصحة العديد من الطواقم المهنية من كل التخصصات ذات العلاقة لوضع خطة «قومية» لمواجهة احتمال تفشي المرض
هذا المحتوى مطبوع من موقع وجهات نظر
وجهات نظر © 2009 - جميع الحقوق محفوظة