الطـريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة..هل يفعلها أوباما حقا؟!



[ 1 ]
وفقا لكل القياسات الواقعية - الاسم والعرق والأصول والتنشئة - يعد باراك حسين أوباما حقا مرشحا رئاسيا ثوريا، فبالنسبة لسياسة الشرق الأوسط فعلى الأقل يتوافرلدينا مبرر ولو كان ضئيلا يجعلنا نتخيل أنه سوف يكون رئيسا ثوريا. كان الانتهاك المتطرف للسياسة الأمريكية التقليدية التى اتبعتها إدارة بوش والتى من خلالها قامت الولايات المتحدة الأمريكية بغزو واحتلال العراق واستبعاد ونبذ سوريا وتورطها فى الحرب بشغف شديد وغير مسئول لإعادة تشكيل المنطقة. سببا فى اعتبار الفترة الرئاسية لبوش بمثابة بركان ثائر حيث كانت الولايات المتحدة منقادة انقيادا أعمى لنظرة ايديولوجية جامدة فضلا عن ميلها الشاذ والبغيض لاختيار وتفضيل الوسائل العسكرية على الدبلوماسية. سوف تكون الخطوة الأولى لأوباما هى وضع نهاية لتلك الفترة العاصفة وهذا فى حد ذاته يعد انجازا لا يستهان به.
تحتل أجندة أوباما الخاصة بالشرق الأوسط مركز التكهنات الأعظم ويعد قلب هذه التكهنات هو السؤال حول قضية الصراع الإسرائيلى الفلسطيني. تتوفر بعض المؤشرات الدالة على أن الرئيس وفريقه ملتزمون تماما بالإطار العملى الواقعى والمتأنى فالحقيقة البادية عليهم انهم يأخذون وقتهم بالكامل فى مراجعة السياسات والتشاور على نطاق واسع. ومن النقاط التى كانت موضعا لدراسة فريق أوباما تلك المحاولة المتهورة لفرض نظام جديد فى الشرق الأوسط والتى قامت بها إدارة بوش وأيضا جهود بل كلينتون المتعجلة للوصول إلى تسوية شاملة. تعد بؤرة اهتمام إدارة أوباما هى على الأقل الشروع فى تحسين الأوضاع على الأرض ويشمل ذلك الوضع الاقتصادى فى الضفة الغربية. كذلك فإن لم يتم الوقف الكامــل لعملية بناء المستوطنات الإسرائيلية فعلى الأقل كبح هذه العملية ومتابعة إعادة هيكلة وتشكيل قوات الأمن الفلسطينية وتحسين العلاقات بين إسـرائيل والدول العربية.
ولكن يلاحظ أن ثمة طموحا كبيرا يفرض تواجده. لم يراهن أوباما بولايته الرئاسية على حل النزاع ولكنه لم يخجل من التحدي. الحكم على ما تم التوصل إليه من اقتراحات من قبل أوباما ورفاقه بشأن النزاع الإسرائيلى الفلسطينى يعتبر قضية ترتبط بالمصالح القومية الأمريكية. يبدو أن ادارة أوباما تستعد لتكريس عاصمة يعتد بها دبلوماسيا واقتصاديا وربما سياسيا لتحقيق هدفها وعندما تتم تسوية قضية الأرض فسوف يكون الهدف هو الوصول إلى حل الدولتين الشامل.
من الوهلة الأولى يتوافر أكثر من مبرر لجعل الحيرة والشك يتفوقان على الثبات واليقين فإذا كان هذا هو هدف الرئيس أوباما فإن هذا الهدف سوف يكون محاطا بظروف مشئومة غير مواتية. فى اسرائيل فقد تم استبدال رئيس الوزراء ايهود أولمرت - الذى لم يمل من تكرار تأكيده التزامه بالدولة الفلسطينية - بآخر وهو بينيامين نيتنياهو الذى يسمح لنفسه بشكل ظاهر للعيان أن يروج للكلام الزائف. يتسبب شركاؤه فى الائتلاف - وهم خليط من اليمينيين والاحزاب الدينية والذين يكنون كراهية شديدة للأجانب - فى جعل الأمور أكثر سوءا، حتى المشاركة من جانب إيهود باراك وحزبه العمل فى الائتلاف لا تعطى الا إحساسا ضئيلا بالراحة. كان باراك رئيسا للوزراء عندما تم تقويض المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية فى كامب ديفيد عام 2000 حيث كان الدرس الأساسى الذى لاح لديه هو الشك فى كل ما هو فلسطينى فى حين كان وزير الدفاع الذى ينتمى لأولمرت يضمر بشكل ظاهر ازدرائه لكافة المحادثات التى أقامها الفلسطينيون مع حكومته وقام بطردهم واصفا تلك المحادثات بالحلقة الدراسية. فيما يبدو أنه من الصعب أن يذهب هذا التحالف الجديد لأبعد مما فعل سلفه وهذا من وجهة النظر الفلسطينية يعد غير كاف.
على الجانب الفلسطينى فقد باءت محادثات المصالحة التى تبنتها الوساطة المصرية المكثفة بالفشل فى التقريب بين الحركتين الوطنيتين فتح وحماس وتحت أى ظروف فإن الثمن الباهظ الذى دفعوه مقابلا للفرقة بينهم كان هو تفجير الأوضاع فى غزة واشتعال الحرب فى شهرى ديسمبر ويناير بين اسرائيل وفلسطين. وإذا كانت لا تزال هناك حاجة إلى إثبات فإن هذا الصراع قد أثبت أن الرئيس محمود عباس لن يستطيع الحديث حول السلام ما دامت إسرائيل مستمرة فى الحرب ضد الفلسطينيين وأن الفلسطينيين لن يستطيعوا أن يقيموا سلاما مع إسرائيل طالما أنهم فى حرب مع أنفسهم. تمتلك حماس القوة لإفساد أى تطور وسوف تستخدمها، تستطيع أن تتصرف كخصم عنيد ضد أى محاولة فلسطينية قيمة للتسوية. المفاوضات الثنائية التى فشلت عندما كان أولمرت رئيسا للوزراء وكانت حماس مجرد زمرة فلسطينية من المستبعد أن تنجح بعد انتقال الدفة إلى نيتانياهو وتحول حماس إلى حقيقة إقليمية.
وبرغم هذه الصورة الكئيبة فإن إدارة أوباما مصممة على الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق نهائى قد يكون السبب فى ذلك توافر اعتبارات أخرى لدى أوباما. من ناحية ما هو ينوى الالتفاف حول المفاوضات بين الأطراف معتمدا على تضافر الدعم العالمى واسع النطاق والذى يشمل الدول العربية وروسيا والاتحاد الأوروبى عارضا حل الدولتين بكل تفاصيله، وبذلك يكون قد وضعهم تحت ضغط شديد يمنعهم من الرفض. ينبع هذا المفهوم من نظرية مؤداها أن كلا من القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية- طبقا لخلفية من التحايلات والمكائد -غير قادرتين على التوصل إلى اتفاق وذلك يحتم حشدا عالميا من أجل الضغط والإقناع للتوصل إلى آخر الخطوات الحاسمة.
إنه خيار واحد ولكن قبل القفز تجاهه فهناك قضايا جوهرية لابد من استكشافها. دفع الزعماء لتأييد اتفاق السلام لن يكون عاديا ولكن ذلك ربما لا يكون التحدى الأكبر. السؤال الآخر هو كيف سيرحب كل من الشعبين الاسرائيلى والفلسطينى فى ظل المناخ الحالى بحل الدولتين؟ وهل ستكون النظرة إليه كحل شرعى أم غير شرعي؟ هل سينظرون إليه كنهاية للصراع أم مجرد بداية لجولة جديدة؟ هل سيكون ذا فعالية أكبر فى حشد المؤيدين أم تحفيز المعارضين؟ خلاصة القول ما الحل الذى سيقدمه بالفعل «حل الدولتين»؟


[ 2 ]

فى الآونة الأخيرة يدور التحدى المتمثل فى إنهاء الصراع الاسرائيلى الفلسطينى كلية حول ترقيع تفاصيل «حل الدولتين»، كما أن الجهود المبذولة للتسوية سواء كانت رسمية أم غير رسمية تركز على عملية تعديل نسب ضم الأراضى وتبادل الأراضى والتعريف بالحدود وبأشكال السيادة على القدس أخذا فى الاعتبار ما يخص الدولة الفلسطينية ووصف سماتها ويتوجه الاهتمام الأعظم إلى إيجاد التقنية لإعادة توطين وتعويض اللاجئين. إن الفشل والعجز المتكررين فى تلبية تطلعات الجانبين الاسرائيلى والفلسطينى بالقطع يثير الحيرة ولكن هذه الصعوبات لا تشكك فى الافتراض بأن توازن المصالح أمر حتمى ولابد من توافره فى «الحل القائم على الدولتين» بشكل جاد.
لم يتمكن الرئيس عباس ورئيس الوزراء أولمرت من التوصل إلى تسوية عام 2008 انطلاقا من الأهداف التى كانت محـددة لمؤتمر أنابــوليس ولكن ذلك لا يدعــو للشــك فى الفرضية القائلة بأن المزيد من المحاولات قد يعطى نتائج مختلفة . يعرف عباس بأنه أكثر الزعماء الفلسطينيين واقعية ، أولمرت سلك طريقا غير مباشرا لمعسكر السلام وهو يبدى إيمانا بحتمية التغيير ولو كان ذلك آجلا. بعد شهور من المحادثات رفض عباس اقتراحا اسرائيليا بالتنازل متعلقا بحجم الأرض المحتلة التى تخص الفلسطينيين والذى كان موضع رفض ياسر عرفات قبل ثمانى سنوات وتعرض للشجب بصفته خصما عنيدا للسلام ، ليس هناك سبب يدعو إلى الاعتقاد بأن المزيد من التغيير والتبديل فى الاتفاق قد يحدث اختلافا.
اتفاقية الدولتين لكى يتم تفعيلها فلابد أن تخاطب إلى حد كبير تطلعات الجانبين فتحفظ لاسرائيل هويتها اليهودية وتمنحها الحدود النهائية المعترف بها وتظل بذلك محتفظة بالأماكن المقدسة اليهودية، ويعيش الفلسطينيون فى الضفة الغربية وغزة متحررين من الاحتلال الاسرائيلى ويحكمون الاماكن المقدسة الإسلامية فى القدس ويحصل اللاجئون على فرصتهم فى اختيار حياة طبيعية من خلال إعادة توطينهم وتعويضهم. إذا كان بالإمكان تحقيق هذه الاهداف فلماذا تثبت الاطراف عدم القدرة على تسوية النزاع؟
إن التطلعات تعكس التجربة التاريخية وبالنسبة إلى يهود اسرائيل فإن هذه التجربة تشتمل على التشريد والاضطهاد وحياة الجيتو وفظائع المحرقة والبحث الطويل المحبط عن وطن طبيعى مقبول ومعترف به. ثمة توق شديد لمستقبل لا يسمع فيه صدى الماضى ويتوفر فيه الامن لليهود. والقبول بالتواجد اليهودى فى المنطقة بدون إبداء أية تساؤلات حول هذا التواجد ولكن هذا غير مضمون حتى بالتفوق العسكرى الخارق.
بالنسبة للفلسطينيين فإن مطالبهم الاولية تتعلق بتجربتهم التاريخية المتمثلة فى انتزاع الملكيات والطرد والتشتيت والتشريد والمذابح والاحتلال والتعصب وامتهان الكرامة والاصرار على قتل زعمائهم وتمزيق السياسة الوطنية لهم بلا هوادة. انهم يريدون الانصاف والتعويض.
إن توق الجانبين الاسرائيلى والفلسطينى لتحقيق تطلعاتهم من خلال اتفاقية الدولتين سوف يرتبط بصعوبة وفاء هذه الاتفاقية بكافة الوعود. لقد تطور الهدف على مر السنين من الرغبة فى الوصول إلى سلام إلى الحل القائم على الدولتين. قد تعطى هذه الاهداف الانطباع باشتراكها فى المغزى ولكن ليست هذه هى الحقيقة فالسلام قد يكون ممكنا من دون اتفاق من هذا القبيل كما أن مثل هذا الاتفاق لا يلزم بالضرورة أن يؤدى إلى سلام، يمكن ان يكون تقسيم الارض وسيلة هامة لتحقيق دولة قابلة للحياة ودائمة وتعايش سلمى بين الاسرائيليين والفلسطينيين ولكن ذلك ليس نهاية المطاف.


[ 3 ]

إن فكرة إنشاء دولة فلسطينية إلى جانب اسرائيل طالما كانت مثيرة للاضطراب والقلق منذ خطة بريطانيا لعام 1930 وحتى خطة التقسيم من قبل الامم المتحدة لعام 1947 ، ان التقسيم يعنى القبول بمساحة اقل من المساحة الكلية التى كانت متاحة وقت الانتداب البريطاني، يتم تقليص حقوق اللاجئين الفلسطينيين الذين اعتقلوا أو طردوا أو فروا فى عام 1948. وطبقا لتاريخها فان حركة التحرير الفلسطينية لن تجد ما تفعله. ولن يلين الاسرائيلين الذين لا يبدون حماسا لفكرة إقامة الدولة الفلسطينية ويرونه حلا مصطنعا وبعيد التطبيق لما ينطوى عليه من مخاطرة خاصة أن الكثير من العرب والفلسطينيين ينكرون على الاسرائيليين تبادل الحق فى دولة يهودية.
فى أواخر الثمانينيات قبل الفلسطينيون بحل الدولتين ولكنه كان قبولا على مضض إلى حد ما، فقد كان الحل يقود إلى القضية الوطنية ولكنه لم يكن يتطابق كلية مع التطلعات الوطنية الفلسطينية، إنه حل يخاطب العقل ولكن لا يرتقى إلى الوصول للقلب. خلافا للصهاينة الذين تتضح أهدافهم امام أعينهم فى إقامة الدولة اليهودية فإن الفلسطينيين لديهم مبدئيا أهداف إضافية على إقامة الدولة الفلسطينية واذا كان غياب الدولة الفلسطينية ليس هو المصدر الوحيد لسوء الحظ فإن إقامتها لن تكون الحل الشامل الذى يحقق أهداف الفلسطينيين.
تبنى فكرة إقامة الدولة كان بشكل أساسى من صنع يدى رجل متفرد، بتقدير عال لقيمة الوقت وبدهاء وبراعة سياسية وبجسارة مشهودة وتحدٍ غير ياسر عرفات من موقف حركته ولم تكن جهوده خالية من الغموض ، لقد تداخل فى اللعبة السياسية بين الفلسطينيين والاسرائيليين على نحو أقلق الاسرائيليين من خلال تقديم حل الدولة كحل ومحطة على طريق المفاوضات . فقد توصل إلى حل وسط بين القبول بالدولة الاسرائيلية بحدود 1967 ويعد ذلك مكسبا كما ربط بين الاثباتات التاريخية النابعة من الدفاع عن الكرامة والشرف وبين مسألة التقسيم، واستطاع أن يقنع الغرب واسرائيل بصدقه فى الاعتقاد بحل الدولتين مستندا إلى سجل حافل من النضال وتحمل المسئولية وكان هذا السجل هو الكنز الثمين الذى ساعده فى الترويج لفكـرة الدولتين لدى شعبه.
لا يمتد مفهوم الدولة بين الفلسطينيين إلى زمن بعيد حيث عانى هذا المفهوم من محاولات دحضه خاصة على أيدى البعض من اللذين يحاولون تجريده من مغزاه الحقيقي. ولكن جوهر ومضمون هذا المفهوم كان مستهدفا للكثير من المفاوضات الاسرائيلية - الفلسطينية الرسمية وغير الرسمية وهو يعكس بوضوح ما يريده الفلسطينيون ويوضح المؤيدون له أسبابهم وطريقة تنفيذه وسياقه المحلى والاقليمي، لايحكم الفلسطينيون على فكرة الدولة من حيث الجدارة فقط ولكن من حيث الشراكة أيضا.


[ 4 ]

بدأت الألفية الجديدة بقبول شبه عالمى لفكرة إقامة الدولة الفلسطينية فى وقت كان فيه تأييد هذه الفكرة بين الفلسطينيين آخذا فى الانخفاض. الرئيس بوش يعد أول رئيس أمريكى يؤيد هذه الفكرة ويضعها فى إطار الرد على الصراع الإسرائيلى الفلسطينى محاولا التسارع فى تضييق التحدى للحد الادنى لمهمة بناء مؤسسات الدولة، لقد تاهت فكرة النضال والهالة الثورية التى ظللت فكر عرفات ، لم يعد محور النضال هو الحرية وإنهاء الاحتلال بل أصبحت إقامة الهياكل الحكومية هى المحور الأهم.
واحدة فقط من أكثر موروثات بوش خبثا وعمقا وغموضا قد تتسبب فى تحويل فكرة الدولة الفلسطينية من بين الأفكار الأكثر ثورية وحيوية إلى حيز الأفكار الرتيبة التقليدية، جزء صغير من الفلسطينيين معظمهم من النخبة التابعة للسلطة الفلسطينية رأوا أن بناء مؤسسات الدولة يحقق مصالحهم وهم بالفعل بدأوا العمل، بالنسبة للأغلبية فإن هذا المشروع قد لا يلبى مصالحهم السياسية الأصلية.
اليوم فكرة الدولة الفلسطينية ما تزال على قيد الحياة ولكنها خارج فلسطين. أصبح إرساء دولة أمر ذو أولوية قصوى بالنسبة للأوروبيين اللذين يرون أنه جوهرى لتحقيق الإستقرار فى المنطقة والحد من التطرف. وبالنسبة للأمريكيين فهم يرحبون بهذا الأمر باعتباره محور الجهود المبذولة لإحتواء إيران والإسلاميين المتشددين وتشكيل ائتلاف بين ما يطلق عليها الدول العربية المعتدلة واسرائيل. حتى بالنسبة لعدد كبير من الاسرائيليين الذين صاروا يعتقدون أنه الحل الوحيد الفعال للرد على تهديد وجود اسرائيل الذى تمثله الديوجرافية العربية .قد تكون كل هذه الاسباب وجيهة على الرغم من عدم تميز أيا منها بأهمية خاصة لدى الفلسطينيين، حيث يستبعد كل منها فى رؤيته للدولة الفلسطينية الهدف الأساسى الذى يكمن وراء النضال الفلسطيني.
إن التأييد العالمى لفكرة الدولتين له سلبياته فكلما زاد توجه أمريكا والغرب لهذه الفكرة ناهيك عن اسرائيل وما تحصل عليه من فوائد كلما قل التخاطب مع الفلسطينيين. ومن الصعب أن تثير اهتمام الفلسطينيين بمشروع يستهدف بوضوح حماية مصالح العدو التاريخي«اسرائيل» ويهزم واحدة من منظماتهم السياسية«حماس» ويسعى لإنقاذ الأنظمة العربية الموالية للغرب لما تبديه من التعاطف والولاء. يشعر العديد من الفلسطينيين أن مفهوم الدولة قد تعرض للقرصنة التاريخية من قبل الذين قللوا من قيمته وعارضوه عندما كان فكرة فلسطينية ليؤيدوه بعد أن حولوه لفكرة خاصة بهم. إن عملية إضفاء الشرعية على الدولة أمام العيون على المستوى الدولى قد ساعد فى تشويه تلك الشرعية أمام أعين المستفيدين المستهدفين منها.
لقد تعرض مفهوم الدولة للتشويه بما صدر عن مروجيه الفلسطينيين فاليوم لم يعد العديد من الفلسطينيين يرون زعماءهم بأنهم ينفذون مشروعا وطنيا ولكنهم يرونهم كأدوات تم تصميمها خارجيا تستهدف خدمة ودعم فصيلة فلسطينية ضد أخري. عندما تسعى السلطة الفلسطينية إلى التوجيه فلابد ان ننظر إلى الخارج: إلى الولايات المتحدة للحكم على ما إذا كان من المفترض لبرنامج حكومة وحدة وطنية سوف يكون وافيا للغرض أم للمساعدة فى وضع خطة أمنية لإسرائيل تساعدها على مواجهة التحدى الاسلامى لمصر وباقى العالم لكيفية التعامل مع قطاع غزة.
وفى كل ذلك فإن خيارات السياسة العامة للسلطة الفلسطينية لا تعطى تفضيلا للمشكلة الفلسطينية نفسها ولا تركز على المصلحة الوطنية للفلسطينيين بل تعطى الأولوية لما يجب أن تكون عليه الأمور طبقا للمفهوم الأجنبي. وعلى جانب القادة الفلسطينيين فإنهم قد يختارون مواجهة حماس من أجل الوحدة أو ربما لسبب آخر. والقرار الذى سيتم العمل به قد يأتى بنتائج عكسية على الأقل سوف يكون قرارهم، انهم يتصرفون ويتحدثون فى الوقت الحاضر وكأنهم على رأس الفلسطينيين -الاكثر احتراما- بينما هم فى واقع الامر يتركون مهمة اصلاح الاوضاع المضطربة لآخرين. كل هذه العوامل تقلل من مكانة السلطة الفلسطينية حتى فى نظر الكثيرين ممن يدعمون برنامجها وتضخم من معارضتها حتى من جانب الكثيرين ممن لا يشتركون أصلا فى شئ مع الاسلاميين.
لم يكن أيا من ذلك متعمدا فعندما وصل عباس إلى السلطةعام2005 كانت له مصداقية ورؤية حول حل الدولتين طالما شكلت له جوهر معتقداته. لم تكن للسلطة وكلا من فتح وحماس قدرة على التحدي، كان يمكن استخدام هذا الوضع بشكل جيد لتحقيق خطة عباس الاصلية والتى كانت تعدل من سياسات حماس عن طريق اكتساب تعاون من جانب الحركة الاسلامية وتحول الرئيس الفلسطينى ليأخذ دور الوساطة بين الفلسطينيين جميعا والمجتمع الدولى من أجل التوصل إلى اتفاق سلام مع اسرائيل وان لم يتحقق.
لقد تسبب اعتناق عباس للفكر الغربى الخانق -عناق الدب - فى تآكل شرعيته وتنبع سوءات هذا الفكر من كونه أمريكيا وتتعاظم سوءا من كون مصدرها الرئيس بوش. لقد فرضت حالة من التبلد ظلالها على سلطته بعد تعرضه للتدخلات الامريكية مما دفع الفلسطينيين للتساؤل حول ما إذا كانت القرارات يصفها رئيسهم أم الآخرين. وأصبحت رؤيته مشوشة بعد مسخ «حل الدولتين» وتحويله من الفكرة الوطنية إلى واحدة أخرى اجنبية.
ينبع مأزق عباس من رفضه لبعض المساعدات وأيضا الدعم الذى يقدمه له الذين يدعون أنهم يتمنون له الأفضل خاصة أمريكا وأوروبا. فقد دفعوه مرارا وتكرارا فى اتجاهات كانت ترفضها فطرته ولتجرده من فريق للدعم ولأدوات القوة اللازمة للصمود وخضوعه متباعدا عن الوحدة الوطنية متوجها إلى الاعتماد على المنتفعين الاجانب. وكانت الولايات المتحدة وأمريكا سببا فى جعله يبدو فى صورة من يتنازل ويبرر تنازله بالعجز، يبدو أن عباس هو الفرصة التى يجب ألا تفوت.


[ 5 ]

لقد كانت إقامة الدولة فى مرحلة ما انجازا فلسطينيا ولكنها الآن أصبحت مكافأة لشخص آخر. يمتلك أوباما ما لم يمتلكه أى رئيس أمريكى قبله، فلديه مشروع يستطيع من خلاله مخاطبة الجمهور الاجنبى بدون التقليل من الكرامة الامريكية أو المساس بشكلها. فى مسعاه لتوسيع نطاق المحادثات الاسرائيلية الفلسطينية بشكل أو بآخرلتشمل عشرات الدول العربية والاسلامية فسيؤدى ذلك إلى منح الدبلوماسية الامريكية فعالية ملحوظة. بالمثابرة ومرور الوقت فإن الاستراتيجية - القائمة على بناء تحالف دولى للضغط على الطرفين لتقديم التنازلات اللازمة وعرضها نهائيا لحل الدولتين - يمكن أن تنجح. حل الدولة عندما يعرضه بوش يكون شيئا ولكنه يصير شيئا آخرا تماما عندما يقدمه أوباما.
ان التكرار مرة اخرى قد يعنى المقامرة. فوجود الكثيرين من الاسرائيليين والفلسطينيين اللذين يفسرون هذا الحل كحل يروجه أناس خطأ لأسباب خاطئة وفى وقت خاطئ سوف يجعلهم لا ينظرون اليه كحل على الاطلاق وسوف يعارضونه ويحاولون حشد الدعم من اجل الوصول إلى اتفاق لا يقوم على اسباب واهية على الاقل لبعض الوقت حيث تقل فوائد الصفقة بالمقارنة بالتنازلات التى تتطلبها. بالنسبة للمعارضين فان هذا الوقت القليل سوف يكون ثمينا فاتفاقية بهذا الشكل غير القابل للتنفيذ وكذلك غير القابل للانهاء سوف تؤدى إلى نتائج متطرفة مفادها الوصول إلى اتفاق يفتقد لصلاحية التطبيق ولايمكن تحقيقه.


قد تكون هناك وسيلة اخري، نقطة البداية فيها هى بذل قليل من المجهود السريع لتحقيق الحل القائم على الدولتين او عرض اقتراح الولايات المتحدة بهذا الشأن وسوف يكون ذلك محاولة لتغيير المناخ السياسى وإعادة صياغة العملية الدبلوماسية يستتبع ذلك اولا تحديد والاعتراف بالاهتمامات والتطلعات الاسرائيلية والفلسطينية الاساسية ثم وضعهم فى صلب هذه العملية. هذا بدوره ينطوى على تغيير الطريقة التى تقدم بها الولايات المتحدة حلها الذى تؤمن بملاءمته للطرفين،بحيث يرى الفلسطينيين هذا الحل كثمرة لنضالهم الوطنى كما يراه الاسرائيليون تتويجا لمساعيهم التاريخية بدلا من أن يكون منتجا جانبيا تابعا لاستراتيجيات الآخرين. قد تكون النتيجة النهائية واحدة بالنسبة لدولتين تعيشان جنبا إلى جنب ولكن رحلة الوصول إلى هذه النتيجة لابد ان تكون اكثر صدقا وقبولا.
بعبارة أخرى لن تكون المهمة هى صقل وتلميع الأجوبة حول مسائل الحدود والأمن والقدس أو كيفية تعويض اللاجئين فذلك النهج قد أصبح جانبيا بشكل متزايد واحتلت مصالح المفاوضين الرسمية مكان الصدارة. وكذلك الحديث عن انشاء مركز المؤسسات الفلسطينية أو تمجيد حل الدولتين واعلاء قيمته فى مجال مكافحة التطرف واعادة تشكيل المنطقة. عندما دعا أفيجدور ليبرمان وزير الخارجية الاسرائيلى إلى اسقاط الشعارات القديمة التى تنادى بالارض مقابل السلام وحل الدولتين كان لديه غرضا سياسيا ووجهة نظر. ان التكرار اللانهائى لم يؤد إلى تحقيق الاهداف او حتى الاقتراب منها ولكنه أثر على مصداقيتها. إن إعادة الخطاب الامريكى مع كلا الجانبين قد يعيد التواصل أخذا فى الاعتبار آمال واحتياجات الطرفين وعودة إلى الاساسيات وهى تحديد الاعتراف ومعالجة المظالم التى عانى منها الفلسطينيون والاسرائيليون والاعتراف بحقهم فى حياة طبيعية.
استخدام لغة جديدة من شأنه أن يساعد على الوصول إلى جمهور أوسع. معسكرات السلام على كلا الجانبين لمدة طويلة عملت على بيع فكرة الدولتين ولكنهم الآن لايستطيعون بيعها فكلما زاد التوجه نحو تحديد الاقتراح كلما قلت جاذبيته. يتعين على الولايات المتحدة الوصول إلى دوائر المتشككين التى قد تحدث اختلافا فيما يتعلق بالحديث عن الدولتين ومن الامثلة على ذلك المستوطنين وهم يمثلون مجموعة ناشطة اسرائيلية يعاملهم العالم الخارجى كمجموعة من مرضى الجذام. اكثر من عملية سياسية شاملة يمكن ان تعترف بوجهات نظرهم وآرائهم وتعبر عن اهتماماتهم وتدعوهم للمشاركة فى المناقشات.
حالة اخرى بالتأكيد هى حالة الفلسطينيين فى الشتات والذين تمثل آراؤهم التطلعات الوطنية منذ البداية وستشكل الاستجابة الجماعية للمستقبل. فى مقال نشر مؤخرا للكاتب والتر راسل ميد بعنوان«أى اتفاق» كتب عن ضرورة معالجة القضايا التى تهم اللاجئين المحرومين بشكل أساسى وضرورة تجسيد القومية الفلسطينية وهذا الاتفاق لابد فى نهاية الامر ان يكون مصدرا للشرعية السياسية فى الحياة السياسية الفلسطينية.
سوف يتعين التصدى لمسألة الصراع الاسرائيلى الفلسطينى طبقا لحدود 1967 ولكن لا يمكن حل هذا الصراع إلا اذا تم التعامل مع الوضع منذ نشأته عام 1948، فى الواقع فإن مع المزيد من الاعتراف العلنى للولايات المتحدة بمحنة اللاجئين سيكون من الايسر انهاء المعاناة الحالية وطويلة المدى لهؤلاء اللاجئين، مع الاخذ فى الاعتبار ألا تكون الرغبة فى إنهاء معاناتهم حجة مريبة للقضاء على قضيتهم وطمس حقوقهم.
سوف يكون من الاهمية بمكان بالنسبة للولايات المتحدة تعديل تعاملها السياسى مع السياسة الداخلية الفلسطينية وخصوصا الرئيس الفلسطيني. عباس هو رجل فى حاجة ماسة لأن يترك وحده.إذا كانت تصرفاته يمكن التظر اليها على انها شرعية وتأييده للاتفاقية يعطى لها وزنا فإنه لايمكن أن يبدو كرئيس لبعض الفلسطينيين فقط ولكنه يجب ان يكون رئيسا للجميع. انه لا يمكن ان يسلم مهمة اتخاذ قرارات حاسمة - تحت الضغط - لأطراف خارجية بل يجب ان يضطلع بهذه المهمة بنفسه. يجب أن يسمح له بعمل ما يرى أنه حق. لا تحتاج واشنطن فقط للاعلان عن تعزيزها للوحدة الوطنية الفلسطينية ولكنها تستطيع البدء فى التحرك من خلال إشارتها إلى قبولها لأى اتفاق تسوية بين فتح وحماس يقدمه عباس باسمه. يتعين على الولايات المتحدة مواصلة دعم عباس ولابد ان تتوقف عن وضعه فى هذا الموقف السياسى المهمش والمدمر حيث يتوقف مصير شعبه على قرار الآخرين. إذا كان الهدف هو تعزيز عباس فليس هناك ما هو أفضل.
الكيفية التى سيتم بها قبول مبادرة السلام سوف توظف لخدمة المناخ الاقليمي. كلما زادت حالة الاستقطاب بين من يسمون بالمعتدلين والمتطرفين وكلما زاد التوجه نحو تعزيز المجموعة الاولى والإضرار بالثانية سوف تتولد المعارضة، وسيجد المتشددون آذانا صاغية. فى صفوف الفلسطينيين سوف ينمو شعور بأن الولايات المتحدة تخوض معركة باسمهم ولكن ليس من أجلهم.


[ 6 ]

منذ اليوم الاول لرئاسته - التى تزامنت مع حرب غزة وما سببته من صدمة فى المنطقة وتزايد التطرف وصولا للنهاية - كان الشرق الأوسط تحديا واضحا لأوباما.لابد له من الفوز بولاء مجموعة ضخمة من العرب والمسلمين الساخطين الذين أصبحوا لا يعتقدون فى الولايات المتحدة بل يكفرون بها.
الصعود سوف يكون حادا. كان انتخابه بداية لإثارة تساؤلات تحيث لم يمض وقت طويل للحكم عليه شخصيا ولكن ثمة إدانة ومشاعر سلبية تلحق بالولايات المتحدة. ولكن الرئيس الجديد يستطيع أن يعتمد على مزيد من إلقاء الخطب الرنانة وهو يتمتع بقبول جماهيرى واسع وسوف ينظر إليه فى ضوء جديد. هذا ما سوف يقوده الآن، سوف يحظى بميزة محاطة بالشك ولكن الشك سوف يبقى هائلا.


بالنسبة للرئيس الجديد سوف تكون نقطة الانطلاق هى الاعتراف ببعض الوقائع الوحشية المزعجة وهى تشمل عمق الموروث المناهض للروح الامريكية، السخرية من الخطط القديمة والصيغ المجهدة والنفور الشعبى من جانب زعماء المنطقة الذين تعتمد عليهم واشنطن، والجذب الشعبى للناشطين المسلحين ذوى السلوك المتشدد والتطرف على مستوى العالم.
والنتيجة هى أن بعض الوصفات الجاهزة لايمكن ان تنجح كما ان شحذ الاهتمام لإنهاء الصراع العربى الاسرائيلى اوالتوصل إلى حل قائم على الدولتين قد أصبح قديما بفضل التكرار العقيم. لقد فعل الرئيس بوش ذلك بحماس ربما اكثر من اى رئيس امريكى سابق ومع ذلك فقد أصغى له القليل لأن قليل فقط هم اللذين كانوا يعتقدون فيما يقول على الاقل حدث ذلك بالنسبة للفلسطينيين الذين كانوا من المفترض الجمهور المستهـدف لبوش. الاعتماد على منح المساعدات إلى الدول العربية الحليفة التقليدية او السعى لتحسين العلاقات مع اسرائيل لن تنفع كثيرا أيضا، سوف يكون ذلك عديم الفائدة وفيه إثقالا لكاهل إدارة أوباما بوزن من الشخصيات غير المرغوبة لا طائل منه كما يعد ترسيخا لفكرة مؤداها على الاقل ان امريكا تعد من حيث المحتوى امتدادا للماضي.
سوف يأتى الوقت للولايات المتحدة للدعوة لمبادرة ديبلوماسية كبرى - ليس الآن - المهمة الكثر الحاحا الآن هى تمهيد الطريق لذلك بمواجهة الشكوك التى تقابل بها كل الافكار الامريكية سـواء كانـت هـذه الافكـار جيدة ام رديئة، بدءا من خطة وزير الدولة وليم روجر لعـام 1969 ووصــولا إلى خطة خارطـة الطريق. لقد حان الوقت لوضع حد فاصل فى الكلمات والاسلوب والنهج.
بالنسبة للكثيرين فى الولايات المتحدة لقد تقلصت فكرة التغيير الجذرى إلى سؤال حول ما اذا كان سيتم الحديث مع حماس أم لا. ولكن ثمة تحول، فالتحدى الآن هو ما إذا كان أوباما سوف يتحدث إلى هؤلاء الذين تتحدث عنهم حماس إنهم الشعب الذى فقد الثقة فى أمريكا ودوافعها وكل اقتراح تقدمه.
النقطة الاوسع هي: النافذة موجودة ولكن ما سيتم هو إغلاق للموضوع بشكل مفاجئ وقصير المدى وفى أثناء ذلك يقوم أوباما جذريا بقلب فلسطين والعرب والمسلمين والتصورات المسبقة وجعلها مناسبة لخطته المستقبلية أيا وحيثما كانت هذه الخطة للحصول على محاكمة عادلة لأمريكا تؤخذ بمأخذ الجدية. لن يتم ذلك بإعادة تغليف عملية سلام منتجة من سنوات ولت. ولن يتم ذلك من خلال السعى لتدعيم قادة تراهم شعوبهم فى أحسن الاحوال ضعفاء وغير أكفاء وغير مسئولين وغيرفعالين يتسمون بالإهمال والتهور. لن يتم ذلك من خلال استدامة التمييز الوهمى وغير المفيد بين المتطرفين والمعتدلين من خـلال عـزل السابق والوصول إلى اللاحـق وانهاء حــالة الانفصــام عـن معظـم الجهات الفاعلة فى المنطقة.
لن يتم ذلك بمحاولة اداء أفضل على نفس النـهج الذى كان من قبل، فإن ميراث بوش فى هذا السياق كان مضاعف الاضرار لقد أخطأ فى فعل أشياء سيئة تسببت فى مخاطر التوقعات الكاذبة. ما الذى يمكن القيام به حيال ذلك.


حسين أغا ـ روبرت مالاي
Hussein Agha, Robert Malley


التحدى المتمثل فى إنهاء الصراع
الإسرائيلى الفلسطينى كلية حول ترقيع
تفاصيل « حل الدولتين«


بترتيب مع:
New York Review of books
ترجمة: إيمان عبدالهادى الكيلاني


من الصـعب أن تثير اهـتمام
الفلسطينيين بمشروع يستهدف بوضوح حماية
مصــالح الــعدو التاريخـي«إسرائيل»

هذا المحتوى مطبوع من موقع وجهات نظر
وجهات نظر © 2009 - جميع الحقوق محفوظة