شريعة البقرة الحمراء.. التوظيف السياسى للنص الدينى عند اليهود



دأب بنو إسرائيل منذ تاريخهم القديم على استغلال الدين وتوظيفه بما يخدم أهواءهم وأطماعهم، والأمثلة على ذلك كثيرة جدًا وتمتلئ بها أسفار العهد القديم، وأبواب المشنا Mishna(1)، وسنكتفى هنا بتناول نموذج منها وهو شريعة البقرة الحمراء(2)، التى علّقوا إعادة بناء الهيكل على إقامة هذه الشريعة التى وردت فى سفر العدد الإصحاح التاسع عشر، وهو من أسفار التوراة الخمسة التى تُنسب إلى موسى عليه السلام، ووردت هذه الشريعة فى المشنا فى كتاب الطهارة، باب البقرة. وقد وقع اختيارى على هذا النموذج لارتباطه بقضية الصراع العربى ضد الصهيونية ومشروعها الاستعمارى فى فلسطين، ولارتباطه بالمحاولات التى تقوم بها الجماعات الدينية المتطرفة فى إسرائيل من أجل هدم المساجد الموجودة على جبل المكبر بما فيها المسجد الأقصى، تمهيدًا لإقامة "الهيكل الثالث"، والتى عرضها The Center for the Protection of Democracy in Israel "مركز الحفاظ على الديمقراطية فى إسرائيل"، فى بحث على الإنترنت فى الموقع www.Keshev.org.il باللغة العربية تحت عنوان: "الهدف ـ جبل البيت (أى جبل بيت الرب ويقصدون به جبل المكبر) نظرة حالية على التهديدات التى يتعرض لها جبل البيت من عناصر قنائية ومسيحانية "ويكون مَقْدِسًا وعقبةً وحجر عثرة لبَيتَى إسرائيل وفخًا وشركًا لسكان أورشليم". سفر إشعيا 8/14 استخدم هذا البحث عدة مصطلحات ذات دلالات دينية وتاريخية، تربط بين ما تقوم به الآن الجماعات الدينية المتطرفة فى إسرائيل فى سعيها المحموم من أجل إقامة "الهيكل الثالث" لأغراض سياسية، وبين الجماعات اليهودية المتطرفة التى عاصرت ظهور السيد المسيح عليه السلام، ومنها "القناءون" وتعنى بالعبرية الغيورون، قد اشتهرت هذه الجماعة بالغلو والقسوة فى تطبيق الشريعة، واللجوء إلى استخدام العنف والإرهاب لدرجة أنهم لُقِّبوا بـ "سيقارين" وتعنى بالعبرية إرهابيون أو سفاحون، وكانوا يفضلون الخروج على القانون، بل يفضلون الموت لهم ولذويهم على الانصياع إلى الآخر المخالف لهم فى العقيدة. لقد تسببت تلك الجماعة ومن انتهج نهجها فى العنف والإرهاب والتطرف الدينى، فى القضاء على الوجود اليهودى فى فلسطين، وذلك عندما قام القائد الرومانى "تيتوس" بالانتقام منهم كرد فعل لما قاموا به من جرائم وفظائع، وقام بتدمير "الهيكل الثاني" سنة 70م، وطرد البقية الباقية منهم من فلسطين، وتشتتوا منذ ذلك التاريخ فى سائر أرجاء المعمورة وظلوا هكذا حتى منحهم الاستعمار البريطانى "وعد بلفور" وتحالف مع الصهيونية حتى تم تنفيذ هذا الوعد بإقامة إسرائيل على قسم من أرض فلسطين العربية. والبحث الذى يقدمه "مركز الحفاظ على الديمقراطية فى إسرائيل" يقرع ناقوس الخطر ويضع أمام الحكومة الإسرائيلية، ومن يهمه أمر بقاء دولة إسرائيل، النتيجة التى توصل إليها وهي: أن أية محاولة لهدم وتدمير المساجد الإسلامية الموجودة على جبل المكبر، من أجل بناء "الهيكل الثالث" وإقامة دولة دينية تحكم بالشريعة فى إسرائيل، ستهدد ليس فقط الديمقراطية فى دولة إسرائيل، ولكن ستهدد وجود وكيان الدولة ذاته!! فلقد رصد البحث تزايد نشاط الجمعيات والمنظمات الداعية إلى إقامة الهيكل خلال التسعينيات من القرن الماضى، وخصوصًا فى السنوات الخمس الأخيرة منها، بعد أن اتسعت دائرة النشطاء والمؤيدين والقاعدة الجماهيرية المؤيدة عقديا لفكرة هدم المساجد الموجودة فوق جبل المكبر (فى سنة 1990م بلغ عدد أعضاء "دعاة الهيكل" 60 شخصًا وفى أغسطس عام 2000م بلغ 50000 شخص). كما رصد البحث دور المؤسسات الحكومية فى هذا النشاط (دور وزارة الأديان، الوزراء، القضاة، رئيس لجنة التشريع فى الكنيست). وقد أرجع البحث هذه الظاهرة إلى عاملين: خارجى وهو الخوف من توقيع الحكومة الإسرائيلية اتفاقية تضفى على الوضع القائم الصفة الشرعية، وهو سيطرة الفلسطينيين الفعلية على "جبل الهيكل". أما العامل الداخلى فقد ألمح إليه البحث فى عنوانه، وهو توقعات اليهود بقرب مجيء المسيح المخلص مع اقتراب حلول الألفية الثالثة، لإقامة مملكة الرب، وهو ما أدى إلى زيادة الاهتمام والتفكير فى موضوع الهيكل. لقد أصبح الأمل فى مجيء المسيح المخلص ركنًا من أركان العقيدة اليهودية، وأصبح يسمى عند كثير من المؤرخين باسم "المسيحانية". والواقع أن الحلم المسيحانى لم يكف عن مداعبة خيال اليهود منذ السبى البابلى وحتى مطلع القرن الحادى والعشرين، فظهر العديد من اليهود الذين ادعى كل منهم أنه المسيح المنتظر، وآمن بهم الآلاف، وفى كل مرة يثبت فيها كذب هذا المسيح أو ذاك كانت العاقبة وخيمة ليس فقط على هذا المسيح الكذَّاب، ولكن على جمهور المؤمنين فهم يتعرضون لبطش السلطة الحاكمة فى البلد التى ظهر فيها المسيح، ثم تتفشى فيهم حالة من اليأس والإحباط تؤدى بالكثيرين منهم إلى التخلى عن اليهودية برمتها والكفر بها. ونظرًا لأن المستهدف والمتلقى لهذا البحث هو الحكومة الإسرائيلية، التى يتوجه إليها باقتراحاته فإنه تعمَّد فى مواضع كثيرة التلميح دون التصريح مستخدمًا مصطلحات ذات دلالات دينية وتاريخية وسياسية لتوصيل ما يريده من رسائل، والتى لن يفهمها إلا من يقصدهم بهذا البحث أو المتخصصون فى التاريخ والديانة اليهودية، لذلك فقد أخذت على عاتقى مهمة عرض أهم النقاط التى أبرزها البحث، بالإضافة إلى توضيح وشرح الجوانب التى سكت عنها دون فصل بينهما. üüü رصد البحث حوالى عشر هيئات تعمل فى مجال الإعداد للهيكل، وكل واحدة من هذه الهيئات التى يذكرها تعمل فى مجال تخصصها ولكنها ترتبط بالأيديولوجية العامة "لدعاة الهيكل" التى تقوم على نظرية التدرج، والتى تعتبر دراسة وإحياء الخدمة فى الهيكل والطقوس، هى البداية أما المرحلة النهائية فهى إقامة الهيكل فى المكان الذى توجد فيه المساجد على جبل المكبر. يدعم هذه الهيئات جماعة مساندة تشمل هيئات تشريعية، مثل "دار القضاء المجاورة لجبل الهيكل"، الجمعيات التى تقوم باستيطان "احتلال" شرق القدس، مثل "عطرت كوهنيم" التى تركز على شراء المبانى والأراضى المجاورة لحائط البراق وأسوار "جبل البيت"، معاهد دينية متطرفة مثل معهد "شوفوبانيم".. وحاخامات وقادة طوائف: 1 ـ أولى هذه الهيئات "دعاة الهيكل" وهى هيئة عليا تضم المنظمات المهتمة بجبل الهيكل. وأحد الناشطين الأساسيين فيها هو الحاخام باروخ كهانا، ابن زعيم حركة كاخ الذى تم اغتياله، وله سجل معروف فى ممارسة العنف والإرهاب. 2 ـ "حركة إعداد الهيكل" تهتم بالناحية العملية لإحياء طقوس تقديم القرابين، وغيرها من الطقوس المرتبطة بالهيكل. ونقوم بإعداد زى الكهنة وأدوات الهيكل. 3 ـ "معهد الهيكل" أُقيم عام 1983م، ويركز على إعداد الأدوات اللازمة لإحياء مائتى شريعة، والتى لا يمكن إقامتها إلا بعد إعادة بناء الهيكل، ويضم المعهد متحفًا لأدوات الهيكل، العطور، وملابس الكهنة وغيرها. والمعهد يتلقى تمويلاً دائمًا ومساعدة من السلطات القومية، ويؤكد الناشطون فى المعهد أنهم يتلقون مساعدات من هيئات بروتستانتية مسيحية. 4 ـ "حى وموجود" أُقيمت سنة 1990م، وتصف تلك الحركة نفسها بأنها مسيحانية "حركة الخلاص من أجل إحياء مملكة إسرائيل" وأهدافها هي: أ ـ تحويل إسرائيل إلى دولة دينية تطبق الشريعة اليهودية. ب ـ تفجير ونسف المساجد الموجودة فوق "جبل المكبر". 5 ـ "إلى جبل المُرّ" وهى هيئة فكرية. 6 ـ "نساء تعمل من أجل بيت المقدس" وتهتم بجمع الحلى الذهبية والأحجار الكريمة من النساء وذلك من أجل بناء الهيكل. 7 ـ "منذ البداية" والموضوع الأساسى الذى يدور حوله النقاش فى دوائر هذه الهيئة هو الصراع حول "جبل البيت" وإقامة الهيكل، ويتمحور حول أن إعداد بيت المقدس يتم بيد الإنسان، وذلك تطبيقًا للفريضة "اصنعوا لى مَقْدِسًا" أى أن إقامة الهيكل ليست معلقة ولا مرهونة بمجيء المسيح. 8 ـ "حراسات الكهنة" وينتسب أعضاؤها للكهنة، من سبط لاوى، وهم المكلفون بالخدمة وإقامة الطقوس والشعائر فى الهيكل. ومن أجل الإعداد الفعلى والتمهيدى لبناء الهيكل تم تقسيم إسرائيل إلى مناطق، يعين على كل منها مسئول عن الكهنة فى هذه المنطقة. والمهام اليدوية التى ستناط إليهم تشمل أعمال البناء، والتطهير، ذبح وتقريب القرابين، العزف. وفى مستوطنة "مصفة أريحا" يجرى الإعداد لبناء الهيكل فى تكتم شديد كما يتم تدريب الكهنة على القيام بالطقوس. 9 ـ "أمناء جبل الهيكل" وتعمل هذه الهيئة خارج سيطرة المنظمة العليا، ويتلقى رئيسها مساعدات من طوائف مسيحية بروتستانتية فى أمريكا. وهى الطوائف التى تؤمن بأن حرب يأجوج ومأجوج (3) وإقامة الهيكل، مرحلة لاهوتية لابد أن تحدث قبل قيامة المسيح عليه السلام. وقد صرح رئيس الهيئة لمندوب كشف موقع الإنترنت فى حديث بتاريخ 28/6/2000م: أنه فى الآونة الأخيرة انضم لتلك الحركة نصارى من كافة أرجاء العالم، بما فى ذلك، دول إسلامية مثل مصر، وإندونيسيا، وبلدان أفريقية، وبلغ إجمالى الأعضاء عشرة آلاف، أما فى إسرائيل فيبلغ عدد أعضاء هذه الحركة ما يربو على عشرة آلاف. وبعد أن عرض البحث نشاط الهيئات والجمعيات والمنظمات الداعية إلى إقامة الهيكل، يؤكد البحث على النتيجة التالية: أن الخطورة لا تكمن فقط فى الجمعيات والهيئات التى تضم نشطاء ذوى سجل بشع فى الإجرام والإرهاب، ولديهم القدرة على القيام بأعمال تخريبية، ولكن فى كل الجمعيات والهيئات حتى الصغيرة منها والمؤقتة، نظرًا للتنظيم والتخطيط والتناغم الذى تعمل هذه الجمعيات فى إطاره ويجعلها فى النهاية تصب جميعًا فى هدف واحد هو: أ ـ إقامة الهيكل الثالث فى المكان الذى تقوم عليه المساجد الإسلامية فوق "جبل المكبر". ب ـ إقامة دولة يهودية تحكم بالشريعة. والمحاولات التى تتم من أجل تحقيق هذه الأهداف، لا تشكل خطورة أو تهديدًا، كما يرى كاتب البحث، على الديمقراطية فى دولة إسرائيل فقط، ولكنها تهدد كيان الدولة ذاته ووجودها، فإذا كانت المرويات الدينية ترى أن "الخلاص" أمر حتمى، قدَّره الرب ولا تدخل للإنسان فيه، فإن هذه الجمعيات والهيئات تتبنى وجهة نظرمرويات هامشية متطرفة ترى أنه من الممكن استعجال "الخلاص" عن طريق القيام بخطوات فعلية تمهيدية منها: 1 ـ إحياء السنهدرين (الهيئة القضائية الدينية). 2 ـ البحث عن بقرة حمراء من أجل التطهر. "فدعاة الهيكل" يرون أن إقامة "الهيكل الثالث" تُوجب إحياء عمل "السنهدرين". وقد توصل البحث إلى أن "دعاة الهيكل" قد أحيوا فى الآونة الأخيرة فى هدوء وسرية "السنهدرين الصغير" وهى هيئة قضائية دينية تضم ثلاثة وعشرين عضوًا، والاسم مأخوذ عن الكلمة اليونانية التى تعنى "مجلس الشيوخ"، وقد شكل اليهود "السنهدرين" فى فترة الحكم اليونانى للمنطقة وكان بمثابة مؤسسة دينية تشريعية وسياسية، وهناك "السنهدرين الكبير" ويتألف من واحد وسبعين عضوًا، والمؤسستان بمثابة دار قضاء لها صلاحية إصدار أحكام إعدام وفقًا للشريعة. وكان مقر السنهدرين فى فترة الحكم اليونانى للمنطقة، فى قاعة من قاعات الهيكل. وقال بروفيسور هليل فايس وهو أحد أعضاء "السنهدرين الصغير" الذين تم تعيينهم، فى حديث لمندوب كشف بتاريخ 16/8/2000م: "يدور الحديث حول إيجاد قيادات دينية بديلة لقيادات الدولة العلمانية". ثم يرصد البحث بعد ذلك، المحاولات والجهود المبذولة من أجل تربية "البقرة الحمراء" والتى سوف يستخدم التراب الناتج عن حرقها فى تطهير الكهنة لكى يكونوا صالحين ويسمح لهم بالقيام بالطقوس والخدمة فى الهيكل. فتطهير الكهنة شرط ضرورى لإحياء الطقوس والشعائر المتعلقة بالهيكل. وسوف نتوقف عند هذه النقطة من البحث الذى يقدمه "مركز الحفاظ على الديمقراطية فى إسرائيل" لنناقش الإشكاليات التى أوقع اليهود أنفسهم فيها نتيجة توظيف الدين وتأويله معان لم يقصدها، فشريعة البقرة الحمراء فريضة أُمر بها موسى عليه السلام، وقد تضمن النص سبب فرض هذه الشريعة (العدد/19/13) "كل من مسَّ جثة إنسان قد مات ولم يتطهر ينجس مَسْكَن الرب.." فالوحى كان ينزل على موسى عليه السلام فى خيمة الاجتماع، لذلك أمرهم الرب بالتطهر، فالإنسان النجس، بدخوله خيمة الاجتماع ينجس "المكان الذى يحل عليه الرب" ويسمى فى النص (العدد19/13) "مِشْكَان" وهو اسم مكان من الفعل العبرى "سَكَن" ويسمى أيضًا فى موضع آخر (العدد 19/20) "مِقْدَاش" (4) وهو اسم مكان من الفعل العبرى "قَدُسَ" ويعنى المكان الذى تحل فيه القداسة أو القدُّوس. وتتلخص شريعة البقرة الحمراء فى أنه إذا مات إنسان فى خيمة فقد تنجست الخيمة، وتنجس كل من فيها من أشخاص وكل ما فيها من متاع وأدوات. ويظل الفرد نجسًا طيلة سبعة أيام، ولكى يطهر يجب أن ينثر عليه ماء مخلوط بتراب البقرة الحمراء فى اليوم الثالث لحدوث النجاسة وفى اليوم السابع ثم يغسل ملابسه ويغتسل بالماء ويصبح طاهرًا فى المساء. وتنحصر شريعة البقرة الحمراء كما نصت عليها التوراة فى ثلاثة أركان: 1 ـ مواصفات البقرة 2 ـ كيفية حرق البقرة 3 ـ كيفية إعداد ماء التطهير فالبقرة يجب أن تكون صحيحة، لا عيب فيها، لم تحمل على ظهرها شيئًا قط، وأن تكون حمراء داكنة، ويجب أن تُذبح أمام كاهن (من أبناء هارون الذين اختارهم الرب لخدمته) ويأخذ الكاهن من دمها بإصبعه وينثره فى اتجاه باب خيمة الاجتماع سبع مرات. ثم تُحرق البقرة على مرأى منه. ثم يجمع رجل طاهر الرماد الناتج عن حرق البقرة ويضعه فى مكان طاهر خارج مكان سكنى وإقامة الناس، ويتم حفظه من أجل إعداد ماء التطهير. ولإعداد ماء التطهير يؤتى بماء جار فى إناء وينثر عليه قليل من رماد حرق البقرة، ثم يمسك رجل طاهر بنبات عطرى (زوفا) ويغمسه فى هذا الماء ثم ينثره على الخيمة التى تنجست، وعلى جميع الأمتعة، وعلى كل من تواجد داخلها، وعلى كل من مسَّ العظم، أو القتيل، أو الميت، أو القبر. ينثر الطاهر على النجس فى اليوم الثالث وفى اليوم السابع من حدوث النجاسة. والنص كما جاء فى التوراة لم يشترط أو يحدد مكانًا بعينه لإقامة تلك الشريعة، ولم يشر من قريب أو بعيد إلى أرض كنعان، بل على العكس اشترط أن تقام بعيدًا عن مكان إقامة وسكنى الناس، ولم يشر إلى خيمة الاجتماع، إلا فى نقطة فرعية، وهى أن ينثر الكاهن بإصبعه من دم البقرة فى اتجاه باب خيمة الاجتماع سبع مرات. فلماذا علَّق اليهود إذن بناء الهيكل على جبل المكبر، الذى لا علاقة له بموسى عليه السلام بإقامة شريعة البقرة الحمراء؟ لماذا تذكَّر اليهود الآن وبعد مرور ألفى عام تقريبًا على تدمير الهيكل أنهم نجسون؟ فى واقع الأمر لا توجد أدنى صلة لموسى عليه السلام بأرض كنعان فقد مات ودُفن فى أرض موآب ولم تطأ قدماه أرض كنعان (سفر التثنية 33/49 ـ 50، 34/5 ـ 6) وليس لموسى عليه السلام صلة بهذا الهيكل أو بعقيدة الخلاص التى يؤمن بها اليهودالآن. ففكرة "الخلاص" أخذها اليهود عن الزرادشتية أثناء السبى فى بابل (586 ق.م) حين دفعتهم محنة السبى واليأس الذى انتابهم إلى التفكير فى الغيبيات، فأضفوا على فكرة الخلاص الزرادشتية، وهى فكرة لاهوتية، طابعًا ماديا سياسيا، للخروج من محنتهم، ومع الحوادث الجسام التى تعرض لها اليهود إبان السبى البابلى، وما كان قد سبقه من فساد فى ملوك إسرائيل ويهوذا، أصبح حلم الأنبياء والمصلحين والكثرة الكثيرة من اليهود أن يأتى ملك فذ من نوعه، مخلّص، معه القوة والبركة، يعيد الأمجاد السالفة، فيكون هو الملك بحق، وهو "المسيح"، ولا تظهر هذه الفكرة فى أسفار التوراة الخمسة، ولكن الباحثين، واليهود منهم بوجه خاص، تأولوا ذلك من خلال جملتين فى كل التوراة، مع كثير من التكلف والتعسف، الأولى وردت فى (تكوين 49/10)، والثانية وردت فى (العدد 24/17) وهى ليست أقل غموضًا عن سابقتها، ولم يرد فيهما ذكر المسيح أو الخلاص صراحة. أما الهيكل فقد ارتبط بناؤه بمفهوم "العودة أو الإعادة" الاستعمارى، فالملك قورش الفارسى هو الذى أصدر الأمر بإعادة بناء الهيكل (بيت الرب) الذى كان قد دمره نبوخذ نصر الملك البابلى، كما قرر قورش إعادة آنية وأدوات "بيت الرب" التى نهبها نبوخذ نصر من أجل إعادة عبادة الإله "يهوا" وهو المعبود القديم الذى كان يعبد فى أورشليم. كما قرر إعادة سبايا اليهود من بابل إلى أورشليم، ومهما كان الشعب الذى نُقل أو أُعيد إلى فلسطين، فهم بالتأكيد لم يكونوا من بنى إسرائيل، ورغم ذلك اعتبرتهم المرويات التوراتية التى ظهرت، كما اعتبروا أنفسهم سكان إسرائيل العائدين "إليها" من منفى مرير بعد أن خلصهم منقذهم الملك قورش(5). ولقد قوبل هذا الاستيطان الاستعمارى الذى زرعه قورش فى هذه المنطقة بين سكان وشعوب مستقرة منذ زمن، بمقاومة شديدة، مما دفع "العائدين" إلى التركيز منذ ذلك التاريخ على دور الهيكل فى الطقوس والشعائر من أجل تثبيت أقدام هذا الاستيطان الغريب، فاستبدل حكماء "المشنا" الهيكل بخيمة الاجتماع فى التوراة، وغالوا فى العنت والتشدد، فشريعة البقرة الحمراء التى شغلت إصحاحًا واحدًا فى التوراة (العدد/ 19) أفرد لها كتاب المشنا بابًا كاملاً يتكون من اثنى عشر فصلاً ويتضمن خمسًا وتسعين تشريعًا وتشددوا فى كل طقوسها. ونظرًا لارتباط الاستيطان اليهودى فى فلسطين، فى العصر الحديث، بالمخططات الاستعمارية أيضاً، لذلك نراه يستخدم مفهوم "العودة" أو الإعادة، فالمهاجر إلى فلسطين هو "عائد إلى أرض الآباء" وإقامة الهيكل هى "إعادة بناء بيت الرب" أو "إعادة المقداش" أى إعادة المكان الذى تسكن فيه القداسة. لذلك فليس غريبًا أن تلتزم الجماعات الدينية المتطرفة فى إسرائيل، فى إحياء الطقوس والشعائر، بالتشريعات التى وضعها حكماء "المشنا" لتثبيت الاستيطان، على الرغم مما تتسم به من عنت وتشدد، فالبقرة يجب أن يتراوح عمرها من ثلاث إلى أربع سنوات، ويجب ألا يكون بها لون يخالف لونها الأحمر الداكن، فإذا ظهرت شعرتان بيض أو سود فى بصيلة واحدة تعد البقرة غير صالحة (وهذا هو ما حدث فى "كفار حسيديم" فى مارس 1997م فقد ولدت بقرة حمراء من تلقيح صناعى تم أخذه من ثور أمريكى أحمر ووُضع فى رحم بقرة إسرائيلية ولكن بعد عدة أشهر ظهر فى ذيلها شعرتان بيضاوان، وبالتالى فلا تصلح لإقامة الفريضة، وغيرها من المحاولات، التى تكلفت مبالغ طائلة.. ولكنها جميعًا باءت بالفشل). وقرر كتاب "المشنا" ألا تكون تلك البقرة الحمراء قد جاءت إلى الحياة عن طريق شق بطن البقرة الأم، أى بولادة غير طبيعية. يجب ألا يكون قد ركب عليها أحد، أو استند إليها، أو تعلق بذيلها ليعبر نهرًا، أو لفّ الحبل ووضعه فوق ظهرها، أو وضع وشاح الصلاة الخاص به فوق ظهرها. ويجب ألا تكون عشارًا. كما فرض كتاب المشنا على الكاهن الأكبر أن يعتزل بيته قبل حرق البقرة بسبعة أيام، وهذا ما لم تنص عليه التوراة، وإنما من تأويل الحكماء، وألزم الكاهن أن يقيم طوال هذه الأيام فى حجرة إلى الشمال الشرقى من الهيكل، وكلها مصنوعة من الحجر بما فيها من أدوات وأوانى لأنه لا يتنجس. ويجب أن ينثر على الكاهن طيلة تلك الأيام السبعة من ماء التطهير المخلوط بتراب بقر قديم. ويبلغ كتاب المشنا ذروة الغلو والتزمت عندما يحدد مَنْ الذى سيأتى بالماء الجارِ الذى سيخلط بتراب البقرة؟ ومن أين سيأتى به؟ وكيف؟ فينص كتاب المشنا أنه قبل الشروع فى شريعة البقرة بثمانى سنوات يؤتى بنساء ذوات أحمال، ويقمن فى أفنية مخصصة لهذا الغرض، فهى مقامة فوق صخور بينها فراغات لكى تكون بمثابة عازل بين أرضية تلك الأفنية وما قد يكون فى باطن الأرض من قبور أو رفات، لكى يضمنوا طهارة تلك الأفنية!! وتضع النساء أحمالهن فى تلك الأفنية ويقمن بتربية الأبناء فيها حتى يبلغوا ثمانية أعوام، ويقوم هؤلاء الأطفال بجلب الماء الجارِ اللازم لعملية التطهير من نهر (شيلوه)، ولكن لكى يبلغوا هذا النهر يجب ألا تطأ أقدامهم الأرض، خشية أن يتنجسوا لوجود رفات قديم مدفون فى باطن الأرض، لذلك يؤتى بثيران توضع عليها ألواح خشبية (لتكون عازلاً) ليجلس عليها الأطفال، ويمسكون فى أيديهم كئوسًا مصنوعة من الحجر، وإذا بلغوا النهر، اختلف الحكماء هل ينزلون ويملأون الكئوس؟ أم يدلونها وهم على ظهر الثيران؟ وهكذا تتمادى تشريعات المشنا فى الغلو، فواضعو التشريعات يعتقدون أن سير الإنسان على الأرض من الممكن أن ينجسه، لاحتمال وجود رفات قديم فى باطن الأرض، وهذا غلو من واضعى المشنا ولم يأت به نص فى التوراة. وقد اكتفينا بهذا القدر من تشريعات البقرة فى المشنا، ولم نأت بها كاملة، لكى ننقل للقارئ مقدار ما فى نص المشنا من مغالاة، ولكى نمهد القارئ للنتيجة المتوقعة، فقد تسبب حكماء المشنا بتطرفهم وتشددهم وغلوهم فى عدم التزام الجمهور بهذه الشرائع وبالتالى توقفت هذه الطقوس قبل ظهور دعوة السيد المسيح عليه السلام وقبل تدمير الهيكل (المشنا، كتاب النساء، باب الجانحة 9/9). فلا ارتباط بين وجود الهيكل أو غيابه بالتزام اليهود بالشرائع والطقوس، وهذا يفضح أغراض "دعاة إقامة الهيكل" السياسية التى يغفلونها بستار دينى، والدين براء منهم. وكما ذكرنا فى سياق الحديث عن المواصفات التى وضعها حكماء المشنا ويجب توافرها فى البقرة الحمراء، لم تتمكن الجماعات الدينية المتطرفة للآن وعلى الرغم من ثورة الاتصالات، وسهولة تبادل الأخبار والمعلومات، وعلى الرغم من التقدم العلمى الهائل فى علم الهندسة الوراثية، وعلى الرغم من التمويل السخى الذى ينهال عليهم من جميع أنحاء العالم، كما رصد البحث، على الرغم من كل هذا لم يتمكنوا من تربية بقرة واحدة بمواصفات "المشنا". الإشكالية الأولي: وإذا كان الحال هكذا مع بقرة واحدة، فمن أين سيؤتى بالأعداد الهائلة من الحيوانات والطيور اللازمة للتقديم كقرابين يومية، والتى تخضع هى الأخرى لمواصفات وشروط مثل البقرة الحمراء. الإشكالية الثانية: إذا كانت الجماعات الدينية المتطرفة فى طريقها إلى إحياء الطقوس والشعائر المرتبطة بالهيكل، والتى من بينها تقديم القرابين، فماذا سيفعلون بالصلاة؟ فموسى عليه السلام كان يتقرب إلى الله بالقرابين، لا بالصلاة، والصلاة فى اليهودية من وَضْع الحكماء، اضطروا إليها أثناء السبى البابلى، وتأثروا فيها بالديانة الزرادشتية، وجعلوا كل صلاة من الصلوات بديلاً لقربان من القرابين اليومية وفى ميقاته، لذلك فالتفكير يدور الآن فى هذه الأوساط اليهودية لمحاولة الوصول إلى حل يوفق بين وجود الصلاة، التى أصبحت تشكل جزءًا مهمًا فى حياة اليهودى، وبين تقديم القرابين، ومازال البحث متواصلاً!! أما الخطر الحقيقى، الذى استشعره "مركز الحفاظ على الديمقراطية فى إسرائيل" فيتمثل في: أن الجماعات الدينية المتطرفة لا تقبل الآخر بمفهومه الواسع الذى يشمل المخالف فى العقيدة والمخالف فى الرأى. لذلك فإن التسمية التى أطلقها عليهم البحث فى العنوان وهى "قناءون" لم تأت عبثًا ولكن لأنهم ينهجون نفس نهج هذه الجماعة المتطرفة التى عاصرت السيد المسيح عليه السلام، وكانوا يفضلون الموت لهم ولذويهم على الخضوع للآخر المخالف لهم. وحتى تشريعات المشنا التى تلتزم بها الجماعات الدينية المتطرفة فهى لا تقبل الآخر إلا إذا قبل فكرهم، ورضى أن يكون مجرد خادم وتابع، والنموذج الذى يقدمه حكماء "المشنا" هم سكان جبل جبعون أيام يشوع بن نون، الذى دخل أرض كنعان ببنى إسرائيل بعد وفاة موسى، وحارب سكان المدن الكنعانية، فتحايل عليه سكان جبل جبعون لكى يسالمهم ولا يحاربهم، فطلب منهم لكى يسالمهم أن يقوموا بالسقاية وجمع الحطب لبنى إسرائيل. أى القيام بالخدمة مقابل العيش فى سلام!! وكما ذكرت فى بداية حديثى أن هذه الجماعة بما اتسمت به من قسوة وغلو فى التشريع واللجوء إلى العنف والإرهاب فى التطبيق، ورفضها التام للآخر، قد تسببت فى القضاء على الوجود اليهودى فى فلسطين فى القرن الأول الميلادى، لذلك فالدافع الحقيقى للبحث الذى يقدمه هذا المركز هو خشيته أن يعيد التاريخ نفسه، ويكون نهاية الوجود الإسرائيلى فى المنطقة على يد هذه الجماعات الدينية المتطرفة. ونختتم هذه السطور بالمقترحات التى يتقدم بها "المركز" للحكومة الإسرائيلية، وللمسئولين وللقيادات الدينية فى إسرائيل: 1 ـ يجب أن تكف الدولة عن تمويل هذه المعاهد والمؤسسات الداعية إلى إقامة الهيكل. 2 ـ لدولة إسرائيل مصلحة حيوية فى إشراك عناصر دولية فى المسئولية عن حماية الأماكن المقدسة الإسلامية، ففى حالة عدم وجود مثل هذه القوة الدولية وتعرض المساجد الإسلامية لأى خطر فسوف تُلقى المسئولية كاملة على إسرائيل ومن المحتمل أن يفجِّر هذا العمل قوى تدمير "أپوكاليپسية"(6) هائلة. 3 ـ يقترح "المركز" أن تبادر حكومة إسرائيل دون تأخير بدعوة عناصر دولية (الأمم المتحدة أو قوى من دول متعددة) وتشركها معها فى مسئولية أَمْن الأماكن الإسلامية المقدسة على "جبل المكبر". 4 ـ فى المقابل يجب على حكومة إسرائيل أن تبذل جهودًا قصوى من الناحية الأمنية والمعلوماتية فى منطقة "جبل الهيكل" والمناطق المحيطة. ويجب أن تراقب قوات الأمن، النشطاء من الجماعات الداعية إلى إقامة الهيكل المذكورين، فنحن نتوقع الخطر من هذه العناصر المتطرفة، فيقوم أحد الإرهابيين من جماعة "شوفو بانيم" ويكون مستعدًا للتضحية بنفسه مثل ييجال عامير (قاتل رابين) وباروخ جولدشتاتن (صاحب مذبحة الحرم الإبراهيمى والذى أطلق النار على المصلين فى صلاة الفجر). 5 ـ يتوجه "المركز" للمسئولين والموجودين فى السلطة بأن يوقفوا كل نوع من أنواع التأييد والتمويل للمنظمات والمؤسسات الداعية لإقامة الهيكل. 6 ـ يطلب المركز من الحاخامات والزعماء الدينيين ذوى الجماهيرية أن يتراجعوا ويعلنوا على الملأ تخليهم عن النداءات التى سبق ووجهوها والتى تدعو إلى "تدمير المساجد"، فالأمر بأيدينا. الهوامش: ـ 1 ـ المشنا كتاب تشريع وضعه الحكماء العائدون من السبى البابلى، وهو الأساس الذى تقوم عليه الديانة اليهودية، ويتألف من ستة أجزاء أو كتب يسمى كل منها باسم مستقل: كتاب النساء، الزراعة، الطهارة، الجنايات، الأعياد، المقدسات. ويضم كل كتاب عدة أبواب تدور حول نفس الموضوع، وينقسم كل باب إلى عدة فصول، ويشتمل كل فصل على عدد من التشريعات. 2 ـ وهى تختلف كلية عن البقرة الصفراء التى وردت فى سورة البقرة فى القرآن الكريم، وقد أمر الله بنى إسرائيل أن يذبحوها لمعرفة القاتل، وهناك شريعة مشابهة لها فى سفر التثنية 21/1 ـ 9، لكن دون تحديد للون البقرة المذبوحة. 3 ـ ورد ذكر جوج وماجوج فى سفر الرؤيا ليوحنا اللاهوتى (20/7 ـ 8) وهو آخر أسفار الكتاب المقدس، (متى تمت الألف سنة يحَلُّ الشيطان من سجنه، ويخرج ليضل الأمم الذين فى أربع زوايا الأرض جوج وما جوج ليجمعهم للحرب..). وهو ما تم تفسيره على أنه حرب بين قوى الخير والشر تسبق قيامة السيدالمسيح وتكون مع حلول الألفية. 4 ـ وهو الاسم الذى استخدمته المنظمات والجمعيات الدينية المتطرفة للدلالة على الهيكل. 5 ـ راجع: توماس ل. طومسون: التاريخ القديم للشعب الإسرائيلى، ص 289. 6 ـ أبوكاليبس Apocalypise كلمة من أصل يونانى وتعنى كشف أو إظهار، ويطلق هذا المصطلح على أدب "الرؤي" الذى ظهر بين بنى إسرائيل بعد انتهاء النبوة، فى القرن الثانى ق.م، ويطلق أيضًا على رؤى يوحنا اللاهوتى، وهى تشير إلى حروب عظيمة وخراب ودمار هائل سيحدث قبل قيامة المسيح عليه السلام. HIGHLIGHTS "الهدف ـ جبل البيت (أى جبل بيت الرب ويقصدون به جبل المكبر) نظرة حالية على التهديدات التى يتعرض لها جبل البيت من عناصر قنائية ومسيحانية "ويكون مَقْدِسًا وعقبةً وحجر عثرة لبَيتَى إسرائيل وفخًا وشركًا لسكان أورشليم" سفر إشعيا 8/14 üüü رصد البحث تزايد نشاط الجمعيات والمنظمات الداعية إلى إقامة الهيكل خلال التسعينيات من القرن الماضى، وخصوصًا فى السنوات الخمس الأخيرة منها، بعد أن اتسعت دائرة النشطاء والمؤيدين والقاعدة الجماهيرية المؤيدة عقديا لفكرة هدم المساجد الموجودة فوق جبل المكبر (فى سنة 1990م بلغ عدد أعضاء "دعاة الهيكل" 60 شخصًا وفى أغسطس عام 2000م بلغ 50000 شخص). üüü تتلخص شريعة البقرة الحمراء فى أنه إذا مات إنسان فى خيمة فقد تنجست الخيمة، وتنجس كل من فيها من أشخاص وكل ما فيها من متاع وأدوات. ويظل الفرد نجسًا طيلة سبعة أيام، ولكى يطهر يجب أن ينثر عليه ماء مخلوط بتراب البقرة الحمراء فى اليوم الثالث لحدوث النجاسة وفى اليوم السابع ثم يغسل ملابسه ويغتسل بالماء ويصبح طاهرًا فى المساء. üüü نظرًا لارتباط الاستيطان اليهودى فى فلسطين، فى العصر الحديث، بالمخططات الاستعمارية أيضاً، لذلك نراه يستخدم مفهوم "العودة" أو الإعادة، فالمهاجر إلى فلسطين هو "عائد إلى أرض الآباء" وإقامة الهيكل هى "إعادة بناء بيت الرب" أو "إعادة المقداش" أى إعادة المكان الذى تسكن فيه القداسة. لذلك فليس غريبًا أن تلتزم الجماعات الدينية المتطرفة فى إسرائيل، فى إحياء الطقوس والشعائر، بالتشريعات التى وضعها حكماء "المشنا" لتثبيت الاستيطان. üüü لم تتمكن الجماعات الدينية المتطرفة للآن وعلى الرغم من ثورة الاتصالات، وسهولة تبادل الأخبار والمعلومات، وعلى الرغم من التقدم العلمى الهائل فى علم الهندسة الوراثية، وعلى الرغم من التمويل السخى الذى ينهال عليهم من جميع أنحاء العالم، كما رصد البحث، على الرغم من كل هذا لم يتمكنوا من تربية بقرة واحدة بمواصفات "المشنا". شــــريعـــــة البقــــــــرة الحمـــــــراء.. التــوظيـــف الســــياســــى للنــــص الدينــــى عنـــــد اليهـــــــود ليلى إبراهيم أبو المجد < < دأب بنو إسرائيل منذ تاريخهم القديم على استغلال الدين وتوظيفه بما يخدم أهواءهم وأطماعهم، والأمثلة على ذلك كثيرة جدًا وتمتلئ بها أسفار العهد القديم، وأبواب المشنا Mishna(1)، وسنكتفى هنا بتناول نموذج منها وهو شريعة البقرة الحمراء(2)، التى علّقوا إعادة بناء الهيكل على إقامة هذه الشريعة التى وردت فى سفر العدد الإصحاح التاسع عشر، وهو من أسفار التوراة الخمسة التى تُنسب إلى موسى عليه السلام، ووردت هذه الشريعة فى المشنا فى كتاب الطهارة، باب البقرة. وقد وقع اختيارى على هذا النموذج لارتباطه بقضية الصراع العربى ضد الصهيونية ومشروعها الاستعمارى فى فلسطين، ولارتباطه بالمحاولات التى تقوم بها الجماعات الدينية المتطرفة فى إسرائيل من أجل هدم المساجد الموجودة على جبل المكبر بما فيها المسجد الأقصى، تمهيدًا لإقامة "الهيكل الثالث"، والتى عرضها The Center for the Protection of Democracy in Israel "مركز الحفاظ على الديمقراطية فى إسرائيل"، فى بحث على الإنترنت فى الموقع www.Keshev.org.il باللغة العربية تحت عنوان: "الهدف ـ جبل البيت (أى جبل بيت الرب ويقصدون به جبل المكبر) نظرة حالية على التهديدات التى يتعرض لها جبل البيت من عناصر قنائية ومسيحانية "ويكون مَقْدِسًا وعقبةً وحجر عثرة لبَيتَى إسرائيل وفخًا وشركًا لسكان أورشليم". سفر إشعيا 8/14 استخدم هذا البحث عدة مصطلحات ذات دلالات دينية وتاريخية، تربط بين ما تقوم به الآن الجماعات الدينية المتطرفة فى إسرائيل فى سعيها المحموم من أجل إقامة "الهيكل الثالث" لأغراض سياسية، وبين الجماعات اليهودية المتطرفة التى عاصرت ظهور السيد المسيح عليه السلام، ومنها "القناءون" وتعنى بالعبرية الغيورون، قد اشتهرت هذه الجماعة بالغلو والقسوة فى تطبيق الشريعة، واللجوء إلى استخدام العنف والإرهاب لدرجة أنهم لُقِّبوا بـ "سيقارين" وتعنى بالعبرية إرهابيون أو سفاحون، وكانوا يفضلون الخروج على القانون، بل يفضلون الموت لهم ولذويهم على الانصياع إلى الآخر المخالف لهم فى العقيدة. لقد تسببت تلك الجماعة ومن انتهج نهجها فى العنف والإرهاب والتطرف الدينى، فى القضاء على الوجود اليهودى فى فلسطين، وذلك عندما قام القائد الرومانى "تيتوس" بالانتقام منهم كرد فعل لما قاموا به من جرائم وفظائع، وقام بتدمير "الهيكل الثاني" سنة 70م، وطرد البقية الباقية منهم من فلسطين، وتشتتوا منذ ذلك التاريخ فى سائر أرجاء المعمورة وظلوا هكذا حتى منحهم الاستعمار البريطانى "وعد بلفور" وتحالف مع الصهيونية حتى تم تنفيذ هذا الوعد بإقامة إسرائيل على قسم من أرض فلسطين العربية. والبحث الذى يقدمه "مركز الحفاظ على الديمقراطية فى إسرائيل" يقرع ناقوس الخطر ويضع أمام الحكومة الإسرائيلية، ومن يهمه أمر بقاء دولة إسرائيل، النتيجة التى توصل إليها وهي: أن أية محاولة لهدم وتدمير المساجد الإسلامية الموجودة على جبل المكبر، من أجل بناء "الهيكل الثالث" وإقامة دولة دينية تحكم بالشريعة فى إسرائيل، ستهدد ليس فقط الديمقراطية فى دولة إسرائيل، ولكن ستهدد وجود وكيان الدولة ذاته!! فلقد رصد البحث تزايد نشاط الجمعيات والمنظمات الداعية إلى إقامة الهيكل خلال التسعينيات من القرن الماضى، وخصوصًا فى السنوات الخمس الأخيرة منها، بعد أن اتسعت دائرة النشطاء والمؤيدين والقاعدة الجماهيرية المؤيدة عقديا لفكرة هدم المساجد الموجودة فوق جبل المكبر (فى سنة 1990م بلغ عدد أعضاء "دعاة الهيكل" 60 شخصًا وفى أغسطس عام 2000م بلغ 50000 شخص). كما رصد البحث دور المؤسسات الحكومية فى هذا النشاط (دور وزارة الأديان، الوزراء، القضاة، رئيس لجنة التشريع فى الكنيست). وقد أرجع البحث هذه الظاهرة إلى عاملين: خارجى وهو الخوف من توقيع الحكومة الإسرائيلية اتفاقية تضفى على الوضع القائم الصفة الشرعية، وهو سيطرة الفلسطينيين الفعلية على "جبل الهيكل". أما العامل الداخلى فقد ألمح إليه البحث فى عنوانه، وهو توقعات اليهود بقرب مجيء المسيح المخلص مع اقتراب حلول الألفية الثالثة، لإقامة مملكة الرب، وهو ما أدى إلى زيادة الاهتمام والتفكير فى موضوع الهيكل. لقد أصبح الأمل فى مجيء المسيح المخلص ركنًا من أركان العقيدة اليهودية، وأصبح يسمى عند كثير من المؤرخين باسم "المسيحانية". والواقع أن الحلم المسيحانى لم يكف عن مداعبة خيال اليهود منذ السبى البابلى وحتى مطلع القرن الحادى والعشرين، فظهر العديد من اليهود الذين ادعى كل منهم أنه المسيح المنتظر، وآمن بهم الآلاف، وفى كل مرة يثبت فيها كذب هذا المسيح أو ذاك كانت العاقبة وخيمة ليس فقط على هذا المسيح الكذَّاب، ولكن على جمهور المؤمنين فهم يتعرضون لبطش السلطة الحاكمة فى البلد التى ظهر فيها المسيح، ثم تتفشى فيهم حالة من اليأس والإحباط تؤدى بالكثيرين منهم إلى التخلى عن اليهودية برمتها والكفر بها. ونظرًا لأن المستهدف والمتلقى لهذا البحث هو الحكومة الإسرائيلية، التى يتوجه إليها باقتراحاته فإنه تعمَّد فى مواضع كثيرة التلميح دون التصريح مستخدمًا مصطلحات ذات دلالات دينية وتاريخية وسياسية لتوصيل ما يريده من رسائل، والتى لن يفهمها إلا من يقصدهم بهذا البحث أو المتخصصون فى التاريخ والديانة اليهودية، لذلك فقد أخذت على عاتقى مهمة عرض أهم النقاط التى أبرزها البحث، بالإضافة إلى توضيح وشرح الجوانب التى سكت عنها دون فصل بينهما. رصد البحث حوالى عشر هيئات تعمل فى مجال الإعداد للهيكل، وكل واحدة من هذه الهيئات التى يذكرها تعمل فى مجال تخصصها ولكنها ترتبط بالأيديولوجية العامة "لدعاة الهيكل" التى تقوم على نظرية التدرج، والتى تعتبر دراسة وإحياء الخدمة فى الهيكل والطقوس، هى البداية أما المرحلة النهائية فهى إقامة الهيكل فى المكان الذى توجد فيه المساجد على جبل المكبر. يدعم هذه الهيئات جماعة مساندة تشمل هيئات تشريعية، مثل "دار القضاء المجاورة لجبل الهيكل"، الجمعيات التى تقوم باستيطان "احتلال" شرق القدس، مثل "عطرت كوهنيم" التى تركز على شراء المبانى والأراضى المجاورة لحائط البراق وأسوار "جبل البيت"، معاهد دينية متطرفة مثل معهد "شوفوبانيم".. وحاخامات وقادة طوائف: 1 ـ أولى هذه الهيئات "دعاة الهيكل" وهى هيئة عليا تضم المنظمات المهتمة بجبل الهيكل. وأحد الناشطين الأساسيين فيها هو الحاخام باروخ كهانا، ابن زعيم حركة كاخ الذى تم اغتياله، وله سجل معروف فى ممارسة العنف والإرهاب. 2 ـ "حركة إعداد الهيكل" تهتم بالناحية العملية لإحياء طقوس تقديم القرابين، وغيرها من الطقوس المرتبطة بالهيكل. ونقوم بإعداد زى الكهنة وأدوات الهيكل. 3 ـ "معهد الهيكل" أُقيم عام 1983م، ويركز على إعداد الأدوات اللازمة لإحياء مائتى شريعة، والتى لا يمكن إقامتها إلا بعد إعادة بناء الهيكل، ويضم المعهد متحفًا لأدوات الهيكل، العطور، وملابس الكهنة وغيرها. والمعهد يتلقى تمويلاً دائمًا ومساعدة من السلطات القومية، ويؤكد الناشطون فى المعهد أنهم يتلقون مساعدات من هيئات بروتستانتية مسيحية. 4 ـ "حى وموجود" أُقيمت سنة 1990م، وتصف تلك الحركة نفسها بأنها مسيحانية "حركة الخلاص من أجل إحياء مملكة إسرائيل" وأهدافها هي: أ ـ تحويل إسرائيل إلى دولة دينية تطبق الشريعة اليهودية. ب ـ تفجير ونسف المساجد الموجودة فوق "جبل المكبر". 5 ـ "إلى جبل المُرّ" وهى هيئة فكرية. 6 ـ "نساء تعمل من أجل بيت المقدس" وتهتم بجمع الحلى الذهبية والأحجار الكريمة من النساء وذلك من أجل بناء الهيكل. 7 ـ "منذ البداية" والموضوع الأساسى الذى يدور حوله النقاش فى دوائر هذه الهيئة هو الصراع حول "جبل البيت" وإقامة الهيكل، ويتمحور حول أن إعداد بيت المقدس يتم بيد الإنسان، وذلك تطبيقًا للفريضة "اصنعوا لى مَقْدِسًا" أى أن إقامة الهيكل ليست معلقة ولا مرهونة بمجيء المسيح. 8 ـ "حراسات الكهنة" وينتسب أعضاؤها للكهنة، من سبط لاوى، وهم المكلفون بالخدمة وإقامة الطقوس والشعائر فى الهيكل. ومن أجل الإعداد الفعلى والتمهيدى لبناء الهيكل تم تقسيم إسرائيل إلى مناطق، يعين على كل منها مسئول عن الكهنة فى هذه المنطقة. والمهام اليدوية التى ستناط إليهم تشمل أعمال البناء، والتطهير، ذبح وتقريب القرابين، العزف. وفى مستوطنة "مصفة أريحا" يجرى الإعداد لبناء الهيكل فى تكتم شديد كما يتم تدريب الكهنة على القيام بالطقوس. 9 ـ "أمناء جبل الهيكل" وتعمل هذه الهيئة خارج سيطرة المنظمة العليا، ويتلقى رئيسها مساعدات من طوائف مسيحية بروتستانتية فى أمريكا. وهى الطوائف التى تؤمن بأن حرب يأجوج ومأجوج(3) وإقامة الهيكل، مرحلة لاهوتية لابد أن تحدث قبل قيامة المسيح عليه السلام. وقد صرح رئيس الهيئة لمندوب كشف موقع الإنترنت فى حديث بتاريخ 28/6/2000م: أنه فى الآونة الأخيرة انضم لتلك الحركة نصارى من كافة أرجاء العالم، بما فى ذلك، دول إسلامية مثل مصر، وإندونيسيا، وبلدان أفريقية، وبلغ إجمالى الأعضاء عشرة آلاف، أما فى إسرائيل فيبلغ عدد أعضاء هذه الحركة ما يربو على عشرة آلاف. وبعد أن عرض البحث نشاط الهيئات والجمعيات والمنظمات الداعية إلى إقامة الهيكل، يؤكد البحث على النتيجة التالية: أن الخطورة لا تكمن فقط فى الجمعيات والهيئات التى تضم نشطاء ذوى سجل بشع فى الإجرام والإرهاب، ولديهم القدرة على القيام بأعمال تخريبية، ولكن فى كل الجمعيات والهيئات حتى الصغيرة منها والمؤقتة، نظرًا للتنظيم والتخطيط والتناغم الذى تعمل هذه الجمعيات فى إطاره ويجعلها فى النهاية تصب جميعًا فى هدف واحد هو: أ ـ إقامة الهيكل الثالث فى المكان الذى تقوم عليه المساجد الإسلامية فوق "جبل المكبر". ب ـ إقامة دولة يهودية تحكم بالشريعة. والمحاولات التى تتم من أجل تحقيق هذه الأهداف، لا تشكل خطورة أو تهديدًا، كما يرى كاتب البحث، على الديمقراطية فى دولة إسرائيل فقط، ولكنها تهدد كيان الدولة ذاته ووجودها، فإذا كانت المرويات الدينية ترى أن "الخلاص" أمر حتمى، قدَّره الرب ولا تدخل للإنسان فيه، فإن هذه الجمعيات والهيئات تتبنى وجهة نظرمرويات هامشية متطرفة ترى أنه من الممكن استعجال "الخلاص" عن طريق القيام بخطوات فعلية تمهيدية منها: 1 ـ إحياء السنهدرين (الهيئة القضائية الدينية). 2 ـ البحث عن بقرة حمراء من أجل التطهر. "فدعاة الهيكل" يرون أن إقامة "الهيكل الثالث" تُوجب إحياء عمل "السنهدرين". وقد توصل البحث إلى أن "دعاة الهيكل" قد أحيوا فى الآونة الأخيرة فى هدوء وسرية "السنهدرين الصغير" وهى هيئة قضائية دينية تضم ثلاثة وعشرين عضوًا، والاسم مأخوذ عن الكلمة اليونانية التى تعنى "مجلس الشيوخ"، وقد شكل اليهود "السنهدرين" فى فترة الحكم اليونانى للمنطقة وكان بمثابة مؤسسة دينية تشريعية وسياسية، وهناك "السنهدرين الكبير" ويتألف من واحد وسبعين عضوًا، والمؤسستان بمثابة دار قضاء لها صلاحية إصدار أحكام إعدام وفقًا للشريعة. وكان مقر السنهدرين فى فترة الحكم اليونانى للمنطقة، فى قاعة من قاعات الهيكل. وقال بروفيسور هليل فايس وهو أحد أعضاء "السنهدرين الصغير" الذين تم تعيينهم، فى حديث لمندوب كشف بتاريخ 16/8/2000م: "يدور الحديث حول إيجاد قيادات دينية بديلة لقيادات الدولة العلمانية". ثم يرصد البحث بعد ذلك، المحاولات والجهود المبذولة من أجل تربية "البقرة الحمراء" والتى سوف يستخدم التراب الناتج عن حرقها فى تطهير الكهنة لكى يكونوا صالحين ويسمح لهم بالقيام بالطقوس والخدمة فى الهيكل. فتطهير الكهنة شرط ضرورى لإحياء الطقوس والشعائر المتعلقة بالهيكل. وسوف نتوقف عند هذه النقطة من البحث الذى يقدمه "مركز الحفاظ على الديمقراطية فى إسرائيل" لنناقش الإشكاليات التى أوقع اليهود أنفسهم فيها نتيجة توظيف الدين وتأويله معان لم يقصدها، فشريعة البقرة الحمراء فريضة أُمر بها موسى عليه السلام، وقد تضمن النص سبب فرض هذه الشريعة (العدد/19/13) "كل من مسَّ جثة إنسان قد مات ولم يتطهر ينجس مَسْكَن الرب.." فالوحى كان ينزل على موسى عليه السلام فى خيمة الاجتماع، لذلك أمرهم الرب بالتطهر، فالإنسان النجس، بدخوله خيمة الاجتماع ينجس "المكان الذى يحل عليه الرب" ويسمى فى النص (العدد19/13) "مِشْكَان" وهو اسم مكان من الفعل العبرى "سَكَن" ويسمى أيضًا فى موضع آخر (العدد 19/20) "مِقْدَاش"(4) وهو اسم مكان من الفعل العبرى "قَدُسَ" ويعنى المكان الذى تحل فيه القداسة أو القدُّوس. وتتلخص شريعة البقرة الحمراء فى أنه إذا مات إنسان فى خيمة فقد تنجست الخيمة، وتنجس كل من فيها من أشخاص وكل ما فيها من متاع وأدوات. ويظل الفرد نجسًا طيلة سبعة أيام، ولكى يطهر يجب أن ينثر عليه ماء مخلوط بتراب البقرة الحمراء فى اليوم الثالث لحدوث النجاسة وفى اليوم السابع ثم يغسل ملابسه ويغتسل بالماء ويصبح طاهرًا فى المساء. وتنحصر شريعة البقرة الحمراء كما نصت عليها التوراة فى ثلاثة أركان: 1 ـ مواصفات البقرة 2 ـ كيفية حرق البقرة 3 ـ كيفية إعداد ماء التطهير فالبقرة يجب أن تكون صحيحة، لا عيب فيها، لم تحمل على ظهرها شيئًا قط، وأن تكون حمراء داكنة، ويجب أن تُذبح أمام كاهن (من أبناء هارون الذين اختارهم الرب لخدمته) ويأخذ الكاهن من دمها بإصبعه وينثره فى اتجاه باب خيمة الاجتماع سبع مرات. ثم تُحرق البقرة على مرأى منه. ثم يجمع رجل طاهر الرماد الناتج عن حرق البقرة ويضعه فى مكان طاهر خارج مكان سكنى وإقامة الناس، ويتم حفظه من أجل إعداد ماء التطهير. ولإعداد ماء التطهير يؤتى بماء جار فى إناء وينثر عليه قليل من رماد حرق البقرة، ثم يمسك رجل طاهر بنبات عطرى (زوفا) ويغمسه فى هذا الماء ثم ينثره على الخيمة التى تنجست، وعلى جميع الأمتعة، وعلى كل من تواجد داخلها، وعلى كل من مسَّ العظم، أو القتيل، أو الميت، أو القبر. ينثر الطاهر على النجس فى اليوم الثالث وفى اليوم السابع من حدوث النجاسة. والنص كما جاء فى التوراة لم يشترط أو يحدد مكانًا بعينه لإقامة تلك الشريعة، ولم يشر من قريب أو بعيد إلى أرض كنعان، بل على العكس اشترط أن تقام بعيدًا عن مكان إقامة وسكنى الناس، ولم يشر إلى خيمة الاجتماع، إلا فى نقطة فرعية، وهى أن ينثر الكاهن بإصبعه من دم البقرة فى اتجاه باب خيمة الاجتماع سبع مرات. فلماذا علَّق اليهود إذن بناء الهيكل على جبل المكبر، الذى لا علاقة له بموسى عليه السلام بإقامة شريعة البقرة الحمراء؟ لماذا تذكَّر اليهود الآن وبعد مرور ألفى عام تقريبًا على تدمير الهيكل أنهم نجسون؟ فى واقع الأمر لا توجد أدنى صلة لموسى عليه السلام بأرض كنعان فقد مات ودُفن فى أرض موآب ولم تطأ قدماه أرض كنعان (سفر التثنية 33/49 ـ 50، 34/5 ـ 6) وليس لموسى عليه السلام صلة بهذا الهيكل أو بعقيدة الخلاص التى يؤمن بها اليهودالآن. ففكرة "الخلاص" أخذها اليهود عن الزرادشتية أثناء السبى فى بابل (586 ق.م) حين دفعتهم محنة السبى واليأس الذى انتابهم إلى التفكير فى الغيبيات، فأضفوا على فكرة الخلاص الزرادشتية، وهى فكرة لاهوتية، طابعًا ماديا سياسيا، للخروج من محنتهم، ومع الحوادث الجسام التى تعرض لها اليهود إبان السبى البابلى، وما كان قد سبقه من فساد فى ملوك إسرائيل ويهوذا، أصبح حلم الأنبياء والمصلحين والكثرة الكثيرة من اليهود أن يأتى ملك فذ من نوعه، مخلّص، معه القوة والبركة، يعيد الأمجاد السالفة، فيكون هو الملك بحق، وهو "المسيح"، ولا تظهر هذه الفكرة فى أسفار التوراة الخمسة، ولكن الباحثين، واليهود منهم بوجه خاص، تأولوا ذلك من خلال جملتين فى كل التوراة، مع كثير من التكلف والتعسف، الأولى وردت فى (تكوين 49/10)، والثانية وردت فى (العدد 24/17) وهى ليست أقل غموضًا عن سابقتها، ولم يرد فيهما ذكر المسيح أو الخلاص صراحة. أما الهيكل فقد ارتبط بناؤه بمفهوم "العودة أو الإعادة" الاستعمارى، فالملك قورش الفارسى هو الذى أصدر الأمر بإعادة بناء الهيكل (بيت الرب) الذى كان قد دمره نبوخذ نصر الملك البابلى، كما قرر قورش إعادة آنية وأدوات "بيت الرب" التى نهبها نبوخذ نصر من أجل إعادة عبادة الإله "يهوا" وهو المعبود القديم الذى كان يعبد فى أورشليم. كما قرر إعادة سبايا اليهود من بابل إلى أورشليم، ومهما كان الشعب الذى نُقل أو أُعيد إلى فلسطين، فهم بالتأكيد لم يكونوا من بنى إسرائيل، ورغم ذلك اعتبرتهم المرويات التوراتية التى ظهرت، كما اعتبروا أنفسهم سكان إسرائيل العائدين "إليها" من منفى مرير بعد أن خلصهم منقذهم الملك قورش(5). ولقد قوبل هذا الاستيطان الاستعمارى الذى زرعه قورش فى هذه المنطقة بين سكان وشعوب مستقرة منذ زمن، بمقاومة شديدة، مما دفع "العائدين" إلى التركيز منذ ذلك التاريخ على دور الهيكل فى الطقوس والشعائر من أجل تثبيت أقدام هذا الاستيطان الغريب، فاستبدل حكماء "المشنا" الهيكل بخيمة الاجتماع فى التوراة، وغالوا فى العنت والتشدد، فشريعة البقرة الحمراء التى شغلت إصحاحًا واحدًا فى التوراة (العدد/ 19) أفرد لها كتاب المشنا بابًا كاملاً يتكون من اثنى عشر فصلاً ويتضمن خمسة وتسعين تشريعًا وتشددوا فى كل طقوسها. ونظرًا لارتباط الاستيطان اليهودى فى فلسطين، فى العصر الحديث، بالمخططات الاستعمارية أيضاً، لذلك نراه يستخدم مفهوم "العودة" أو الإعادة، فالمهاجر إلى فلسطين هو "عائد إلى أرض الآباء" وإقامة الهيكل هى "إعادة بناء بيت الرب" أو "إعادة المقداش" أى إعادة المكان الذى تسكن فيه القداسة. لذلك فليس غريبًا أن تلتزم الجماعات الدينية المتطرفة فى إسرائيل، فى إحياء الطقوس والشعائر، بالتشريعات التى وضعها حكماء "المشنا" لتثبيت الاستيطان، على الرغم مما تتسم به من عنت وتشدد، فالبقرة يجب أن يتراوح عمرها من ثلاث إلى أربع سنوات، ويجب ألا يكون بها لون يخالف لونها الأحمر الداكن، فإذا ظهرت شعرتان بيض أو سود فى بصيلة واحدة تعد البقرة غير صالحة (وهذا هو ما حدث فى "كفار حسيديم" فى مارس 1997م فقد ولدت بقرة حمراء من تلقيح صناعى تم أخذه من ثور أمريكى أحمر ووُضع فى رحم بقرة إسرائيلية ولكن بعد عدة أشهر ظهر فى ذيلها شعرتان بيضاوان، وبالتالى فلا تصلح لإقامة الفريضة، وغيرها من المحاولات، التى تكلفت مبالغ طائلة.. ولكنها جميعًا باءت بالفشل). وقرر كتاب "المشنا" ألا تكون تلك البقرة الحمراء قد جاءت إلى الحياة عن طريق شق بطن البقرة الأم، أى بولادة غير طبيعية. يجب ألا يكون قد ركب عليها أحد، أو استند إليها، أو تعلق بذيلها ليعبر نهرًا، أو لفّ الحبل ووضعه فوق ظهرها، أو وضع وشاح الصلاة الخاص به فوق ظهرها. ويجب ألا تكون عشارًا. كما فرض كتاب المشنا على الكاهن الأكبر أن يعتزل بيته قبل حرق البقرة بسبعة أيام، وهذا ما لم تنص عليه التوراة، وإنما من تأويل الحكماء، وألزم الكاهن أن يقيم طوال هذه الأيام فى حجرة إلى الشمال الشرقى من الهيكل، وكلها مصنوعة من الحجر بما فيها من أدوات وأوانى لأنه لا يتنجس. ويجب أن ينثر على الكاهن طيلة تلك الأيام السبعة من ماء التطهير المخلوط بتراب بقر قديم. ويبلغ كتاب المشنا ذروة الغلو والتزمت عندما يحدد مَنْ الذى سيأتى بالماء الجارِ الذى سيخلط بتراب البقرة؟ ومن أين سيأتى به؟ وكيف؟ فينص كتاب المشنا أنه قبل الشروع فى شريعة البقرة بثمانى سنوات يؤتى بنساء ذوات أحمال، ويقمن فى أفنية مخصصة لهذا الغرض، فهى مقامة فوق صخور بينها فراغات لكى تكون بمثابة عازل بين أرضية تلك الأفنية وما قد يكون فى باطن الأرض من قبور أو رفات، لكى يضمنوا طهارة تلك الأفنية!! وتضع النساء أحمالهن فى تلك الأفنية ويقمن بتربية الأبناء فيها حتى يبلغوا ثمانية أعوام، ويقوم هؤلاء الأطفال بجلب الماء الجارِ اللازم لعملية التطهير من نهر (شيلوه)، ولكن لكى يبلغوا هذا النهر يجب ألا تطأ أقدامهم الأرض، خشية أن يتنجسوا لوجود رفات قديم مدفون فى باطن الأرض، لذلك يؤتى بثيران توضع عليها ألواح خشبية (لتكون عازلاً) ليجلس عليها الأطفال، ويمســـكون فى أيديهــم كئـــوسًا مصنـــوعة من الحجـــر، وإذا بلغـــوا النهـــر، اختلف الحكمـــاء هـــل ينزلــــون ويملأون الكئوس؟ أم يدلونهــا وهــم عـــلى ظهر الثيـــران؟ وهكـــذا تتمــادى تشريعات المشنا فى الغلو، فواضعو التشريعات يعتقدون أن سير الإنسان على الأرض من الممكن أن ينجسه، لاحتمال وجود رفات قديم فى باطن الأرض، وهذا غلو من واضعى المشنا ولم يأت به نص فى التوراة. وقد اكتفينا بهذا القدر من تشريعات البقرة فى المشنا، ولم نأت بها كاملة، لكى ننقل للقارئ مقدار ما فى نص المشنا من مغالاة، ولكى نمهد القارئ للنتيجة المتوقعة، فقد تسبب حكماء المشنا بتطرفهم وتشددهم وغلوهم فى عدم التــزام الجمهــــــور بهـــــذه الشـــرائع وبالتـــالى توقفـت هذه الطقوس قبل ظهــور دعـــوة الســـيد المســيح عليه السلام وقبل تدمـــير الهـــيكل (المشنا، كتاب النساء، باب الجانحة 9/9). فلا ارتباط بين وجود الهيكل أو غيابه بالتزام اليهود بالشرائع والطقوس، وهذا يفضح أغراض "دعاة إقامة الهيكل" السياسية التى يغفلونها بستار دينى، والدين براء منهم. وكما ذكرنا فى سياق الحديث عن المواصفات التى وضعها حكماء المشنا ويجب توافرها فى البقرة الحمراء، لم تتمكن الجماعـــات الدينية المتطرفة للآن وعـــلى الرغـــم من ثورة الاتصالات، وسهولـــة تبـــادل الأخبار والمعلومات، وعلى الرغم من التقدم العلمى الهائل فى علم الهندسة الوراثية، وعلى الرغم من التمويل السخى الذى ينهال عليهم من جميع أنحاء العالم، كما رصد البحث، على الرغم من كل هذا لم يتمكنوا من تربية بقرة واحدة بمواصفات "المشنا". الإشكالية الأولي: وإذا كان الحال هكذا مع بقرة واحدة، فمن أين سيؤتى بالأعداد الهائلة من الحيوانات والطيور اللازمة للتقديم كقرابين يومية، والتى تخضع هى الأخرى لمواصفات وشروط مثل البقرة الحمراء. الإشكالية الثانية: إذا كانت الجماعات الدينية المتطرفة فى طريقها إلى إحياء الطقوس والشعائر المرتبطة بالهيكل، والتى من بينها تقديم القرابين، فماذا سيفعلون بالصلاة؟ فموسى عليه السلام كان يتقرب إلى الله بالقرابين، لا بالصلاة، والصلاة فى اليهودية من وَضْع الحكماء، اضطروا إليها أثناء السبى البابلى، وتأثروا فيها بالديانة الزرادشتية، وجعلوا كل صلاة من الصلوات بديلاً لقربان من القرابين اليومية وفى ميقاته، لذلك فالتفكير يدور الآن فى هذه الأوساط اليهودية لمحاولة الوصول إلى حل يوفق بين وجود الصلاة، التى أصبحت تشكل جزءًا مهمًا فى حياة اليهودى، وبين تقديم القرابين، ومازال البحث متواصلاً!! أما الخطر الحقيقى، الذى استشعره "مركز الحفاظ على الديمقراطية فى إسرائيل" فيتمثل في: أن الجماعات الدينية المتطرفة لا تقبل الآخر بمفهومه الواسع الذى يشمل المخالف فى العقيدة والمخالف فى الرأى. لذلك فإن التسمية التى أطلقها عليهم البحث فى العنوان وهى "قناءون" لم تأت عبثًا ولكن لأنهم ينهجون نفس نهج هذه الجماعة المتطرفة التى عاصرت السيد المسيح عليه السلام، وكانوا يفضلون الموت لهم ولذويهم على الخضوع للآخر المخالف لهم. وحتى تشريعات المشنا التى تلتزم بها الجماعات الدينية المتطرفة فهى لا تقبل الآخر إلا إذا قبل فكرهم، ورضى أن يكون مجرد خادم وتابع، والنموذج الذى يقدمه حكماء "المشنا" هم سكان جبل جبعون أيام يشوع بن نون، الذى دخل أرض كنعان ببنى إسرائيل بعد وفاة موســــى، وحـــــارب سكان المـــــدن الكنعانية، فتحايــــل عليـــــه ســـــكان جبـــل جبعــون لكى يســـــالمهم ولا يحـــاربهم، فطـــلب منهـــــــم لكى يســـــالمهم أن يقوموا بالسقاية وجمع الحطب لبنى إسرائيل. أى القيام بالخدمة مقابل العيش فى سلام!! وكما ذكرت فى بداية حديثى أن هذه الجماعة بما اتسمت به من قسوة وغلو فى التشريع واللجوء إلى العنف والإرهاب فى التطبيق، ورفضها التام للآخر، قد تسببت فى القضاء على الوجود اليهودى فى فلسطين فى القرن الأول الميلادى، لذلك فالدافع الحقيقى للبحث الذى يقدمه هذا المركز هو خشيته أن يعيد التاريخ نفسه، ويكون نهاية الوجود الإسرائيلى فى المنطقة على يد هذه الجماعات الدينية المتطرفة. ونختتم هذه السطور بالمقترحات التى يتقدم بها "المركز" للحكومة الإسرائيلية، وللمسئولين وللقيادات الدينية فى إسرائيل: 1 ـ يجب أن تكف الدولة عن تمويل هذه المعاهد والمؤسسات الداعية إلى إقامة الهيكل. 2 ـ لدولة إسرائيل مصلحة حيوية فى إشراك عناصر دولية فى المسئولية عن حماية الأماكن المقدسة الإسلامية، ففى حالة عدم وجود مثل هذه القوة الدولية وتعرض المساجد الإسلامية لأى خطر فسوف تُلقى المسئولية كاملة على إسرائيل ومن المحتمل أن يفجِّر هذا العمل قوى تدمير "أپوكاليپسية"(6) هائلة. 3 ـ يقترح "المركز" أن تبادر حكومة إسرائيل دون تأخير بدعوة عناصر دولية (الأمم المتحدة أو قوى من دول متعددة) وتشركها معها فى مسئولية أَمْن الأماكن الإسلامية المقدسة على "جبل المكبر". 4 ـ فى المقابل يجب على حكومة إسرائيل أن تبذل جهودًا قصوى من الناحية الأمنية والمعلوماتية فى منطقة "جبل الهيكل" والمناطق المحيطة. ويجب أن تراقب قوات الأمن، النشطاء من الجماعات الداعية إلى إقامة الهيكل المذكورين، فنحن نتوقع الخطر من هذه العناصر المتطرفة، فيقوم أحد الإرهابيين من جماعة "شوفو بانيم" ويكون مستعدًا للتضحية بنفسه مثل ييجال عامير (قاتل رابين) وباروخ جولدشتاتن (صاحب مذبحة الحرم الإبراهيمى والذى أطلق النار على المصلين فى صلاة الفجر). 5 ـ يتوجه "المركز" للمسئولين والموجودين فى السلطة بأن يوقفوا كل نوع من أنواع التأييد والتمويل للمنظمات والمؤسسات الداعية لإقامة الهيكل. 6 ـ يطلب المركز من الحاخامات والزعماء الدينيين ذوى الجماهيرية أن يتراجعوا ويعلنوا على الملأ تخليهم عن النداءات التى سبق ووجهوها والتى تدعو إلى "تدمير المساجد"، فالأمر بأيدينا. الهوامش: ـ (1) المشنا كتاب تشريع وضعه الحكماء العائدون من السبى البابلى، وهو الأساس الذى تقوم عليه الديانة اليهودية، ويتألف من ستة أجزاء أو كتب يسمى كل منها باسم مستقل: كتاب النساء، الزراعة، الطهارة، الجنايات، الأعياد، المقدسات. ويضم كل كتاب عدة أبواب تدور حول نفس الموضوع، وينقسم كل باب إلى عدة فصول، ويشتمل كل فصل على عدد من التشريعات. (2) وهى تختلف كلية عن البقرة الصفراء التى وردت فى سورة البقرة فى القرآن الكريم، وقد أمر الله بنى إسرائيل أن يذبحوها لمعرفة القاتل، وهناك شريعة مشابهة لها فى سفر التثنية 21/1 ـ 9، لكن دون تحديد للون البقرة المذبوحة. (3) ورد ذكر جوج وماجوج فى سفر الرؤيا ليوحنا اللاهوتى (20/7 ـ 8) وهو آخر أسفار الكتاب المقدس، (متى تمت الألف سنة يحَلُّ الشيطان من سجنه، ويخرج ليضل الأمم الذين فى أربع زوايا الأرض جوج وما جوج ليجمعهم للحرب..). وهو ما تم تفسيره على أنه حرب بين قوى الخير والشر تسبق قيامة السيدالمسيح وتكون مع حلول الألفية. (4) وهو الاسم الذى استخدمته المنظمات والجمعيات الدينية المتطرفة للدلالة على الهيكل. (5) راجع: توماس ل. طومسون: التاريخ القديم للشعب الإسرائيلى، ص 289. (6) أبوكاليبس Apocalypise كلمة من أصل يونانى وتعنى كشف أو إظهار، ويطلق هذا المصطلح على أدب "الرؤي" الذى ظهر بين بنى إسرائيل بعد انتهاء النبوة، فى القرن الثانى ق.م، ويطلق أيضًا على رؤى يوحنا اللاهوتى، وهى تشير إلى حروب عظيمة وخراب ودمار هائل سيحدث قبل قيامة المسيح عليه السلام. أن أية محاولة لهدم وتدمير المساجد الإسلامية الموجودة على جبل المكبر، من أجل بناء «الهيكل الثالث» وإقامة دولة دينية تحكم بالشريعة فى إسرائيل، ستهدد ليس فقط الديمقراطية فى دولة إسرائيل، ولكن ستهدد وجود وكيان الدولة ذاته!! رصد البحث تزايد نشاط الجمعيات والمنظمات الداعية إلى إقامة الهيكل خلال التسعينيات من القرن الماضى، وخصوصًا فى السنوات الخمس الأخيرة منها، بعد أن اتسعت دائرة النشطاء والمؤيدين والقاعدة الجماهيرية المؤيدة عقديا لفكرة هدم المساجد الموجودة فوق جبل المكبر
هذا المحتوى مطبوع من موقع وجهات نظر
وجهات نظر © 2009 - جميع الحقوق محفوظة