الديمقراطيون قادمون..أين العرب؟



وصفت انتخابات الكونجرس الأخيرة بالزلزال السياسي، حيث أطاحت بالحزب الجمهوري من مقاعد الأغلبية في المجلسين ومثلت استفتاء علي أداء بوش وحزبه داخليا وخارجيا علي السواء. وقد لاقت نتائج تلك الانتخابات ترحيبا عربيا أشبه بذلك الذي ساد العالم العربي حين تولي بوش الرئاسة أول مرة عام 2000. ففي ذلك العام، بني العرب تفاؤلهم علي مجموعة من الاعتبارات التي تم القفز منها إلي تقديرات مغالية في التعميم والتبسيط. كان أول هذه الاعتبارات أن الرئيس الجديد - وقتها - هو أحد أبناء الرئيس بوش الأب، المعروف بصداقاته العربية خاصة في دول الخليج، ثم إن بوش الابن كان حاكما لولاية تكساس البترولية، فضلا عن أنه،علي أية حال، ينتمي للحزب الجمهوري الذي طالما اعتبره العرب أفضل في التعامل مع القضايا العربية من الحزب الديمقراطي. أما في 2006 فربما ارتبط التفاؤل العربي بكراهية إدارة بوش أكثر من ارتباطه بالديمقراطيين أنفسهم، إذ لم يتخلص العرب بعد من مقولة أن «الجمهوريين أفضل من الديمقراطيين»، حتي بعد سنوات حكم بوش الابن، التي تم اعتبارها مجرد استثناء من قاعدة! ويطرح ذلك كله عددا من الأسئلة المهمة. فما هي أولا حدود «الزلزال» الذي ضرب واشنطن وآفاق التغيير الذي يحمله عموما؟ وثانيا: هل فعلا الجمهوريون أفضل من الديمقراطيين بالنسبة للقضايا العربية؟ وما هو المتوقع بالنسبة لتلك القضايا في ظل وضع جديد يحتل فيه الجمهوريون البيت الأبيض بينما يسيطر فيه الديمقراطيون علي المؤسسة التشريعية الأمريكية. الزلزال الأمريكي إذا كان من رسالة مؤكدة بعث بها الناخب الأمريكي عبر صناديق الاقتراع، فقد كان عنوانها الرئيسي أنه يرغب في وضع قيد علي إدارة بوش. ورغم أن العراق كان قد تصدر أولويات الناخب عند التصويت، فإنه كان قضية داخلية بامتياز لا قضية خارجية، فكارثة العراق تجسد كل العلل التي ضاق بها ذرعا ذلك الناخب الأمريكي، بدءا من انعدام الرقابة التشريعية وغياب المساءلة والمحاسبة ومرورا بالفساد السياسي ووصولا إلي تزييف الوعي العام عبر تطويع المعلومات من ناحية وحجبها عن الجمهور من ناحية أخري، وهي علل برز أحدها أو بعضها في قضايا أخري عديدة ولكنها تجمعت كلها في موضوع العراق الذي هو أصلا عنوان للتكلفة البشرية والمادية الباهظة التي تتكبدها الولايات المتحدة يوميا في حرب ثبت زيف كل مبررات شنها. بعبارة أخري، صحيح أن انتخابات الكونجرس عبرت عن موجة من الغضب الشعبي ضد الجمهوريين في الكونجرس والرئاسة معا، إلا أنها لا تعني بالضرورة تأييدا للديمقراطيين. فقد فاز الديمقراطيون لا لأنهم قدموا بدائل أفضل أيدها الناخبون وإنما لأنهم ببساطة أهون الشرين وفرصة الناخب الوحيدة لوضع قيد علي إدارة بوش الباقية في الحكم حتي يناير 2009، في ظل نظام سياسي فيمعناه أن تصبح الصلاحيات الهائلة المنوطة بالمؤسسة التشريعية الأمريكية في يد معارضي بوش بدءا من الاعتمادات ومرورا بالتشريع ووصولا إلي الرقابة التشريعية. وقد وصلت الرسالة بالفعل إلي كل من الإدارة والكونجرس، فسارع بوش بإقالة رامسفيلد الذي كان رمزا ليس فقط لكارثة العراق وإنما أيضا لمنهج الغطرسة والأحادية والإصرار علي تجاهل الواقع. فقد خلق رامسفيلد لنفسه خصومات في الكونجرس والمؤسسة العسكرية بل في الإعلام الأمريكي بسبب غطرسته وإصراره علي اتخاذ قرارات منفردة فضلا عن رفضه الاعتراف بالأخطاء التي ارتكبها وكبدت بلاده ثمنا باهظا. وهي كلها في الواقع خصائص اتسم بها أداء رموز إدارة بوش عموما لا فقط رامسفيلد. فقد حكم بوش الولايات المتحدة عبر سنوات ست تجاهل فيها تماما الديمقراطيين في الكونجرس وكان يسعي لتمرير تشريعاته عبر أصوات الجمهوريين وحدهم، كما رفضت إدارته غير مرة إطلاع المؤسسة التشريعية علي المعلومات التي تطلبها بموجب صلاحياتها الدستورية، حتي أن الكثير من أعضاء الكونجرس بمن فيهم الزعماء الجمهوريون كانوا يعرفون بعض القرارات المهمة من وسائل الإعلام، هذا ناهيك عن استراتيجية التخوين التي اتبعتها إدارة بوش مع كل خصومها السياسيين وأمعنت في استخدامها حتي اللحظات الأخيرة قبل إعلان نتائج الانتخابات التشريعية. كما وصلت رسالة الناخبين بالقطع إلي الديمقراطيين أيضا الذين فازوا لتوهم بمقاعد الأغلبية. ومن ثم، فإذا كان من زلزال بالفعل تشهده واشنطن فهو ذلك المتعلق بعودة الحياة لدور المؤسسة التشريعية الأمريكية. إذ من شأن تولي الديمقراطيين الأغلبية أن يعاد بعض الاعتبار للرقابة التشريعية بعد أن تلاشت في السنوات الأخيرة. فالكونجرس كان منذ أحداث سبتمبر قد تخلي عن صلاحياته الدستورية ووقع شيكا علي بياض لإدارة بوش في السياستين الخارجية والداخلية علي السواء. والمسئولية عن انهيار الرقابة التشريعية لا تقع علي عاتق الجمهوريين وحدهم، إذ شارك فيها الديمقراطيون- باستثناءات محدودة. فقد خضع أغلب الأعضاء الديمقراطيين لمطالب إدارة بوش ذعرا من تحدي رئيس كان يحظي بشعبية مذهلة، أو بفعل حملة التخوين والاغتيال السياسي التي أدارها الجمهوريون بدعوي حماية الأمن القومي، بينما خضع بعضهم الآخر لأسباب انتخابية قصيرة الأجل. وقد وضع ذلك الديمقراطيين في مأزق حقيقي وقلل إلي حد كبير من قدرتهم علي طرح بدائل يمكن أن يلتف حولها الناخبون. ومع ذلك، فإن بعض الرموز التي رفضت الانصياع لبوش سوف تتولي رئاسة لجان مهمة في المجلسين وهو ما يمكن معه توقع أن تشهد قاعات الكونجرس جلسات استماع مكثفة وتحقيقات مطولة واستدعاء لرموز بارزة في الإدارة للشهادة أمام الكونجرس الأمر الذي قد يسفر عن انكشاف الكثير من الأمور التي حرصت إدارة بوش علي حجبها عن الرأي العام. وهي العملية التي قد تطال شخصيات بارزة في الإدارة وتنفجر في وجه الجمهوريين بل والديمقراطيين أيضا الذين ليس من مصلحتهم سياسيا السعي لعزل بوش. فرغم أن عددا من رموز الحزب الديمقراطي بمن في ذلك جون كونيرز الذي سوف يتولي رئاسة لجنة القضاء في مجلس النواب يدعون إلي عزل بوش، فإن الأغلبية داخل الحزب الديمقراطي تسعي إلي تجنب ذلك المسار لأنه يشكل مخاطرة غير محسوبة قد تؤثر علي فرص الحزب الديمقراطي مستقبلا. فالديمقراطيون قد استوعبوا جيدا الدرس الذي تلقاه الجمهوريون حين سعوا إلي عزل كلينتون فظل الأخير يحتفظ بشعبية معقولة حتي اللحظات الأخيرة في حكمه بينما منيت القيادات الجمهورية التي سعت لعزله بهزائم متكررة أطاحت بها الواحدة تلو الأخري. والديمقراطيون سوف يحكمون خلال العامين القادمين وعينهم علي انتخابات 2008 الرئاسية والتشريعية ومن ثم فإن قراراتهم سوف تقوم علي حسابات المكسب والخسارة الانتخابية. خاصة أنهم فازوا في 2006 ليس فقط من خلال التعبئة في أوساط قاعدة الحزب أي اليسار، وإنما كانت أصوات المستقلين هي التي حسمت النتيجة في الواقع لصالحهم. ومن ثم صار علي الحزب أن يعقد توازنا دقيقا بين رغبة اليسار في التحول الراديكالي ومطالب المستقلين الذين يطالبون بإنجازات عملية ملموسة في شكل تشريعات وقرارات محددة. ومما يجعل ذلك التوازن أكثر تعقيدا أن المناصب القيادية، خصوصا في مجلس النواب، سوف تذهب إعمالا لمبدأ الأقدمية إلي رموز تمثل اليسار الديمقراطي، بينما ازداد عدد الأعضاء الجدد الذين يمثلون وسط ويمين الحزب. هل الجمهوريون أفضل..من الديمقراطيين؟ من المعروف لدي الباحثين عند تحليل ظاهرة سياسية أنه لا يجوز جمع المعلومات بشأنها عبر فترة تاريخية بعينها ثم إطلاق أحكام يتم تعميمها علي كل المراحل التاريخية. ولا يجوز أيضا اقتطاع وقائع أو حقائق بعينها من السياق العام ثم القفز منها إلي التعميم. لكن هذا في الواقع هو ما يفعله العرب المصرون علي مقولة أن «الجمهوريين أفضل للمصالح العربية من الديمقراطيين». فالحزب الجمهوري الحالي ليس هو حزب أيزنهاور الذي وقف ضد العدوان الثلاثي علي مصر، ولا هو حتي حزب بوش الأب الذي عارض ضمانات القروض لإسرائيل في 1991. ثم إن الحزب الجمهوري هو أيضا حزب ريجان الذي وصفه الإسرائيليون وقتها بأنه أفضل رئيس أمريكي علي الإطلاق بالنسبة لإسرائيل منذ إنشائها. أما الحزب الديمقراطي، فصحيح أن اليهود الأمريكيين يعطون أصواتهم بنسبة 80% لمرشحيه، إلا أنه صحيح أيضا أنه ضم تاريخيا القوي الأكثر مناصرة للقضية الفلسطينية. فمن الطبيعي أن ينتمي أغلب اليهود الأمريكيين للحزب الديمقراطي، فهو حزب الأقليات عموما. ولكنه أيضا الحزب الذي انضوي تحت لوائه- أو ظلت علي تخومه- ألوان شتي من قوي اليسار التي هي أكثر التيارات الأمريكية مناصرة للحقوق الفلسطينية. والأصوات المحدودة التي تجرؤ اليوم علي مناصرة الفلسطينيين تأتي كلها في الواقع من الحزب الديمقراطي أو من علي يساره. ولا يقل أهمية عن ذلك أن أنصار إسرائيل الجدد داخل الحزب الجمهوري لا يقلون صهيونية عن أنصارها في الحزب الديمقراطي. فنظرا للطبيعة الخاصة للأحزاب السياسية الأمريكية، فإن تقدير مواقف أي منها إنما يعتمد في جزء مهم منه علي فهم التركيبة السياسية لها. ولأن تلك التركيبة تتعرض للتطور التاريخي، فإنه لا يجوز الحكم علي أي من تلك الأحزاب دون أخذ ذلك التطور التاريخي في الحسبان. ويخطئ من يتصور أنه بالإمكان فهم التجربة الحزبية الأمريكية قياسا علي تجارب الأحزاب الأوروبية. فالأحزاب الأمريكية ذات طبيعة خاصة فرضها النظام السياسي بل وطبيعة النظام الانتخابي المعمول به في الولايات المتحدة. فالحزب في الولايات المتحدة هو بالأساس عبارة عن كيان مصمم خصيصا بغرض الفوز في الانتخابات العامة، دون أن يعني ذلك أن لهذا الحزب أجندة سياسية ثابتة وواضحة المعالم تعبر بالضرورة عن كل رموزه ويفوز بموجبها الحزب بأصوات الناخبين. وهو في ذلك يختلف عن الأحزاب الأوروبية التي تقدم أيديولوجية واضحة أو توجهات متماسكة، ثم تفوز علي أساسها في الانتخابات وتطبقها كسياسة عامة فيما بعد. ويرتبط بذلك ارتباطا وثيقا أن الحزب في الولايات المتحدة ليست له منظومة واحدة من المصالح «القومية» التي يدافع عنها ويسعي لتحقيقها، إذ أن فروع الحزب في الولايات تحدد أولويات مختلفة علي أساس المصالح المحلية وحسابات المكسب والخسارة في الولاية. ومن ثم، فمن الطبيعي أن تجد اثنين، من مرشحي نفس الحزب، بينهما اختلافات شاسعة في الرؤي والأفكار لأنهما ينتميان إلي ولايتين، لكل منهما أولويات ومطالب وتركيبة سكانية مختلفة عن الأخري. ومن الطبيعي أيضا، أن تجد عضوا في الكونجرس يصوت بانتظام ضد مشروعات الرئيس الذي ينتمي لنفس حزبه، لأسباب تتعلق أساسا بمصالح دائرته الانتخابية وأولوياتها. لكن الأهم من ذلك كله هو أن الحزب في أمريكا عبارة عن ائتلاف واسع يتسم بالسيولة، ويضم في داخله قوي وجماعات وتيارات عدة. هذه القوي والجماعات والتيارات لا تتفق بالضرورة علي مواقف موحدة إزاء كل القضايا العامة، إذ توجد بينها تباينات كثيرة تتسع في بعض الأحيان لتضم طرفي النقيض. ورغم أن أيا من الحزبين لا يعبر بالضرورة عن «كل» مواقف أي من هذه القوي، إلا أن كلا منها تجد مصلحة في الانضواء تحت لواء أحدهما دون الآخر. فهي تفضل الانتماء بشكل أو بآخر للحزبين الكبيرين، لأنهما وحدهما- دون باقي الأحزاب علي الساحة- اللذان لهما فرصة حقيقية في الفوز بالمناصب السياسية المختلفة. بعبارة أخري، فإن الحزب الأمريكي بمثابة مظلة واسعة تضم تحتها تيارات وقوي وجماعات لها مواقف متباينة بل ومتعارضة في بعض الأحيان، ولا يمكن في الواقع تصنيفها وفق معيار واحد. فعلي سبيل المثال، قد يتمثل ائتلاف أحد الحزبين في صغار المزارعين والعمال، وولايات الغرب، فضلا عن الأمريكيين السود والكاثوليك إضافة إلي اليسار. فكما يتضح من التركيبة السابقة، فإن هذا الائتلاف لا يقوم علي أساس عرقي أو ديني أو جغرافي أو طبقي فقط، وإنما علي توليفة من هذه الاعتبارات جميعا. وفضلا عن ذلك، فإن هذه الائتلافات ليست ثابتة. إذ قد تخرج إحدي هذه القوي من ائتلاف أحد الحزبين في لحظة تاريخية معينة، لتنضم لائتلاف الحزب المنافس. وقد تغيرت ائتلافات الحزبين الجمهوري والديمقراطي في العقود الأخيرة علي نحو قلص الفارق بينهما بشأن القضايا العربية وجعلهما يتسابقان في مناصرة إسرائيل. وكانت الإرهاصات الأولي لذلك التحول في ائتلافات الحزبين قد ظهرت ملامحها في الستينيات وما مثلته من غليان وتحولات كبري في المجتمع الأمريكي ولكنها لم تكتمل إلا في مطلع الثمانينيات من القرن العشرين بانتخاب ريجان عام 1980 وصارت تلك الائتلافات الجديدة هي الحاكمة للعمل السياسي الأمريكي منذ ذلك التاريخ. كانت الولايات المتحدة تموج بأحداث كبري منذ بداية الستينيات، علي رأسها حركة الحقوق المدنية، والتوسع في برامج دولة الرفاهية، فضلا عن حرب فيتنام، التي كانت في جوهرها تتعلق بطبيعة العلاقة مع الاتحاد السوفيتي. وإلي جانب كل ذلك كانت هناك الحركات الاجتماعية المختلفة والتي قدمت في الواقع منظومة قيمية جديدة فيما يعرف بالثقافة المضادة counter culture . ورغم أن هذا التحول في ائتلافات الحزبين قد ضم قوي وتيارات متعددة إلا أن مايهمنا هنا هو تلك القوي التي غير انضمامها للحزب الجمهوري وجه هذا الحزب بالنسبة لقضايانا. فمن أهم القوي التي اجتذبها الجمهوريون، بناء علي رفض القيم الاجتماعية الجديدة كانت الأصوليين البروتستانت، والذين كانوا يمثلون وقتها حوالي 1/7 من أصوات الأمريكيين البيض. وكانت بداية قطيعة هؤلاء مع الحزب الديمقراطي قد حدثت في عهد كارتر.فرغم أنهم ناصروه في انتخابات 1976، إلا أنهم تذمروا من سياساته بشدة، خصوصا حين رفض كارتر الموافقة علي إعفاء الأكاديميات الدينية التي تمارس الفصل العنصري من الضرائب. وحين زاد الديمقراطيون علي ذلك بتأييدهم لحق الإجهاض، انفصل اليمين الديني نهائيا عن الحزب الديمقراطي، وصاروا من أهم القوي ذات النفوذ في الحزب الجمهوري. وكانت البداية في عام 1980حين فاز ريجان بينهم بواقع 63%، ثم فاز بحوالي 80% من أصواتهم في انتخابات 1984. وقد صار هذا التيار اليوم هو القاعدة الأساسية للحزب الجمهوري الذي لا يمكنه الفوز في الانتخابات دونه. إلا أن ريجان استطاع أيضا أن يجتذب لحزبه، الصقور الديمقراطيين الذين تشككوا في قدرة كارتر علي مواجهة الشيوعية. وقد كان هذا الفريق من الديمقراطيين هو النواة التي كانت معروفة منذ الستينيات باسم المحافظين الجدد، وهم كانوا ليبراليين، صوتوا للحزب الديمقراطي حتي انتخاب كارتر، ولكنهم انقلبوا علي الليبرالية الأمريكية لأسباب متعددة كان علي رأسها ما وصفوه بعجز الليبرالية عن إدراك حجم الخطر الشيوعي والذي اعتبروه تهديدا لوجود أمريكا ذاته، ومن ثم ينبغي القضاء عليه وإلا قضي علي الولايات المتحدة. هذا فضلا عن رفضهم للتوسع في برامج دولة الرفاهية والحقوق المتساوية للأقليات. يتضح إذن أن اليهود لا يزالون في غالبيتهم ضمن ائتلاف الحزب الديمقراطي لأنه من ناحية يظل حتي اليوم حزب الأقليات عموما، ومن ناحية أخري، فإن الجماعة اليهودية الأمريكية تعتبر من الجماعات الليبرالية خصوصا فيما يتعلق بالحريات المدنية والقضايا الاجتماعية. لكن في مقابل ذلك، فإن ائتلاف الحزب الجمهوري يضم ليس فقط المحافظين الجدد وإنما يضم أيضا اليمين المسيحي وهو من أكثر التيارات الأمريكية علي الإطلاق تأييدا لإسرائيل بناء علي تفسير محدد للنبوءة التوراتية المتعلقة بعودة السيد المسيح. إذ يؤمن فريق من هؤلاء (وليس كلهم) إيمانا حرفيا بعودة السيد المسيح ليحكم العالم لألف عام. ووفقا لمعتقداتهم، فسوف يحكم أعداء المسيح العالم أولا، ثم يعود اليهود إلي فلسطين ويعتنق بعضهم المسيحية. بعد ذلك يتعرض اليهود لاضطهاد واسع النطاق، ثم يعود السيد المسيح ويكون جيشا قويا وتقع معركة «أرمجدون» التي سوف يهزم فيها المسيح قوي الشر. وبتحقيق الانتصار، يبدأ حكم المسيح في القدس لمدة ألف عام. والمسألة بالنسبة لهؤلاء لا تتوقف عند مجرد الاعتقاد بتلك العودة. فهذا الاعتقاد هو بمثابة الأساس لقراءة الأحداث العالمية. فالكتاب المقدس عندهم لا يعرض فقط لتاريخ البشرية وإنما يقدم خريطة لأحداث المستقبل، وبالتالي الدور الذي ينبغي للمؤمنين أن يلعبوه من أجل أن تتحقق تلك النبوءة ويتم إنقاذ البشرية. ومن هذا المنطلق، يؤيد هؤلاء إسرائيل تأييدا مطلقا. فرغم أن الكثيرين من رموز هذا التيار متهمون بالعداء للسامية، إلا أن أحدا لم يشكك في تأييدهم لإسرائيل. فتجمع اليهود في الأرض المقدسة، أحد شروط تحقق النبوءة كلها. ثم إن المفاوضات مع الفلسطينيين- عندهم- بلا جدوي. فهي مناهضة للنبوءة، لأن إسرائيل ستظل علي أية حال في عداء مستمر مع «أعداء المسيح»، وسيتعرض اليهود لاضطهاد واسع النطاق. أما المحافظون الجدد فهم الذين هيمن فكرهم علي سياسة بوش الخارجية، وهم المسئولون - كما هو معروف - عن كارثة العراق. فهم أصحاب الفكرة منذ عام 1992 وهم أيضا في أغلبهم من اليهود الصهاينة الذين يناصرون سياسات اليمين الإسرائيلي تحديدا. ومن الجدير بالذكر أنه بالإضافة إلي فيتنام والعلاقة مع السوفييت، والقضايا الداخلية التي سبق ذكرها، فقد كان أحد أسباب انقلاب المحافظين الجدد علي الحزب الديمقراطي هو المواقف التي اتخذها بعض المنتمين له إزاء القضية الفلسطينية في الستينيات وبداية السبعينيات. فقد كانت حرب 1967 مصدر فخر للصهاينة من اليهود الأمريكيين الذين رأوا فيها انتصارا مهما للدولة اليهودية. لكن الحرب نفسها كانت تعني شيئا آخر لقوي أخري انتمت هي أيضا للحزب الديمقراطي. فبالنسبة لليهود من غير الصهاينة، خصوصا في أوساط اليسار الجديد، فقد رأوا فيها أحد تجليات الإمبريالية الغربية والتي اعتبروا إسرائيل إحدي أدواتها. أما السود، وهم أيضا إحدي القوي الفاعلة في ائتلاف الحزب الديمقراطي، الذين تعاطفوا مع حركات التحرر الوطني في العالم الثالث عموما، فإنهم لم يستثنوا من ذلك فلسطين وكان لبعض قياداتهم تصريحات واضحة في عدائها لإسرائيل التي اعتبروها دولة غير قانونية «ولا تملك» حقوقا علي تلك الأرض. وقد شن المحافظون الجدد في ذلك الوقت حملة ضارية علي كل هؤلاء روجوا فيها لفكرة رئيسية مؤداها أن تصوير إسرائيل باعتبارها المعتدي إنما ينبع من أسطورة صنعها اليسار الجديد، قسمت العالم إلي «دول امبريالية وشعوب بريئة في العالم الثالث». وقالوا إن أية ثورة تقوم علي إرادة الشعوب لا تعني بالضرورة أنها تستحق التأييد، وقد أثار قلق المحافظين الجدد بروز رموز يهودية مهمة داخل اليسار الجديد مثل نعوم تشومسكي وهاورد دين وغيرهما، فوجهوا لهم اتهامات شرسة واعتبروهم دليلا علي الخطر الذي يمثله اليسار الجديد علي الجماعة اليهودية نفسها إذ أنه يمثل تهديدا من داخلها فضلا عن التهديد الآتي من خارجها والمتمثل في العداء للسامية، وهي الاتهام الذي وجهوه لقيادات السود التي انتقدت إسرائيل. غير أن القول بأن الحزب الجمهوري ليس أفضل من الحزب الديمقراطي بالنسبة للقضايا العربية لا يعني أيضا أن العكس هو الصحيح. فقد صرنا اليوم في وضع سياسي صارت فيه قيادات الحزبين تتسابق في خطب ود اسرائيل وإعلان مناصرتها. فالتحول في ائتلافات الحزبين ليس وحده المسئول عن الانحياز الصارخ لإسرائيل في الكونجرس بين الديمقراطيين والجمهوريين اليوم، إذ لا يقل أهمية في هذا المقام ذلك الجهد المنظم والمستمر الذي قامت به عبر عقود طويلة المنظمات والقوي المناصرة لإسرائيل وهي اليهود الأمريكيون (وتحديدا منظمة إيباك AIPAC كونها المعنية بالمؤسسة التشريعية) فضلا عن عدد من منظمات اليمين المسيحي والمحافظين الجدد، وهم الذين أسفرت جهودهم جميعا عن الحالة التي تشهدها الولايات المتحدة اليوم. أما إيباك فهي اللوبي الرسمي المشهر من أجل مناصرة إسرائيل في الولايات المتحدة. وإيباك هي اختصار لاسم المنظمة بالإنجليزية وهو لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية. American Israeli Public Affairs Committee وقد أنشئت إيباك من أجل التركيز علي المؤسسة التشريعية الأمريكية لا التنفيذية التي وقعت في اختصاص منظمات صهيونية أخري. وقد برعت إيباك في أداء الدور المنوط بها حتي صارت من أعتي جماعات اللوبي التي تدافع عن مصالح دولة أجنبية، حتي أنها صارت مثلا يحتذي قلدها اللوبي الياباني واليوناني والكوبي. وقد استخدمت إيباك كل الأدوات، المنصوص عليها في القوانين، والتي تستخدمها جماعات المصالح الأمريكية عموما، بدءا بالتعبئة للتصويت في الانتخابات العامة ومرورا بتمويل الحملات الانتخابية ووصولا إلي الضغط علي صناع القرار، فضلا عن العمل علي المستوي القاعدي، وبرعت فيها جميعا. وقد كان هدف إيباك منذ البداية هو جعل التأييد غير المشروط لأية حكومة إسرائيلية أمرا مقبولا بل وعاديا في الولايات المتحدة الأمريكية وخصوصا في المؤسسة التشريعية الأمريكية. وهو ما سعت إليه إيباك عبر استراتيجية مركبة سارت في أكثر من اتجاه، أولها الكونجرس نفسه وثانيها محيطه السياسي والفكري. فكانت الخطوة الأولي هي تقديم الدعم والمساندة بالمال والأصوات للديمقراطيين والجمهوريين علي السواء الذين يؤيدون إسرائيل أو الذين ليس لهم موقف معلن إزاءها بهدف تشكيل موقفهم. وقد ساعد علي نجاح إيباك في مهمتها غياب أية قوة ذات وزن، ومنافسة لها تقدم فكرا مناهضا، فضلا عن أن الهامش الضئيل بين المتنافسين في الحملات الانتخابية للمناصب المختلفة ظل يتضاءل باستمرار الأمر الذي يعظم من قدرة جماعات المصالح عموما علي التأثير علي النتيجة عبر ما تغدقه من أموال أو ما تعبئه من أصوات يوم الاقتراع العام. وقد أدي العمل الدءوب الذي قامت به إيباك عبر عقود إلي أن خلقت المنظمة لنفسها سمعة صارت في حد ذاتها جزءا لا يتجزأ من قوتها ونفوذها. إذ صار معروفا بين أعضاء الكونجرس أن إيباك قادرة علي الإطاحة بمن يقف ضد مطالبها. وقد قامت إيباك بالفعل في الثمانينيات بالإطاحة باثنين من أعضاء الكونجرس لجرأتهم علي الوقوف في وجهها وهما بول فيندلي وتشارلز بيرسي. ولأن الناخب العادي لا يهتم أصلا بالقضايا الخارجية عموما بل لا يعرف عنها شيئا في كثير من الأحيان، ومن ثم لا يمكن الاعتماد عليه لإنقاذ الأعضاء المناهضين لإسرائيل، فقد صار تأييد إسرائيل أمرا بلا تكلفة سياسية، إن لم يكن مربحا، بينما الوقوف ضدها بمثابة انتحار سياسي يتجنبه من يرغب في مستقبل في السياسة. أما الخطوة الثانية فكانت الهيمنة علي الكونجرس من خلال تطعيم الجهاز الفني وبالذات في اللجان المهمة والمواقع القيادية بالموالين. فلأن عضو الكونجرس عادة ما لا يملك الوقت الكافي للإطلاع علي كل ما يعرض علي المجلس، ولا حتي الإلمام بكل القضايا التي تثار، ولما كان أغلبية الأعضاء لا يعرفون أصلا الكثير عن السياسة الخارجية، فإن عضو الكونجرس يوكل الكثير من المهام لمساعديه سواء في مكتبه الخاص أو في اللجان التي ينتمي لها. وهؤلاء المساعدون هم الذين يكتبون مشروعات القوانين، ويعدون المعلومات الواجب علي العضو قراءتها قبل الحديث للصحافة أو حضور الجلسات، ويرتبون لجلسات الاستماع ويختارون الشهود،(كل ذلك بموافقة العضو المعني طبعا، والتي تكون تحصيل حاصل في كثير من الأحيان). وقد نجحت استراتيجية إيباك، والتي تم تنفيذها عبر عقود متتالية، نجاحا مبهرا، إذ صار عدد كبير من العاملين في الجهاز الفني المساعد للأعضاء الديمقراطيين والجمهوريين علي السواء علي صلة وثيقة بإيباك علي نحو أو آخر. ومن ثم لم يكن مستغربا أن تتم دعوة نتنياهو للشهادة أمام جلسات الاستماع التي كانت تناقش ما إذا كان علي الولايات المتحدة أن تغزو العراق في 2002 و 2003 وتخلو قائمة الشهود من أية شخصية عربية مناهضة لاحتلال العراق! وقد استكملت إيباك هذه الاستراتيجية بالاهتمام بتشكيل الرأي العام في أوساط النخبة السياسية والفكرية المحيطة بالكونجرس لصالح إسرائيل. ولذلك أنشأت معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني، Washington Institute for Near East Studies كمركز من مراكز الفكر في واشنطن ليهتم بقضايا الشرق الأوسط. وهو الذي أنشئ ليكون في الواقع الذراع البحثي لإيباك وكان الغرض وقتها وضع حد لنفوذ مؤسسة بروكنجز التي اعتبرتها إيباك في ذلك الوقت «ليست متوازنة» بشأن الشرق الأوسط. وقد ضم معهد واشنطن علي مدار عمره عددا من الأيديولوجيين من عتاة الفكر الصهيوني الذين أسهموا بشكل واضح في إعادة تشكيل رأي النخبة الأمريكية علي نحو يجعلها أكثر قربا لأفكار اليمين الإسرائيلي تحديدا، إذ صار من المقبول تماما التخلي عن فكرة الأرض مقابل السلام وابتلاع إسرائيل لمزيد من الأرض والسكوت علي انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان بل وتبريرها بزعم الدفاع عن النفس. لذلك كله، لم يكن غريبا أن ينعقد المؤتمر السنوي لإيباك هذا العام فيحضره أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ وربع أعضاء مجلس النواب فصلا عن عشرات من رموز الإدارة. ولم يكن مستغربا أيضا أن تثور عاصفة في الكونجرس بعد إدانة نوري المالكي للهمجية الإسرائيلية في لبنان ويرفض الأعضاء الديمقراطيون قبل الجمهوريين استقباله، بينما يصف هاورد دين ما قاله المالكي عن إسرائيل بأنه «معاد للسامية». ولعل حالة هاورد دين من الحالات بالغة الدلالة في هذا الإطار. ففي حملته لمنصب الرئاسة عام 2004 كان هاورد دين قد طالب في تصريح له بأن تلعب الولايات المتحدة دور «الوسيط المحايد» في الشرق الأوسط،الأمر الذي أثار حوله عاصفة إدانة وحملة تشهير استغلها خصومه وأسهمت في تقليص فرصه. ومنذ ذلك التاريخ، لم يسمع عن هوارد دين أنه نطق بكلمة واحدة قد تبدو علي أي نحو وكأنها تنتقد إسرائيل. وهكذا صار الكونجرس قلعة محصنة تهيمن فيها أفكار أنصار إسرائيل بشكل واضح لافارق في ذلك بين جمهوري وديمقراطي. ولكن تظل هناك استثناءات وهذه الاستثناءات تأتي إما من الأعضاء السود أو من الأعضاء الليبراليين الذين يقعون علي يسار الحزب الديمقراطي. فعلي سبيل المثال استهدفت إيباك اثنين من الأعضاء السود في عام 2002 هما سينثيا ماكيني وايرل هيليارد وأطاحت بهما من مقعديهما بعد حملة انتخابية شرسة وقفت فيها ايباك وراء منافسيهما حتي فازا بالمقعدين، وذلك عقابا لكل من ماكيني وهيليارد علي مناصرتهما للفلسطينيين. وهي حملة لم تخل من اتهامهما بمناصرة الإرهاب والعداء للسامية. غير أنه من المهم القول أن ما تقوم به إيباك لا يعبر بالضرورة عن الجماعة اليهودية الأمريكية، إذ صارت إيباك علي يمين الناخب اليهودي نفسه، فعلي سبيل المثال كانت أغلبية اليهود الأمريكيين ضد غزو العراق بنسبة أعلي من تلك التي رفض بها الأمريكيون من جماعات أخري ذلك الغزو، هذا في الوقت الذي لعبت فيه إيباك دورا بالغ الأهمية في الترويج لذلك الغزو. إلا أن أيباك لا تتورع عن التشهير باليهود الأمريكيين الذين تعلو أصواتهم ضد مواقفها والاتهام جاهز فهو «اليهودي الكاره لنفسه» Self-hating Jew وهو اتهام معروف في الخطاب الصهيوني، الأمر الذي يفسر حالة الصمت في أوساط الجماعة اليهودية إزاء أداء إيباك رغم وجود بعض التذمر. وإن كانت قد بدأت أصوات بعض اليهود تعلو مؤخرا بل وتطرح نفسها بديلا لإيباك. خلاصة القول أن الرأي العام في أوساط النخبة الأمريكية صار محصورا في إطار واحد ضيق هو التأييد المطلق وغير المشروط لإسرائيل. والاتهامات جاهزة لردع المخالفين، بدءا من العداء للسامية وحتي دعم الإرهاب. فقد تلقت عضو الكونجرس بتي ماكولم التي صوتت ضد مشروع قانون يخفض المساعدات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية رسائل تتهمها بتأييد الإرهابيين. ولا يقل دور اليمين المسيحي شراسة عن الدور الذي تلعبه إيباك فقد كان اليمين المسيحي هو المسئول عن تمرير قانون نقل السفارة الأمريكية للقدس وسلسلة أخري من القوانين منها قانون الاضطهاد الديني فضلا عن التشريعات المختلفة بشان السودان. وقد عقدت منظمات اليمين المسيحي المناصرة لإسرائيل مؤتمرا هذا العام حضره أكثر من 3 آلاف شخص تحت عنوان ذي دلالة هو«المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل». ولا يدخر المحافظون الجدد بكل مراكز الفكر والإعلام الموالية لهم الجهد في مهاجمة وتشويه كل من يتعرض بالانتقاد لإسرائيل أو يطلق كلاما مغايرا عن المطلوب بشأن الحقوق العربية. ما الذي يمكن توقعه؟ رغم أن الحزب الديمقراطي صار هو حزب الأغلبية في الكونجرس بموجب انتخابات 2006 إلا أن الكثير سوف يتوقف علي قدرة الحزب علي الخروج من كبوته التي صنعها لنفسه منذ أحداث سبتمبر ولا يزال يدفع ثمنها حتي الآن. فباستثناء أصوات قليلة من الحزب الديمقراطي من أمثال روبرت بيرد وباتريك ليهي وتيد كيندي، انهارت تماما المعارضة المؤسسية. فمنذ أحداث سبتمبر، أصاب الديمقراطيين في الكونجرس الذعر بسبب الارتفاع المذهل لشعبية الرئيس، وآثروا السلامة علي تحدي رئيس يحظي بتلك الشعبية، فانحنوا بالكامل لرغباته ووافقوا علي أغلب التشريعات الخلافية التي دفع بها للكونجرس في مجال السياسة الداخلية والخارجية علي السواء. ماتت المعارضة المؤسسية فخرج المعارضون للشوارع. ثم جاءت حرب العراق لتضع المسمار الأخير في نعش المعارضة التشريعية. إذ جاء انصياع المعارضة الديمقراطية وموافقتها علي قرار الحرب لأسباب انتخابية قصيرة الأجل وهو الموقف الذي لا يزال الحزب الديمقراطي يدفع ثمنه حتي الآن. كانت إدارة بوش قد تعمدت طلب موافقة الكونجرس علي استخدام القوة العسكرية في العراق قبل أسابيع قليلة من الانتخابات التشريعية في 2002، رغم أنها كانت قد عقدت العزم علي غزو العراق منذ انتهاء الحملة العسكرية علي أفغانستان. فالدفع بالطلب إلي الكونجرس قبل الانتخابات بأسابيع يجعل هذه القضية تتصدر اهتمامات الإعلام والخطاب العام، الأمر الذي يصرف الانتباه عن فضائح إنرون التي انفجرت قبل الانتخابات، فضلا عن غيرها من القضايا الداخلية، وعلي رأسها أحوال الاقتصاد التي كانت متردية وقتها وتفتح فرصة مناسبة للديمقراطيين. وطرح قضية تتعلق بعمل عسكري ضد دولة اتهمت بأنها تمثل خطرا علي أمن الولايات المتحدة، كان يستدعي الحالة التي سرت عقب هجمات سبتمبر، ومن ثم يسمح بردع المعارضين لقرار غزو العراق لئلا يتهموا بالتهاون إزاء الخطر الخارجي والتساهل إزاء الأمن القومي، مما يؤدي لإحراجهم ودفعهم دفعا للتصويت لصالح القرار. وكان الحزب الديمقراطي ينوي إدارة المعركة حول قضايا الداخل ومن ثم حين ألقت إدارة بوش بقضية العراق في المعترك السياسي، تغيرت قواعد اللعبة، وصار علي الديمقراطيين التعامل مع الموقف الجديد. فما كان منهم إلا أن تبنوا استراتيجية جديدة ثبت أنها كلفتهم كثيرا. فقد انطلق الديمقراطيون من مقدمة صحيحة ولكن بنوا عليها استراتيجية انتهازية كلفتهم كثيرا. كانت المقدمة الصحيحة أنه لا ينبغي لهم - إذا كان الهدف هو الفوز - السماح لبوش باستثمار الحالة التي عمت البلاد بعد أحداث سبتمبر لتحقيق انتصار لحزبه مستخدما شعبيته - خصوصا بشأن الحرب علي الإرهاب. أما الاستراتيجية البائسة، فكانت قرارا بعدم مواجهته بشأن الأمن القومي، والسعي إلي صرف الانتباه بسرعة إلي قضايا الداخل. بعبارة أخري، سعي الديمقراطيون إلي تحييد قضية الأمن القومي لا عبر اتخاذ مواقف بشأنها، وإنما عبر التنازل عنها بالكامل لبوش، عبر إعطائه ما أراد بشأن العراق، ثم تغيير الموضوع بسرعة لتحتل قضايا الداخل الأولوية في الانتخابات. ويظل المهم الإشارة إلي أن الحزب الديمقراطي في الكونجرس كان منقسما علي نفسه بشأن قرار حرب العراق. فرغم الاتفاق علي أن الاستراتيجية الأمثل هي منح بوش القرار الذي أراده بشأن العراق، إلا أن بعضهم، خصوصا في مجلس الشيوخ، كان يسعي إلي استصدار قرار يضع قيودا تحد من صلاحيات الرئيس، وذلك عبر إجباره علي الحصول علي موافقة الأمم المتحدة وتشكيل تحالف دولي، أو العودة مرة أخري للكونجرس في حالة فشله في ذلك. هذا بينما كان هناك آخرون في مجلس النواب، خصوصا الأعضاء السود، معارضين تماما لذلك القرار. إلا أن العامل الحاسم كان في الواقع مواقف قيادات الحزب ودورهم في اتخاذ القرار. وهكذا مر قرار غزو العراق في المجلسين بسرعة غير مسبوقة، لم تتعد الأيام العشرة. أي دخلت الولايات المتحدة حربا جديدة استغرقت مناقشة أسبابها ودوافعها وآفاقها وكل ما يتعلق بها أياما قليلة لم تتعد الأسبوعين! وهي سرعة مذهلة، خصوصا بالنسبة للمؤسسة التشريعية الأمريكية المعروفة ببطء أدائها عموما. وبمجرد أن تمت الموافقة علي قرار غزو العراق، عاد الديمقراطيون إلي دوائرهم سعيا لاستكمال باقي الخطة. فقد كان الهدف من الموافقة علي القرار هو العودة بأسرع ما يمكن للقضايا الداخلية وجعلها محور الحملة الانتخابية. ولكنهم فشلوا فشلا ذريعا إذ لم يجد الناخب أي فارق بينهم وبين الجمهوريين فهزموا هزيمة مدوية. خرج الحزب الديمقراطي إذن من معركة 2002 الانتخابية أكثر ضعفا مما دخلها. وهو ما تكرر في انتخابات 2004 الرئاسية والتشريعية معا. ذلك لأن الأسباب التي أدت إلي هزيمة الديمقراطيين في 2002 ظلت شبحا يلاحق حملات مرشحي الحزب في 2004. وظل مرشح الحزب للرئاسة جون كيري يعاني طوال حملته في 2004 من أزمة حزبه، ويدفع ثمن مواقف اتخذها بنفسه كعضو في مجلس الشيوخ، حيث حرمته تلك المواقف من أن يبني حملة قوية تتحدي بوش. فهو، من خلال عضويته في مجلس الشيوخ، وافق علي قانون باتريوت، الذي يقوض الحريات المدنية ثم الخفض الضريبي الذي استفاد منه الأغنياء، وعلي إنشاء وزارة الأمن الداخلي، وعلي قرار غزو العراق ثم علي تمويل الاحتلال، الأمر الذي حرمه من تمييز نفسه عن بوش وتقديم برنامج متكامل. بعبارة أخري، فإن المشكلة الرئيسية في حملة 2004 لم تكن أبدا أن المرشح الديمقراطي يواجه خصما يتمتع بشعبية يستحيل معها هزيمته، إذ ظلت المشكلة في الواقع هي ضعف المرشح الديمقراطي، لا قوة بوش. الديمقراطيون إذن عانوا طوال السنوات الخمس الماضية من مأزق صنعوه لأنفسهم بأنفسهم. إلا أن الأوضاع السياسية فتحت لهم الباب علي مصراعيه في 2006. ولم يكن موضوع العراق وحده المسئول عن تردي شعبية الجمهوريين فقد فشل الحزب الجمهوري في العامين الأخيرين في تمرير أي من مشروعات القوانين التي تتعلق بقضايا داخلية مهمة، وجاء إعصار كاترينا ليكشف عن حالة مذهلة من انعدام الكفاءة والعجز عن مواجهة كارثة طبيعية، في بلد ظل زعماؤه طوال أعوام خمسة يستخدمون «مواجهة الكوارث الأمنية» كمبرر لكل سياساتهم، هذا فضلا عن الفضائح المالية والأخلاقية التي تورط فيها عدد من أعضاء الكونجرس وطالت بعض رموز الإدارة. ومن هنا صارت لدي الديمقراطيين الفرصة للفوز بالأغلبية في الكونجرس لا لأنهم الأفضل ولكن لأنهم الحزب الذي قد يفرض قيدا علي بوش. وكان المسكوت عنه في حملة 2006 أكثر دلالة بكثير مما تمت مناقشته. فالحزب الديمقراطي المعروف تقليديا بأنه المدافع عن الحريات والحقوق المدنية لم يتطرق مرشحوه لما تعرضت له الحريات المدنية في عهد بوش من قصف منتظم وذلك ببساطة لأن حزبهم كان شريكا في تمرير قانون باتريوت وغيره من القوانين المقيدة للحريات. وبسبب ضلوعهم في الموافقة علي قرار غزو العراق ثم الموافقة علي الاعتمادات التي طلبها بوش منذ ذلك التاريخ، عجز الديمقراطيون عن تقديم بدائل واضحة بشأن الكارثة العراقية خاصة بعد أن صارت الأوضاع العراقية بمثابة فخ تحمل كل بدائل الخروج منه تكلفة باهظة للولايات المتحدة. وكان ما قاله الديمقراطيون أثناء الحملة الانتخابية بالغ العمومية لا يتعدي الدعوة إلي تغيير السياسة الأمريكية في العراق دون تحديد لطبيعة ذلك التغيير، فضلا عن انتقادات واسعة لإدارة بوش بشان استراتيجيتها في العراق. فلم يكن بمقدور من وافقوا علي قرار الغزو أن يزعموا فساد الفكرة أصلا. والطريف أن القلة من الديمقراطيين الذين اعترفوا بأنهم أخطأوا حين وافقوا علي قرار الغزو أرجعوا ذلك الخطأ إلي تزييف إدارة بوش للمعلومات التي عرضتها علي الكونجرس. أي لم يقل أي منهم أن فكرة تغيير النظم بالقوة في حد ذاتها فكرة فاسدة ولم يوجه أي منهم أي انتقاد لمسألة إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط. بعبارة أخري، فإن هذا المأزق الذي خلقه الديمقراطيون لأنفسهم سوف يمثل في حد ذاته سقفا مقيدا لما يمكن أن يطرحوه من بدائل. وفي واقع الأمر، فإن الديمقراطيين منقسمون علي أنفسهم بشأن التعامل مع موضوع العراق فهناك فريق يدعو إلي الانسحاب الفوري من العراق، ولايمانع البعض في هذا الفريق من تقسيم العراق إذا ماكان ذلك هو ثمن الانسحاب بشكل يحفظ لأمريكا ماء وجهها. وفريق آخر يدعو إلي انسحاب مرحلي وفق جدول زمني بدءا من مطلع عام 2007 دون وضوح للرؤية بشأن حجم القوات المنسحبة في كل مرحلة ولا حدود ذلك الجدول الزمني. وفي داخل ذلك الفريق هناك من يدعو إلي إعادة نشر القوات الأمريكية في منطقة الخليج ومناطق بعينها داخل العراق. لكن هناك درجة من الإجماع داخل الحزب الديمقراطي بل وبين بعض الجمهوريين حول ضرورة إحداث تحول كيفي في دور القوات الأمريكية في العراق، يحد من قيامها بالعمليات العسكرية ويقصره علي التدريب والاستشارات العسكرية، مع الدفع نحو دور أكبر لجيران العراق من خلال عقد مؤتمر دولي تتم فيه مناقشة الأدوار المطلوبة من الفاعلين الإقليميين. لكن الديمقراطيين عموما أقل ثقة بكثير من الجمهوريين في حكومة نوري المالكي حتي أن بعضهم يدعو إلي تشجيع الجيش العراقي علي الانقلاب عليها، بينما يدعو بعضهم الآخر إلي ممارسة ضغوط قوية علي تلك الحكومة وإلزامها بجداول زمنية ونزع سلاح الميلشيات واستخدام التهديد بانسحاب القوات الأمريكية كسلاح في وجهها. ولكل ذلك، يعول الديمقراطيون كثيرا علي ماسوف تطرحه لجنة بيكر-هاملتون التي أنشأها الكونجرس في 2005 وينتظر أن تقدم توصياتها بنهاية هذا العام بشأن العراق. فاللجنة بالنسبة للديمقراطيين بمثابة غطاء سياسي هم في أمس الحاجة إليه لتبني بدائل لايمكنهم تبنيها دون ذلك الغطاء بسبب المواقف التي اتخذها حزبهم في السابق. أما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ينبغي الإشارة إلي أن مواقف الكونجرس كانت طوال الفترة الماضية لا تقل انحيازا لإسرائيل عن الإدارة ولا يختلف في ذلك الديمقراطيون والجمهوريون. بل إن الديمقراطيين الذين سوف يتولون عددا من اللجان المهمة خصوصا في مجلس النواب أكثر انحيازا لإسرائيل في الواقع من نظرائهم الجمهوريين. فتوم لانتوس الديمقراطي معروفة مواقفه من القضايا العربية وهو الذي سيتولي رئاسة العلاقات الخارجية. لكن رئاسة اللجان المهمة في مجلس الشيوخ ستكون من نصيب أعضاء اكثر اعتدالا من نظرائهم في مجلس النواب، وإن كان من غير المتوقع أن يتمكنوا من إحداث تغيير كبير خصوصا في جو عام صار معه الوقوف في وجه مطالب اليمين الإسرائيلي بالغ الصعوبة. أما فيما يتعلق بإيران وسوريا، فالديمقراطيون ليسوا أفضل حالا من الجمهوريين فمنذ صدور قانون فرض العقوبات علي إيران في 1996 الذي كانت ولا تزال إيباك هي الفاعل الرئيسي وراءه، اتخذ الكثير من الديمقراطيين مواقف لا تقل تشددا عن مواقف الجمهوريين بل إن بعضهم لا يمانع في توجيه ضربة جوية خاطفة للمنشآت النووية الإيرانية، وكان الديمقراطيون أيضا قد أيدوا قانون محاسبة سوريا الذي صدر في 2003 بل وافقوا بأغلبية ساحقة علي مشروع قرار غير ملزم أثناء الحرب اللبنانية الأخيرة يدافع عن «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها». ومن الجدير بالذكر أن هذا القرار قد مر بعد أن أصر بعض الأعضاء من الحزبين علي حذف عبارة كانت تدعو «كل الأطراف» إلي تجنب الإضرار بالمدنيين والبنية التحتية المدنية. والقرار المذكور لم تكن وراءه إيباك بل كانت هي التي كتبت صيغته أصلا وسلمته للأعضاء الذين تبنوه وقاموا بتمريره. وفي واقع الأمر فإن أعضاء الكونجرس كانوا في مقدمة المنادين بالإطاحة بالنظام السوري واشترك معهم في ذلك عدد من رموز المحافظين الجدد في الإدارة، بينما عارض ذلك العسكريون في وزارة الدفاع وكوادر الدبلوماسيين في وزارة الخارجية، أي الذين لم يأتوا إلي مواقعهم عبر تعيينات سياسية من قبل بوش. وقد سعت رموز المحافظين الجدد إلي البحث عن جماعة سورية في المنفي تقوم بالدور نفسه الذي لعبه أحمد الجلبي في العراق. وبالفعل، عقدت اجتماعات عدة مع رموز حزب الإصلاح، وهو ائتلاف واسع من قوي المعارضة السورية في الخارج، بزعامة فريد الغادري، وقد التقي هؤلاء بمساعدي تشيني بالبيت الأبيض، ودوجلاس فايث وفريقه في وزارة الدفاع، فضلا عن اليزابيث تشيني والفريق العامل معها في وزارة الخارجية. وقد لقي هذا الفريق داخل الإدارة معارضة قوية بالذات من داخل وزارة الخارجية التي وجدت في العمل مع مجموعة الغادري تكرارا مريرا لفشل تجربة الجلبي، التي كانوا ضدها أصلا منذ 1995. غير أن الأمر حسم بعد الانتخابات المصرية والفلسطينية لصالح إرجاء تلك المحاولات مؤقتا خوفا من أن تؤدي الإطاحة بالنظام السوري إلي وصول الإخوان المسلمين للحكم في سوريا. وصار هدف إدارة بوش منذ ذلك الوقت هو إضعاف نظام الأسد وتهميشه وإبعاده عن إيران ولكن دون القضاء عليه. أما إيران فهناك حملة محمومة من جانب المحافظين الجدد لتوجيه ضربة جوية مدمرة لها، وهي حملة تدور علي قدم وساق ويعود تاريخها إلي ما بعد غزو العراق مباشرة ويغذيها بقوة أنصار إسرائيل في واشنطن حتي من غير المنتمين للمحافظين الجدد، بعد أن كانوا هم أصحاب تلك الحملة منذ منتصف التسعينيات وحتي تولي بوش الرئاسة في 2001. وفي هذا السياق، جاء العدوان الإسرائيلي علي لبنان ليجد دعما كاملا من جانب إدارة بوش وصل إلي حد رفض وقف إطلاق النار حتي تنتهي إسرائيل من عملياتها العسكرية. فمن ناحية، كان القضاء علي حزب الله شرطا ضروريا لابد أن يسبق اية ضربة أمريكية جوية لإيران لئلا تستخدم صواريخ حزب الله في أي رد فعل انتقامي. ومن ناحية أخري كانت الضربة الأمريكية المزمعة علي إيران تشبه إلي حد كبير في شكلها ومضمونها ما سعت إسرائيل إلي عمله. فقد استخدمت إسرائيل في لبنان استراتيجية الصدمة والرعب نفسها التي استخدمتها أمريكا في العراق. ومن ثم فإن ضرب البني التحتية المدنية في لبنان كان هدفا في ذاته، إذ كان المقصود بالصدمة والرعب في حالة لبنان هو تأليب الفرقاء اللبنانيين علي حزب الله لتحقيق هدف القضاء عليه، إن لم يكن بالقوة العسكرية فعبر الانقسامات اللبنانية. ومن المتوقع أن توصي لجنة بيكر-هاملتون بإجراء محادثات مباشرة مع سوريا وإيران. وهو مالن يروق بالطبع للقوي التي ظلت منذ أكثر من عقد تدعو إلي سياسات مغايرة وتتصور أنها كانت قاب قوسين أو أدني من تنفيذ مخططاتها لولا كارثة العراق. وبالتالي سوف تشهد واشنطن في تلك الحالة معركة مفتوحة لكل الاحتمالات. لكن الواضح حتي الآن أن تلك القوي استعدت بأفكار تحفظ لها الحد الأدني مما تريد، والتي سوف تدفع بكل قوة لتحقيق إجماع حولها. ومن أهم هذه الأفكار هي فكرة المحاور أي تقسيم المنطقة إلي محاور تتحالف فيه الولايات المتحدة مع ما يسمي محور الاعتدال المكون من دول الخليج إلي جانب مصر والأردن، وذلك للضغط علي «محور التطرف». وسوف يكون المطلوب من محور الاعتدال هو التدخل لإقناع سوريا بالابتعاد عن إيران والتخلي عن حزب الله، فضلا عن مساعدة الولايات المتحدة في القضاء علي حماس وحزب الله. لكن المهم القول أن قدرة هؤلاء علي تنفيذ أي من تلك المخططات سوف تتوقف ليس فقط علي طبيعة المعركة التي ستدور رحاها في واشنطن، وإنما تتوقف بدرجة أكبر علي التفاعلات التي ستدور علي الأرض في عالمنا العربي وما إذا كانت الأطراف المختلفة سوف تمتلك الإرادة السياسية لإفشال تلك المخططات، أو علي الأقل الاستعداد لمواجهتها وهو أضعف الإيمان.
كارثة العراق تجسد كل العلل التي ضاق بها الناخب الأمريكي، بدءا من انعدام الرقابة التشريعية وغياب المساءلة والمحاسبة ومرورا بالفساد السياسي ووصولا إلي تزييف الوعي العام عبر تطويع المعلومات من ناحية وحجبها عن الجمهور من ناحية أخري
التحول في ائتلافات الحزبين ليس وحده المسئول عن الانحياز الصارخ لإسرائيل في الكونجرس اليوم، إذ لا يقل أهمية في هذا المقام ذلك الجهد المنظم والمستمر للمنظمات والقوي المناصرة لإسرائيل
صارت لدي الديمقراطيين الفرصة للفوز بالأغلبية في الكونجرس لا لأنهم الأفضل ولكن لأنهم الحزب الذي قد يفرض قيدا علي بوش.
الديمقراطيين عموما أقل ثقة بكثير من الجمهوريين في حكومة نوري المالكي حتي أن بعضهم يدعو إلي تشجيع الجيش العراقي علي الانقلاب عليها
هذا المحتوى مطبوع من موقع وجهات نظر
وجهات نظر © 2009 - جميع الحقوق محفوظة