ابتــداع حـــركة الفن الفلسطينى ما بين الحداثة والمعاصرة



تعد الكتابة عن الفن الفلسطينى بمثابة مهمة معقدة، نظرا لكون التأريخ له يعكس ملامح التشتت والتقطع التى وَصمت المجتمع الفلسطينى منذ وقوع النكبة عام 1948.
وعليه، فإن عدد المطبوعات التى تناولت ذلك الموضوع ظل محدودا(1) وخاضعا لتباين التصورات التى تمليها المواقف السياسية الخاصة بمؤلفى تلك المطبوعات. فابتداءً بتخلق جوهر الممارسة الفنية الفلسطيني- تلك الخصوصية التى طال إنكارها شأن سائر أبعاد تلك الهوية السياسية التى انزوت لصالح هوية عربية مجردة- وارتباط ذلك الجوهر بتصوير المعاناة وآثار الاستلاب؛ وانتهاءً باكتمال ذلك المنحي، تلخصت تلك الممارسة فى الالتزام السياسى بل الثوري. وفى المقابل، قد تصور تلك الممارسة الفنية ذلك الطابع الهجين المميز لتيار ما بعد الكولونيالية، أو يمكن مقارنتها بمثيلتها لدى الأقليات الاجتماعية والعرقية داخل إسرائيل: كيهود السفرديم، والمهاجرين الجدد، والنساء، الخ.
غير أن الغالب على هذا التوثيق التاريخى هو الاعتماد على الأبحاث الرائدة للفنان كمال بلاطة(2)، الذى يعود إليه فضل الكشف عن الأثر الأساسى الذى تركه فنانو الأيقونات المقدِسيُّون على رواد فن التصوير قبل عام 1948، بالإضافة إلى فضله فى القول بأن التجربة البصرية إنما تتحدد بمقدار القرب من فلسطين، بمعنى تميُّز الفنانين القاطنين فيها وفى البلدان المتاخمة لها بنزعة تصويرية، بينما يتميز فنانو الشتات بميل إلى التجريد أو الى انتهاج ممارسة تصورية، تهدف إلى «حث الخطي» لاجتياز المسافة إلى فلسطين.
فى ميدان التصوير الفوتوغرافي، كشفت الدراسات الأخيرة للمؤرخ عصام نصّار(3) عما قام به المصورون من عمل ضخم فى مطلع القرن العشرين من أجل خلق لغة بصرية وطنية تخاطب الجمهور المحلي، بعيدا عن تلك الصور التى كان يلتقطها المصورون الأوروبيون الرحّل، الذين كانوا يسعون من خلالها الى إبراز مشاهد توراتية أو سياحية بقصد اجتذاب الجمهور الغربي.
كان جبرا إبراهيم جبرا، وهو واحد من أهم وجوه الحياة الأدبية العربية، قد بدأ حياته المهنية كرسام فى القدس، لكنه ارتحل الى العراق بعد النكبة. وهناك نشر رواياته عن القدس، وترجم أعمال شكسبير، وأسهم فى تشكيل الساحة الفنية العراقية المعاصرة، التى كانت واحدة من أكثر الساحات تأثيرا فى العالم العربي. كما نشر جبرا العديد من الدراسات حول الفن العربى فضلا عن كتاباته النقدية عن أعمال الفنانين الفلسطينيين فى الشتات(4)، وهو ما شكّل قاعدة تنظيرية ونقدية لا غنى عنها للبحاثة، بما تصوغه من رؤية للفن العربى بصفته فن عصرى وإنسانى وكوني.
هذا وقد صدرت عدة مؤلفات فى مناسبات متفرقة لمواكبة عدد غير مسبوق من المعارض الدولية المخصصة للفن الفلسطيني(5)، التى راحت تقام بانتظام منذ إبرام اتفاقات السلام عام 1993، والتى أضفت على الفلسطينيين صورة جديدة أكثر إيجابية. فضلا عن ذلك، تمت دعوة العديد من الفنانين الفلسطينيين بصفة شخصية للمشاركة فى التظاهرات الثقافية الكبرى على الصعيد الدولي. ويُستنبط من تلك المؤلفات اتجاهان متباينان: أولهما يسعى لإبراز المظالم الواقعة على الفلسطينيين، والثانى يركز على السمات الإنسانية المشتركة مع جمهور تلك المعارض، من خلال اختيار أعمال تصور الحياة اليومية الفلسطينية.
إن هذه الدراسة - على اقتضابها- تقرأ الممارسة البصرية الفلسطينية بصفتها عملية تــَحقُّقٍ باعثٍ للتحرر وعالمى الطابع، وهى ممارسة مدرجة فى واقع سياقات فكرية محلية وما بعد كولونيالية. الأمر الذى يعيد التبصُّر فى ملاحظات إدوارد سعيد(6) بشأن ضرورة قراءة الممارسات السردية الوطنية بصورة معاكسة للأنساق المحلية، وعلى ضوء نزعة إنسانية.
وهو ما يعنى تتبع مسارٍ من الممارسات التى وُلدت على أثر التلاقى مع الغرب ومواجهته فى آن، بصفته قوة استعمارية وثقافة مغايرة. وينفتح المسار على خلفية من الممارسات البصرية المكونة من إرث من الفنون الحضرية والفولكلورية، وهو ما أعقبه عودة الفنانين المحليين لاعتماد الأسلوب التصويرى الغربي، وتطويع مختلف التيارات الفنية الحديثة، وإبداء ردود الأفعال الناتجة عن تطوير التيارات الفنية البدائية، أو عن تحديث الممارسات الفنية ماقبل الكولونيالية، ليفضى المسار على الحقبة المعاصرة التى تهجر الصياغات الجمالية التى ابتدعها الأسلاف الحداثيون، لصالح تَبـَنٍ حماسى للعتاد الفنى الذى يفرضه تيار ما بعد الحداثة، بكل ممارساته التصورية، المكتفية بالحد الأدنى من التفاصيل، والمتعددة فى وسائطها التعبيرية.
وتبقى الخصوصية الفلسطينية كركيزة تنبنى عليها جميع تلك الممارسات، عن طريق تجذَر الإبداع الفنى فيما سماه ميشيل فوكو ممارسةَ

حرية تحكمها استثنائيةُ حالة استعمارية منطوية على مغالطة تاريخية.

 


تطور عبر التاريخ:


يتكون الإرث الفنى الفلسطينى من ممارسات حضرية كلاسيكية، قوامها فن الزخرفة المدنية الرفيعة: فى العمارة، والفسيفساء، والنسيج، والزجاجيات، والصدف، والمعادن، والسيراميك، والرسوم الدينية الإسلامية، والأيقونات؛ كما يضم ذلك الإرث فنونا يدوية ريفية تتضمن أشغال التطريز المحلي، وصناعة السلال، وأعمال الفخار، والرسوم الزخرفية لتزيين حوائط المنازل.
ولقد أسفرت الإصلاحات العثمانية التى تمت فى نهاية القرن التاسع عشر عن حقبة زمنية تتسم بالأمن النسبى والرفاهية فى المناطق الحضرية، الأمر الذى حدا بسكان المدن الرئيسة (القدس، ويافا، وعكا، وحيفا) إلى الخروج عن نطاق المدن القديمة لبناء مساكن شخصية مستقلة. كما أدى فرض السيطرة البريطانية على البلاد منذ العام 1917 إلى إضفاء صبغة غربية على نُسُق الاستهلاك الثقافى بين أوساط النخب من أهل المدن.
ويُذكر أنّ فنانـَى الأيقونات المقدسيَـيْن نيقولا صايغ وخليل الحلبى قد لعبا دورا مفصلياً فى تلك التغيرات، بما قدماه إلى الطبقة المتوسطة الوليدة آنذاك من لوحات ابتعدت عن الخط الدينى السائد، كانت تتم غالبا نقلاً عن الصور الفوتوغرافية التى تمثل المناظر الطبيعية المحلية، وأيضا بإسهامهما فى تعليم المراهقين من البنات والبنين المسلمين والمسيحيين أسس فن رسم الأيقونات وأوليات فن التصوير. وكانت تلك أشبه بحالة استثنائية لافتة بالنسبة لبلد عربي، وحتى فى مضمار مابعد الكولونيالية، حيث اكتشاف وتعلم أصول الفن والرسم كانا غالبا ما يُعهد بهما إلى معاهد للفنون الجميلة التى كانت تنشئها الإدارات المستعمِرة أو النخب المتغربنة، بهدف تقديم نقل حرفى للأساليب والممارسات الدارجة فى الحاضرات الغربية الكبري.
وبفعلٍ من تلك التحولات الاجتماعية، قام تلاميذ هذيْن الفنانـيْن بشق طريقهم فى ميدان فن التصوير (ومن بينهم زلفى السعدى ومبارك سعد)، ومنهم من أكمل دراساته بالخارج (مثل داود زلاطيمو الذى درس بانجلترا). وقام البعض الآخر برسم مشوارهم الفنى من دون المرور بتجربة فنانى الأيقونات، بأن تلقوا دراستهم للفنون الجميلة فى الخارج (مثل حنا مسمار فى ألمانيا، وصوفى الحلبى فى باريس، وفاطمة محب وخليل بدوية فى القاهرة، إلخ). أما الاستثناء اللافت فقد كان الفنان جمال بدران الذى درس الفنون الإسلامية بمصر ثم فى لندن، ليعود من ثَمّ إلى القدس ويفتتح مشغلا ومتجرا، حيث عكف على صناعة قطع مجموعاته المحدودة أو تلك التى كان ينفذها رهن الطلب، والتى كان يطوع فيها جماليات الفن الإسلامى بصورة تصلح للاستخدام اليومى أو للدمج مع عناصر الديكور العصري، وهو ما يشابه ما صنعه فى الجزائر فنان المنمنمات الحداثى محمد رسيم.
وباستثناء انتماء جبرا إبراهيم جبرا إلى مدرسة «الفوفية» أو الوحشية، وانتهاج ناهل بشارة لتيار الفطرية الفني، تميزت أعمال بقية فنانى تلك الفترة - عند مقارنتها بأعمال مجايليهم العرب من أمثال داود كورم فى لبنان ومحمود سعيد فى مصر - تميزت بجمالية تصويرية كلاسيكية وبالارتكان إلى موضوعين أساسيين: أولهما كلاسيكية الأعمال التى تصور الأشخاص و المناظر الطبيعية المحلية، ومحاولات خلق هوية بصرية محلية عن طريق رسم لوحات للشخصيات الوطنية والثقافات العربية، وثانيهما إعادة إحياء الشخوص والمشاهد التاريخية فى لوحات تحكى العصور العربية القديمة أو العصر الذهبى للحضارة العربية الإسلامية.
وفى العام 1948، ضربت النكبةُ المجتمعَ الفلسطينى فى الصميم. لكن غالبية الطبقة البرجوازية لم تلتجئ إلى المناطق التى عُهد بها إلى السيطرة المصرية أو الأردنية، وإنما ارتحلت إلى مدن المشرق والخليج حيث كان لها إسهامها الواضح فى تطوير تلك المدن. أما معظم الفنانين الذين احتضنهم المنفي، شأنهم شأن أولئك الذين بقوا فى وطنهم السليب، فقد تحولوا إلى امتهان وظائف غرضها الإعاشة كالتعليم، أو الرسم التخطيطي، ليهجروا بذلك ممارساتهم الفنية.
وما تزال هذه الصورة غيرَ مكتملة بعد، نظرا للافتقار إلى دراسات بشأن الحياة الفنية فى الحاضرتين الفلسطينيتين اللتين كانتا بمثابة قطبين اقتصاديين فيما قبل العام 1948، ألا وهما يافا وحَيفا. إذ من المرجح أن ما كان بهما من ديناميكية وانفتاح كان سببا لجعلهما أكثر ترحيبا بالفنانين مما كانت عليه القدس ببيئتها المحافظة. ومما يعرقل سير الدراسات ما كان من اندثار الأعمال الفنية: فلقد اختفت بالطبع اللوحات والمنحوتات التى أنتجت هناك إثر عمليات النهب التى تعرضت لها المدينتان، من دون أن يتم تسجيلها فى كتالوجات شأن ما وقع للعديد من المكتبات الفلسطينية الخاصة والعامة على يد إسرائيل.
وبحلول عقد الستينيات، بدأت مرحلة ثانية. تزامن ما اتسمت به من ديناميكية مع حالة من الاستقرار السياسى والاقتصادي، لكنها انقطعت على أثر الغزو الإسرائيلى عام 1967. وفى هذه المرة، قام الفنانون الذين كانوا قد ظهروا فى القدس آنفا باستكمال نشاطاتهم الفنية فى مدن أخري، أو فى الخارج (سامية زارو فى رام الله ففى الأردن، وعفاف عرفات فى رام الله ففى نابلس، وكمال بلاطة فى الولايات المتحدة، وفلاديمير تمارى فى اليابان، إلخ).
ولقد أدى الانبعاث السياسى الذى أحدثه تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964و بداية مرحلة الكفاح المسلح إلى إحداث حالة من الغزارة الثقافية فى حيفا، وبيروت، وعَمّان، ودمشق، وهو ما عُرف بالمرحلة الثورية للفن الفلسطينى .
أما أكثر الفنانين تأثيرا فى تلك المرحلة بما استحدثه من تعبير بصرى جديد، وبما أسداه لهذا التعبير فيما بعد من بنية تحتية مؤسساتية، فلقد كان واحدا من تلامذة داود زلاطيمو القدامي، ألا وهو إسماعيل شموط. كان ما يزال شابا لاجئا من اللُدّ إلى غزة، حين أقام هناك معرضه الأول عام 1953، لعرض لوحاته عن النزوح الفلسطيني. تلا ذلك معرضه الثانى بالقاهرة عام 1957، الذى افتتحه جمال عبد الناصر. وأكثر ما ميّز هذين المعرضين - شأن بقية مشواره الفني- هو ما كان لهما من أهمية سياسية، وهو ما كان بمثابة إعلان عن ميلاد تعبير ثقافى فلسطينى مستقل. وإثر تقلد إسماعيل شموط مناصب هامة داخل منظمة التحرير الفلسطينية فى بيروت، تحولت لوحاته إلى صور خليقة بمتحف شعبي، توسعت فى نشرها المطبوعات الصادرة عن مختلف هيئات منظمة التحرير الفلسطينية. ولقد تعمد شموط أن يسير عكس التيارات الفنية السائدة لكى يصور المأساة الفلسطينية بصورة أكاديمية صرفة. وسرعان ما انتقل هذا النهج إلى أعمال الفنانين الذين تأثروا به بفعل مناصبه، ليُسهم، بالتوازى مع المناخ المتفائل المناضل الذى ساد تلك الفترة، فى إنتاج منجز هائل من أعمال فن التصوير المناضل، الزاخر بجمالية واقعية اشتراكية بطولية، والحافل بالإشارات والخطوط الفولكلورية.
ومن ضمن أهم فنانى تلك الفترة يُذكر الرسام والنحات برهان الدين كركوتلي، والرساميْن عبد الرحمن المزيَّن وتمام الأكحل- زوجة اسماعيل شموط- والتشكيلى مصطفى الحلاج الذى تميزت أعماله الحجرية وجدارياته بجمالية ملحمية استلهمت العتاد الرمزى البصرى الذى تحفل به الأساطير المصرية والكنعانية، وهناك أيضا رسام الكاريكاتير ناجى العلي، الذى ابتدع شخصية الصبى حنظلة(7)، ذلك الولد الذى يتراءى وكأنه «جافروش» فلسطينى حزين. (المترجمة: جافروش شخصية ابتدعها الأديب الفرنسى فيكتور هوجو فى رائعته «البؤساء»، وهى لصبى صغير يجسد روح الثورة ولا يتورع عن الابتسام فى وجه الموت).
وتتوافق هاتان المرحلتان المتعاقبتان مع المسار التقليدى الذى كانت تمر به «الثقافات الوطنية» للبلدان الساعية إلى التحرر من الاستعمار آنذاك، وهو المسار الذى وصفه فرانز فانون فى كتابه «المعذبون فى الأرض» عام 1961. إذ ثمة تطور من الأسلوب المأساوى الشاعري، الرامى لاستعراض الظروف الأليمة، لتتبعه ثقافة نضال ذات طابع ثورى وقومي. فبالنسبة للفلسطينيين، كانت الحقبة التى أعقبت عام 1948 وانفتحت على التشتت والدمار الناجميْن عن النكبة، كانت قد انعكست من خلال المراثى البصرية للفردوس المفقود (من أعمال شموط والرسام نايف إبراهيم غنام)، وهو المنحى الذى تغير بعد عام 1964 ليتخذ صورة انطلاقة ثورية تعكس إيمانا صادقا فى إمكانية العودة. غير أن تلك الفترة قد انقضت بوقوع مجازر مخيمات اللاجئين فى لبنان، والخروج من بيروت عام 1982، كما انقضت رمزيا بتدمير مقتنيات متحف «التضامن مع فلسطين» فى بداياته (و ما به من أعمال للفنانين الإسبان أنطونى تابييس، وخوان ميرو، وإدواردو شيليدا، وغيرهم).
وبعيدا عن ذلك الفن الثورى الطابع الذى مورس بتوسع فى دمشق وبيروت، قامت،فى نفس الفترة وحتى بداية التسعينيات، ممارسات فنية فلسطينية تنامت فى المَهاجر العربية والغربية، حيث عكست التيارات الفنية السائدة هناك، أو اتبعت مسارات تعبيرية فردية.
ومن بين القامات السامقة فى ساحة الفن اللبنانى الحديث-فى فترة ما قبل تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية- كان هناك اللاجئان الفلسطينيان بول جيراجوسيان وجوليانا سيرافيم، اللذان عكست أعمالهما التجريدية الرمزية والسريالية البحوث الجمالية التى أهمت من جايلوهما من الفنانين، وهو ما أدى إلى خلق حداثة تشكيلية عربية.
ثمة تياران أساسيان فى مجال تجديد الفن العربى الحديث (فيما بين بداية الستينيات ونهاية الثمانينيات)قد عاودا الظهور فى إطار الفن الفلسطينى لاسيما الناشئ منه فى الشتات، أولهما هو تيار التجريد الذى كان قد انتهجه كل من السورى زياد دلّول، والعراقى شاكر حسن السعيد، واللبنانيين شفيق عبود وصليبا ضويحي، والثانى هو تيار إدماج الخط العربى كعنصر تشكيلي، وينتمى إليه من العراق عصام السعيد، وحسين زندرودى وضياء العزّاوي. ومن بين الفنانين الفلسطينيين المنتمين إلى كلا التيارين على التوالي: جومانا الحسينى وحسنى رضوان، ثم عزيز عمورة، ومحمود طه، وياسر الدويك، وسمير سلامة. أما محلياً، فهناك تيسير شرف وعصام بدر.


وخلافا لهذين التيارين، ثمة فنانان فلسطينيان اتخذا من الأردن مستقرا، برز كل منهما بفضل ممارسة فردانية فريدة: أما الأول فهو أحمد نواش الذى تتميز لوحاته ذات القطع الصغير بامتلائها ببواعث الضيق وبتصويرها الدائم لشخوص قلقة، ومفككة الأوصال، وشبه كاريكاتورية، يصعب تقدير أعمارها، بهيئتها الهائمة، وأعضائها المبتورة أحيانا. هى وجوه عالمية، لكنها تعبر باقتدار بليغ عن حيرة اللاجئ. وعلى النقيض، هناك لوحات سهى شومان، التى تتراوح بين القطع المتوسط والثلاثيات من القطع الكبير، التى تستلهم عظمة البتراء، تلك المدينة النبطية العريقة، لتنقل إليها المتلقي، وخصوصا بعد انتهاجها فكرة التركيب الفنى التى تمزج بين اللوحات والحجارة. وتـتفرد شومان أيضا بنشاطها فى اقتناء المجموعات وفى رعاية الفنون، لكونها القوة المحركة لـ «دارة الفنون ومؤسسة خالد شومان» التى أنشئت عام 1993، والتى تعنى بنشر الكتب وباستضافة المعارض، والحفلات الموسيقية، والندوات، فضلا عن عرضها وضمها بين جنباتها لأهم مجموعة خاصة من أعمال الفن العربى الحديث.
وبصورة مماثلة، قام الفنانون الفلسطينيون المقيمون فى منافيهم بالبلاد الغربية باعتماد التيارات السائدة هناك، لاسيما تيارى الـ «أوب آرت» (Op Art) والفن الحركى لدى سامية حلبي، والمجردات الهندسية عند كمال بلاطة وسارى خورى بالولايات المتحدة وفلاديمير تمارى باليابان.

 
أما بالنسبة للفنانين الذين بقوا فى الداخل، وأضحوا فى عداد مواطنين إسرائيليين من الدرجة الثانية، وعاشوا من1948 حتى 1966 فى ظل نظام عسكرى استثنائى قوامه الاحتجازات التعسفية والإقامة الجبرية فى المنازل، بالنسبة لهؤلاء كان الحزب الشيوعى الإسرائيلى المؤسسة الوحيدة التى فتحت أبوابها لمطبوعاتهم ومعارضهم، ومنحت بعضهم بعثات دراسية إلى بلدان الكتلة الشرقية. ولدى عودتهم، قام البعض، على غرار عابد العابدي، بتكوين مجموعة «ابدأ»، وشاركوا فى إقامة نُصب تذكارية مع فنانين يهود إسرائيليين يساريين، وواصلوا عيشهم كعمال أو معلمين للفن.
وكان عمل فنانى الضفة وغزة- شأن بقية أوجه حياتهم اليومية- يتم تحت قبضة الاحتلال العسكري، نظرا لما لاقوه من رفض لطلبات التصريح بافتتاح المعارض، وحظر تشكيل الجمعيات الفنية، وسجن الرسامين الذين يظهرون فى لوحاتهم ألوان العلم الفلسطينى المحظور، وإرسال عملاء لضرب الفنانين، فضلا عن إغلاق الجامعات.
ونظرا لعيشهم بصورة مباشرة تحت مجهر الرقابة العسكرية، عمد هؤلاء الفنانين إلى تطوير عملهم باتجاه رسم المناظر الطبيعية المحلية التى لم تقتحمها المستوطنات الإسرائيلية. إضافة إلى ذلك، كان هناك تصوير يجنح إلى المثالية الجمالية للعادات والتقاليد والعمارة والمطرزات التقليدية. يُذَكّر هذا الفن، الذى عرف بفن «الصمود»، بردود الأفعال الأهلية ذات الثقافات ما بعد الكولونيالية، وخصوصا ثقافة السكان الأصليين أو «الانديجنيسيمو» فى المكسيك، بمثل ما يُذَكّر بما لاحظه فانون من شدة التعلق بالفولكلور لدى بعض المجتمعات الساعية للتحرر من الاستعمار.
ولقد كان اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987بمثابة عامل محفز للفنانين الأكثر ميلاً إلى التجديد فى تلك الفترة، مثل سليمان منصور، وفيرا تماري، ونبيل عناني، تيسير بركات. فنظرا لتحررهم من مسؤولية المحاكاة الجماعية التى كانوا يضطلعون بها، لظهور التغطية الإعلامية الدولية الإيجابية نسبيا للانتفاضة، وكذلك نظرا للفجوة بين ما كانوا يقدمون من استعارات بصرية وطنية تعتمد على القرية والفلاحين وبين واقع الانتفاضة التى كان أبطالها هم شباب وأطفال الحجارة، وأخيرا، نظراً لفلسفة الاكتفاء الذاتى للانتفاضة، ابتدع الفنانون مذهبا جماليا جديداً يقوم على استخدام خامات محلية، ورسوم فولكلورية مستحدثة. وتتشابه تلك الممارسة مع تيار كبير آخر من تيارات الفن العربى الحديث، بدأه من المغرب فريد بلقاهية، ومن الجزائر جماعة AOUCHEM والفنان رشيد القريشي، ومن تونس الفنان قويدر تريكي، حيث يتحول الفن الى أداة للتحرر.
هكذا سلك نبيل عنانى مسلك بلقاهية باستخدام الجلود الملونة بالحناء والأصباغ النباتية، وهجر بركات ألوانه المائية ولوحاته ذات الأشكال الغائمة والمستقاة من عالم الأحلام ليتجه إلى أعمال مركبة من كتل خشبية طبعت عليها الرسوم والرموز بواسطة تقنية الحرق. أما تمارى فقد كرس نقوشه على السيراميك لتصوير مشاهد واقعية للقرية الفلسطينية، وخصوصا للمنازل المدمرة من قبل الجيش الإسرائيلي. كما أعرض سليمان منصور عن رسم قراه وفلاحاته ذوات الأجساد العامرة والمتماهية مع منحنيات التلال، ليصنع لوحات مكونة من تركيبة خاصة من الصلصال النيئ المحلي. وتتميز لوحاته بتنوع فى استخدام الأشياء المستعملة، أو المعاد طلاؤها بصبغات نباتية محلية.
ولقد أفضت الانتفاضة إلى مفاوضات السلام عام 1991 (عملية مدريد-واشنطن)، فإلى اتفاقات أوسلو 1993 التى أرست سلطة وطنية للحكم الذاتى على قطع محدودة من أرض فلسطين، وشهدت انسحاب إسرائيل من بعض المناطق الحضرية. لتبدأ منذئذ مرحلة جديدة.
هكذا لا يقتصر إدراك الفن الفلسطينى الحديث - كما قد يكون الحال فى منظومة ما بعد الكولونيالية- حصريا على فهم عمليات إعادة تقييم أو مقاومة التيارات الفنية الدولية داخل مجال إقليمى محدد، أملا فى اختلاق مفردات حداثة غير غربية، ولكن ذلك الإدراك- لكى يتم- عليه أن يتتبع نتاجا فنيا متناثرا، وأفرادا وجماعات متفرقة فى غالبيتها. وإن كان فنانو الشتات قد قدموا أعمالا متمشية مع محيطهم، فلقد كانت أعمال نظرائهم الذين بقوا فى فلسطين أشبه ما تكون جهودا ذاتية الاكتفاء، تتم فى ظروف من الافتقار إلى الحرية، والهشاشة الاقتصادية، تتخللها صروف التقلبات السياسية. وهكذا كانت التطورات تتم وفقا لتواتر الانقطاع وإعادة الابتداع، لا تبعا للمراكمة والمحاكاة، تحدوها شواغل ثابتة من طلبٍ للبقاء وتأكيدٍ للحرية وعزمٍ على المقاومة.
ومن الناحية الفكرية، إن كان تاريخ الحداثة الفنية الغربية يتلخص فى سعى إلى التجديد، والتخصص، وتجريد المفاهيم، والنزعة العالمية، فلقد كان الرهان فى مختلف تجارب الفن الفلسطينى الحديث ــ فى المنفى كما تحت الاحتلال ــ هو السعى إلى التحقق من خلال ممارسة الحرية أو تطوير فكر جمالى وثقافى على خلفية من الحداثة الذاتية.


الفترة المعاصرة:

 

لم يجد تفاؤل المرحلة الثورية منتهاه فى الاستقلال، بل واجه اتفاقات السلام المؤقت فى 1993. وسرعان ما تحول الأمل إلى خيبة- ليبرر شكوك أولئك الذين ما آمنوا قط بعملية السلام- تحت وطأة فساد السلطة وسوء إدارتها، وبسبب توسع الاستيطان، واستمرار الاعتقالات التعسفية، ليصل الوضع إلى ذروة من التفاقم أدت لاندلاع الانتفاضة الثانية (2000- 2005)، وما أعقبها من عودة الاحتلال، وقصف المدن والقرى ومخيمات اللاجئين، و سقوط الآلاف من القتلي، وتدمير الآلاف من المنازل، واعتقال الآلاف، وأخيرا، بناء الجدار العازل الذى يبتلع 50% من الضفة الغربية التى يعانى أهلها بالفعل من شلل فى الحياة اليومية بسبب تعرضهم لمئات من نقاط التفتيش. ووسط هذه الإبادة المجتمعية أو كإحدى نتائجها، وقعت مواجهات داخلية متقطعة الوتيرة، أدت إلى إرساء حكم حماس فى غزة فى يونيو2007.
ولقد توافقت هذه المرحلة أيضا مع ظهور طبقة متوسطة(8) وقطاع خاص متعولمـيْن، واصطباغ المجتمع بطابع ديني، واختلال احتشاده السياسى بفعل تأسيس سلطة لدولة بدائية محلية، وما استلفت ذلك كله من اهتمام خارجى غير مسبوق. وارتهنت فلسطين منذئذ إلى مفارقة فريدة تحت نير احتلال غاشم، فى فترة تسيُّد عولمة ما بعد الحداثة. فهناك، يستفيد القطاع الخاص المنهك من رؤوس أموال عربية وأخرى واردة من المهجر. وهناك، يموت ضحايا النيران الإسرائيلية فى مشاهد البث الحى المذاعة عبر تلفزيونات العالم. ويحظى الفلاحون الذين فقدوا أراضيهم بمساندة متطوعين دوليين مناوئين للعولمة، كما تستفيد الهيئات غير الحكومية من المساعدات الدولية المتنوعة، وهناك، أخيرا، ينال المبدعون دعما من قبل رعاة الثقافة الدوليين.


وبالطبع، كان لتطورات الاحتلال أثرها على ظروف إنجاز الأعمال الفنية، وبالتالى كان لها أثرها على التعبير الثقافي: فبعد حالة «التنافر المتشتت» التى قال بها ادوارد سعيد لوصف الحالة الفلسطينية عام 1986(9)، حدثت عودة لمركزية فلسطين إثر تأسيس جهاز يعمل كنواة بدائية لدولة -حتى وإن كان جهازا ضعيفا وتابعا- وخروج الرموز الفلسطينية من دائرة العمل السري، ومولد المئات من المنظمات غير الحكومية والتابعة للقطاع الخاص. ومن بين المائتين وخمسين شخصا من النازحين والمبعدين الفلسطينيين الذين سُمح لهم بالعودة، كان هناك العديد من الفنانين القادمين أو العائدين للمرة الأولى إلى الوطن، والذين جعلوا من فلسطين الموضوع المباشر بل والحصرى لأعمالهم الفنية؛ وللمرة الأولي، ولد عدد من المؤسسات المكرسة للفنون البصرية الفلسطينية (فى الخليل: جاليرى أم الفحم. فى القدس: مؤسسة «المعمل»، جاليرى «قناديل» و«الحوش». وفى رام الله: مركز خليل سكاكينى الثقافي، ومؤسسة عبد المحسن قطان، وجاليرى «محطة»، والموقع الالكترونى للمعرض الافتراضى الخاص بجامعة بير زيت، وأكاديمية «PACA». وفى الأردن: دارة الفنون. وفى انجلترا: رابطة مدرسة الفن الفلسطينى Art School Palestine وموقعها الالكتروني).
وفى ميدان الدعم الفردي، راح بعض المشترين المواظبين يقتنون الأعمال الفنية من المعارض المحلية المقامة منذ العام 1980، ولعل من أبرزهم المحامى مازن قبطي، صاحب المجموعات القيمة وراعى الفنون المعروف. ويعيش كثير من المشترين فى المهجر بالدول العربية، حيث يحرص الكثير من الفنانين المستقرين فى أوروبا والولايات المتحدة على أن تمثلهم منافذ عرض كبرى هناك. وفى عام 2007، قامت دار «سوذبيز» لأول مرة ببيع أعمال فنية فلسطينية، فى مزاد علنى للفن العربى والإسلامى الحديث والمعاصر، أقيم بالعاصمة البريطانية.
كما تشهد هذه الفترة أيضا ظهوراً أوضح للمرأة وللشباب بين صفوف التشكيليين الفلسطينيين: فمعظم المجددين من النساء( ومنهن منى حاطوم، وايملى جاسر، ورنا بشارة، وأحلام الشبلي، ورائدة سعادة)، مثلما هو الحال فى السينما الروائية والتسجيلية التى تشهد بدورها طفرة مماثلة.
أما زيادة عدد الشباب فهى بالأحرى ظاهرة تلقائية، استتبعت تكوّن جماعات من الفنانين (فى يافا:مجموعة Parrhesia فى الخليل: مجموعة «شرنقة». فى رام الله: Idioms Films وZan Studio وجاليرى «محطة». فى غزة: مجموعتى «شبابيك»، و«التقاء») وإن كان قد مهد لها ذلك الهيكل المؤسساتى الجديد الذى ينظم الورش المكثفة، ويمنح المساعدات للفنانين فى معارضهم الأولي، ويقدم الجوائز والبعثات إلى الخارج للشباب دون الخامسة والثلاثين. وتتعزز ملاحظة هذا التغيير نظرا لعدم كفاية المتوفر من هياكل التعليم الأكاديمى الفني. فمعظم الفنانين فى هذا الجيل الجديد قد تلقوا مهاراتهم إما فى الخارج (فنانو الشتات) أو فى إسرائيل (الفنانون الفلسطينيون من ذوى الجنسية الإسرائيلية)، أو تلقوا دراسات غير نظامية مكثفة، أو درسوا العمارة، أو الهندسة، أو تلقوا تدريبا على المهن السمعبصرية. أما الفنانون القلائل الذين حصلوا على شهاداتهم من أقدم كلية محلية للفنون الجميلة- الكائنة بجامعة النجاح بنابلس- فهم متأثرون بما تقدمه من تعليم كلاسيكي، مؤداه ممارسة غير تصورية تتمحور حول الزخرفة والرسم التصويرى أو التجريدي. وفى عام 2008، تم تأسيس هيكليْن تعليمييْن متخصصيْن، أحدهما فى بيت لحم ويبدو وكأنه يعيد نفس الخط السائد فى جامعة النجاح، أما الآخر فى رام الله فهو مفتوح أمام الممارسات الأكثر حداثة، بيد أن مسألة التمويل والاعتماد تـثير التساؤل حول استمراريته.
ولقد أدت وسائل الإعلام، فضلا عن الخيارات الجمالية والموضوعية للموجة الشابة، إلى إحداث تحول لدى بعض الفنانين الكبار المنتمين للجيل السابق. ولقد تم تطورهم إما بالمحافظة على خاماتهم الخاصة بعد تطويعها لمواءمة الأعمال التركيبية، والوسائط المتعددة، والأعمال المصممة للتجانس مع موقع محدد (مثلما صنع منصور وفيرا وتماري)، أو بتضخيم الاهتمامات الجمالية والفكرية عن طريق إعادة التصور من خلال أفلام الفيديو، أو عروض الأداء الحي، أو الأعمال التركيبية (مثلما صنع شومان).

 


وبمثل تلك الديناميكية، والتمويل، وجلاء الرؤية، راحت الفنون البصرية-كما هو الحال بلبنان ومصر- راحت تحل محل فنون المسرح وتنافس الآداب بما كان لها من تأثير تقليدي. وكأن شباب المبدعين فى تلك المنطقة التى عانت من العزلة ومن التنميط، راحوا يحققون ذواتهم بابتداع صورهم الخاصة بأنفسهم. إضافة الى ذلك، يبدو هذا الجيل الجديد مشابها لمعاصريه فى بلدان العالم الأخري، حيث يبدى حماساً كبيرا للتقنيات الرقمية والبصرية على حساب الكلمة المكتوبة. كما أن الرؤية المتاحة لأعمال المبدعين القادمين من الشتات أو من داخل إسرائيل تعطى الأفضلية للمادة البصرية على الكلمة المكتوبة. وهكذا، كان لسهولة تلقى المادة البصرية فى الخارج أثرُها فى جعل أعمال التشكيليين أكثر رواجا من أعمال زملائهم الكتّاب. كما تسهلت تلك الرؤية الجديدة التى حظى بها الفن الفلسطينى بفعل توافقه مع الفن المعاصر القائم على المعنى والمناوئ للهيمنة، بينما فى السابق، كانت الممارسة الفلسطينية الحديثة الساعية إلى إنتاج المعني، من خلال المخاطبة السياسية أو الدراسات الجمالية الثقافية، كانت لا تتفق مع الفن الحداثى العالمى المجرد من المضمون.
ومن هنا، راح التشكيليون المعاصرون يتطورون داخل دائرة متخصصة من المعارض، والمهرجانات، وعروض البينالي، ومحال الإقامة، فما عادوا يتعاملون مع جمهور محلى غير مطلع، خلاف دأب أسلافهم، الذين انخرطوا فى العمل الجماعى وشاركوا فى فروع فنون مختلفة. ومن طبائع الفن التصورى أنه يعزز تلك الجفوة مع عامة الجمهور، لاحتياجه غالبا إلى تفسير من قِبل ناقد متخصص، نظرا لجمالياته المعتمدة على الحد الأدنى من التفاصيل، وذلك على نقيضٍ من توقعات جمهورٍ شكّلته مرجعياتٌ سياسيةٌ أو جماليةٌ حديثة، فضلاً عن ثقافةٍ فنيةٍ مدرسيةٍ غير ملائمة.
إن المعرفة الجديدة التى تحكم هذا التعبير الثقافى الجديد قد تشكلت- كما حدث فى فترة العصر الحديث- بفعل السياق العربى والمحلي: إذ إن ولوج العالم العربى لمرحلة ما بعد الحداثة قد بدأ إثر هزيمة 1967 التى أعلنت عن فشل الأيديولوچيات المتطلعة صوب المستقبل، سواء القومية منها أو التقدمية، وقد استُتـِم هذا الولوج بالإقرار بشرعية أدلجة الدين منذ عقد الثمانينيات. وفى فلسطين المعاصرة، يعيش المجتمع الفلسطينى فضلا عن ذلك فشلا ثلاثى الأبعاد لانكسار آمال التحرر بواسطة الكفاح المسلح، والمقاومة السلمية الجماعية، والمفاوضات الدبلوماسية.
من الناحية الفكرية، أحدثت تلك الظروف التطور الأهم، الذى يمثل الرحم الذى أنتج الممارسة الفنية الفلسطينية فى صورتها المعاصرة:ألا وهو انفصام المعنى عما وراء الخطاب. ويجد هذا النسق الجديد ترجمته- شأنه بالنسبة للأدب المعاصر- فى ممارسة فنية تنأى عن الأيديولوجية، وتتسم بالتحرر من الرمزية المتعلقة بالهوية، وبالميل إلى الفردانية.
ومن الناحية الشكلية، فلم يعد إرث هؤلاء الفنانين نابعا من مجتمعات غير غربية ما قبل حداثية، وإنما صار بالأحرى إرثا متعلقا بنوع من الحداثة الهجين؛ مستتبعا راحة فى التعامل مع سلع ونظم منبثقة من مجتمع استهلاكى وثقافة شعبية أنتجتهما العولمة. كما يتبدى هذا التيار فى مجال الموسيقى أيضا: فموسيقى الراپ والهيپ هوپ متواجدتان بحماس كبير فى بلاد المغرب، كما فى مخيمات اللاجئين فى لبنان، وفى فلسطين نفسها، وفى الجيتوات الفلسطينية فى إسرائيل. ونتيجةً لذلك- شأن الحال فى بلدان أخرى منتمية لمنظومة ما بعد الكولونيالية، أو عربية، أو خارجة من نزاعات مسلحة- لم تعد الممارسة الفنية تؤدى دور محطة أنثروبولوچية للهوية الثقافية، بل راحت تعتمد جماليةً خالصةً مجردة.
أما على مستوى الموضوعات، يأتى اختيار تيمات العبث، والملاحظة شبه الإكلينيكية، والضيق، وتبدد الأوهام الجماعية وغياب الإلهام الأيديولوجي، كبديل لموضوعات سالفة كالبطولة الثورية، والنوستالچيا الرعوية، والمبالغات الرامية لاستدرار التعاطف، والتوجيه السياسي، والأطماح التحديثية الساعية لخلق تعبير بصرى جديد، والإحساس بالمسؤولية الجماعية عن محاكاة الواقع. حتى عملية السرد الجمعي، التى يستدعى استمرارَها استشراءُ فظائع الاحتلال، باتت تمر اليوم عبر وجهة النظر الفردية. ولعل أهم التوجهات الجديدة هي:
ــ الفكاهة الساخرة: فهناك التركيبات والعروض المقدمة فى متحف، أو شركة طيران، أو بيع بالمزادات العلنية المختلقة، للفنان خليل رباح؛ وكذا فيلم الفيديو الذى يصور عرضا لأزياء الرجال عند نقاط التفتيش الإسرائيلية، للفنان شريف واكد؛ ولوحات الهلوسة التى تصور معارك الحيوانات الرابضة فوق دراجاتها، بريشة الفنان محمد فاضل؛ والتكوين الفنى المؤلف من سيارات مهشمة على طريق مقطوع، للفنانة فيرا تماري(10)، ولوحات المسيح الغامض لشريف واكد، وفيديو «بانديليرو» للمخرجة لاريسا منصور، الذى يظهر يدا تشهر السلاح على خلفية من الجدار العازل.
ــ تأكيد الهويات الفرعية: وبالأخص الهوية النسوية، حيث تم كسر الاحتكار الذكورى لتصوير المرأة، التى كانت تُستخدم فى السابق كاستعارة للوطن وللشرف القومي(11)، لتتأكد الهوية الأنثوية فى أعمال غير مسبوقة تدور حول الجسد والجنس: فها هى الرسوم ولوحات السيراميك ذات الطابع شبه التناسلي، للفنانتين جومانا عبود ومنال مرقص. وكذلك الأعمال التركيبية وأفلام الفيديو القصيرة، التى تتناول الرِياء الذكوري، للفنانة حنان أبو حسين. وهناك أيضا عروض الأداء الحى والصور الذاتية لرائدة سعادة، التى تدور حول القوالب الأنثوية النمطية، الاجتماعية منها والبصرية. وكذلك، الصور الفوتوغرافية التى تبين المسار الشخصى لتحرر إيناس ياسين، وعروض الفيديو والأداء الحى لمنار زعيبي، والتى تدور حول التدنس المزدوج الذى توصم به المرأة الفلسطينية داخل المجتمع الإسرائيلي. وهناك أيضا الأثواب الطيفية أو الممزقة التى تقدمها مارى توما، والصور الفوتوغرافية التى تصور عملية الولادة، للمخرجة والمصورة سهير فراج، والصور والأعمال التركيبية وعروض الأداء الحى لشروق حرب والتى تناولت فيها جرائم الشرف، وكذلك موضوعى الموضة والتسوق.
ــ كسر العزلة: ويظهر هذا التوجه عبر تركيبات ألكسندرا حنظل، والتى تتناول الحياة فى جمهورية الدومنيكان، وكذا فى فوتوغرافيا أحلام الشبلى ورنده شعث حول المناظر الطبيعية فى الحاضرات الأوروبية والآسيوية والعربية. وهناك أيضا فكرة رفض الاستشراق فى عروض الأداء الحى التى تقدمها أنيسة الأشقر.
ــ التعبير عن الهوية المهمشة: هناك أعمال رائد بواية الفوتوغرافية بالأبيض والأسود، التى تصور عمالا غير شرعيين، وفلاحين منعزلين، ونزلاء مستشفيات الأمراض العقلية، وجميعهم من المهمشين داخل المجتمع الفلسطيني. وهناك رسوم أطفال مخيمات اللاجئين الذين فقدوا براءتهم، المقدمة من قبل محمد جحا، وهناك صور الفوتوغرافيا وعروض الأداء الحي، التى يقوم بها طارق الغصين، ذلك الفلسطينى المرتحل المنتبذ.
ــ تبدد الأوهام، والعبثية، والعدمية: فهناك التركيب الفنى الذى يمثل ثلاجةً فى مشرحة، وأعمال إثارة المخاوف البدائية، للفنان شادى حبيب الله، وهناك أفلام الفيديو التى صورت فيها وفاء ياسين جنازات مقامة فى ساحة تزلج، أو حشرة تزحف على وتيرة مرعبة، وهناك لوحات وتركيبات شادى زقزوق التى تتجلى فيها فوضوية غزة، وأفلام الفيديو التى صور فيها أيمن الأزرق نوبات من الفزع.
ــ السرد الذاتى المعاصر: وتـُذكر هنا أعمال الفنانيْن مهند يعقوبى ويَزن خليلى من البورتريهات الذاتية والصور الشخصية للأقارب والأصدقاء. وكذلك سرديات «التشات» بالعربية والانجليزية لجومانا مناع.
فضلا عن هذه التيمات الجديدة، هناك ثوابت الفن الفلسطينى : كالذاكرة، والمنفي، والأرض، والشهداء. ولكن اليوم، هجر الفنانون ما سماه كونديرا «الأنموذج المبتذل للأشباح المهيبة»(12)، وصاروا يفسرون الثوابت الفنية عبر منظار الفردانية، أو على العكس صاروا يمحونها تحت وطأة الواقع بما فيه من عبث وبؤس.
صار التعامل مع ذكرى الأشخاص والأماكن يتم بلا حنين للماضي: فهناك التوثيق بالصورة الفوتوغرافية، وبالتركيبات الفراغية مع استخدام الخامات المحلية كالصبار، والخبز، والتوابل، فى أعمال رنا بشارة. وهناك التوثيق حول القرى الفلسطينية المدمرة، من خلال الصور الفوتوغرافية، وعروض الأداء الحي، وأعمال السيراميك، وأفلام الفيديو، التى قدمها حنا فرح(13)، ورائدة أدون، ومرفت عيسي. وهناك أيضا صور وتكوينات الفنانة إيمان أبو حميد التى تناولت فيها ذكريات طفولتها. وفوتوغرافيا ستيف سابيلا وتركيباته حول مدينة القدس كما خَبرها فى طفولته.
ولقد شهد موضوع المنفى تحولا: فلقد تمكن بعض الفنانين من العودة بعد 1993، ولكن بالنسبة لآخرين، أضحى المنفى نسبيا وعَرَضياً. إذ صار من الممكن باستخدام جواز سفر غربى زيارة فلسطين كما السائح، فضلا عن الإقامة بها لعدة أسابيع، ولكن ظل من غير الممكن الاستقرار بها نظرا لرفض إسرائيل منح تصاريح إقامة دائمة أو بطاقات هوية(14). هكذا، تمكن بعض الفنانين من زيارة فلسطين للمرة الأولى فى الفترة المعاصرة، وراحوا يعرضون أعمالهم بها، مثل إسماعيل شموط، وتمام الأكحل، وسوزان حجاب، ومنى حاطوم، وسامية حلبي، وروزالند النشاشيبي، وزياد دجاني، وألكسندرا حنظل، ونداء سنقرط، وجون حلق، وكلاوديا آرافينا أبو غوش. ومن الفنانين من كرسوا كامل أعمالهم لفلسطين وحدها: مثل تيسير البطنيجي(15)، وإيميلى جاسر، وأيرين أنستاز، وسامى زعبي، و لاريسا منصور. لكن المنفى ظل مطلقا مطبقا فى أعين فنانى المنافى العربية.
هذا وتتم أوجه تصوير المنفى نفسه عبر آثاره الشخصية على الفنان الذى حُرم العيش على أرض وطنه وحُكم عليه باقتلاع أبدى من الجذور (وذاك الموضوع الرئيسى لمنى حاطوم)، أو قد تتم عبر آليات التكيف عند الفنان من خلال مجازاته المرسلة عن فلسطين (كما فى كتب إميلى جاسر، ولوحات الصبار المزروع فى أصيص بريشة كل من عاصم أبو شقرة، وألكسندرا حنظل، وكلاوديا آرافينا أبو غوش ).
أما المنظر الطبيعى الريفي، ذلك المجاز المصطبغ بالمثالية والأنثوية فى تعبيره عن الارتباط بالأرض، فلقد عاد تصويره بعد اتفاقيات أوسلو بكل ما فيه من تجزُّؤ فج. كما ظهرت لأول مرة أعمال شبه وثائقية لتصوير المشهد الحضري- من مخيمات لاجئين، ومراكز تجمع للبدو، وجدار العزل، ويافا الغارقة فى إملاقها، والمستوطنات الإسرائيلية-و هو ما تجلى فى ماكيتات وفاء حوراني، وفوتوغرافيا سامى بخاري، وزياد دجاني، ومحمد مسلّم، وخالد جرّار، وأفلام فيديو شريف سرحان. أما سليمان منصور، الذى تطور من مرحلة رسم المناظر الطبيعية المغرقة فى المثالية فى عقدى السبعينيات والثمانينيات، إلى مرحلة لوحات الصلصال النيئ فيما بعد 1987، فهو يقدم حاليا منحوتات باستخدام الطين اليابس، والناضب، والمتشقق، والمنقبض، وأيضا باستخدام الصفيح الصدئ. أما الفنانات التشكيليات، فهن يجسدن هذه الحقيقة بصورة أشد قوة وأكثر جلاءً. فمن خلال ملاحظة أعمالهن فى مجالات الفيديو، والكولاچ، والتركيبات، والتصوير الفوتوغرافي، يتضح مبلغ خلوها من أى ملمح رومانسي: شأن أعمال كل من أحلام الشبلي، ورولا حلواني، ودانا عريقات، وأيرين أنستاز، وروزالند النشاشيبي، وسميرة بدران، وليلى الشوا، وساندى هلال.


وبالمثل، صار تناول موضوع الشهداء يتم بهدف التركيز على إنسانيتهم العادية هم وذويهم، مثل ما قام به نويل جبور فى أعماله الفوتوغرافية؛ أو قد يكون التناول لتقدير ثقل غيابهم، كما فى أعمال أشرف فواخرى التركيبية. وقد يأتى التناول بإحياء ذكراهم بصورة رصينة مثلما تم من خلال معرض «مائة شهيد- مائة حياة»(16)، أو يأتى بغية إبراز عبثية فقدهم كما تبدى عبر ملصقات بشّار الحروب وإسهامه الحضري. وبصورة مماثلة، تم التعبير عن موضوع السَجن والتعرض لأعمال العنف عبر تصوير القلق النفسى الشخصى كما فى لوحات الرسام هانى زوروب التعبيرية.
وبالطبع، يحمل كل تصنيف دلالاته، كما أن العديد من الفنانين قد جمعوا فى ممارساتهم ما بين أكثر من موضوع، وأكثر من مقاربة، وأكثر من استراتيجية. كما هو الحال على سبيل المثال، بالنسبة لاثنتين من أهم فنانى هذه المرحلة المعاصرة، وهما منى حاطوم وإيميلى جاسر. ولما كانتا تنتميان إلى جيليْن مختلفيْن، فمساراهما يلخصان جيداً تطور الفن الفلسطينى المعاصر: من اتخاذه وجها أكثر شبوبية ونسوية، وامتثاله لحركة الذهاب والإياب المتكررة ما بين المنفى وفلسطين بصفتها تيمة شبه ثابتة، والممارسة التجريدية عبر الوسائط المتعددة من تركيبات فراغية، وأداء حي، ونصوص وأفلام فيديو، والإعراض عن الرومانسية، والنزعة النضالية، والإرشاد السياسى أو التوجيه الثقافى الحداثي، من أجل التحول إلى ممارسة فنية ذاتية. وأخيراً، تشير ما حصلت عليه كلتا الفنانتين من جوائز وامتيازات إلى تلك النظرة الجديدة التى صارت توجه للفن الفلسطينى (فبالنسبة لحاطوم يُذكر ترشحها لجائزة ترنر، وفوزها بجائزة سوننج، إلى جانب عرض أعمالها فى صالات «تيت»، ومركز «بومبيدو»، وبينالى فينيسيا، ومعرض «دوكيومنتا» السنوي، فضلا عن تواجدها ضمن فنانى جاليرى «وايت كيوب» الشهير، الخ. أما إيميلى جاسر، فيُذكر عرض أعمالها وحصدها جوائز فى فينيسيا، وترشحها لجائزة «هوجو بوس- جوجنهايم». . الخ). الأمر الذى يعلن عن اجتياز الفنانين الفلسطينيين لصحراء العزلة.
هذا وقد تطورت حاطوم من مرحلة عروض الأداء الحي، التى كان يقدم فيها جسدُها العارى والمجرد من جنسانيته، مجازا مرسلا عن فلسطين المقسمة، والمجرفة، والمحاصرة، لتتجه نحو اشتغال مباشر بفلسطين، قامت به فى القدس، حيث استخدمت الصابون النابلسى التقليدى كنايةً عن الأرض المجزأة على أثر اتفاقيات أوسلو. أعقب ذلك تطور الفنانة نحو كسر المألوف فيما يتعلق بالأشياء اليومية والأدوات المنزلية، بجعلها استعارات عن البيت المفقود والوطن المحتل؛ يصحب ذلك اشتغال الفنانة المستمر على خرائط العالم، بتشكيلها بواسطة الورق، أو بواسطة كرات الزجاج ومصابيح الفلوريسنت المتوهجة، للدلالة على هشاشة كوكبنا، وضعف الحدود، واستمرار النزاعات. وعلى الرغم من كون ادوارد سعيد قد رأى أن حاطوم تجسد بقوة التجربة الفلسطينية(17)، فإن أعمالها لا تنبثق جميعها مباشرة من ذلك المصدر، بل ترجع بالأحرى إلى حالة الإنسان المنفِي، المقتلع من جذوره، المفتقر إلى الراحة فى بيئته الجديدة.
وإن كانت أعمال حاطوم توصِّل للمتلقى إحساسا قويا بالضيق وعدم الراحة، فإن أعمال ايملى جاسر تغريه بالمشاركة المباشرة عن طريق الشعور بالتماهى معها. فإن كانت أعمالها الأولى قد تناولت تيمات المنفى ومراحل الغياب، فلقد صارت فلسطين موضوعها الأثير منذ عودتها الأولى إلى الوطن. لكن خيط الوصل هاهنا قد تمثل دوما فى اعتماد إستراتيجية التجربة الذاتية والحميمية، إما تلك، الخاصة بجاسر نفسها، أو بوجوه فلسطينية معينة يمكن الشعور بالتماهى معها بهدف خلق مواجهة محركة للتنافر مع التجارب المماثلة التى تخص مشاهدين يعيشون فى مجتمعات حرة ومرفهة.

 


خاتمة :

بدءًا من التحقق عبر إنتاج المعني، إلى الانفصام عما وراء المعني، خاض الفن الفلسطينى عمليات الاستكشاف الفكرية ما بعد الكولونيالية العربية، ليسفر عن حداثة تتجاوز الأشكال الغربية بالتآلف مع الجماليات المحلية، ومقاومة الاستلاب والاحتلال، وإلهام الجماهير وحشدها. الأمر الذى أعاد التمركز حول الذات من أجل مخاطبة العالم .
ولقد أفضى النسق التحديثى الأول عن أعمال تجريبية جمالية متوقدة: فكان الإعراض عن الدينى لصالح الدنيوى فى لوحات خليل حلبي، وتجلى الفن الإسلامى الجديد عند جمال بدران، ولوحات الألوان المائية ذات الطابع التأثيرى الحالم الجديد عند صوفى حلبي، وأعمال التجريد وفنون الخط الهندسية لكمال بلاطة، وجداريات الحلاج الأسطورية، وتجريديات شومان، وتعبيرية نواش، وابتكارات منصور وتمارى وبركات وعناني.
ولقد كان نتاج المعرفة ما بعد الحداثية الجديدة أن تم هجر تلك المطامح الجمالية الجماعية، لتتجه محاولات التجديد صوب آليات تحقيق التفرد ومحاورة المتلقي، فى إطار عملية ديناميكية متصاعدة الوتيرة ومنقطعة النظير.

 


هوامش :

 

1- Reem Fadda, Ed.: Arte en Palestina: Artistas palestinas. Jérusalem, Al Hoash. 2007.
- Gannit Ankori: Palestinian Art. Londres: Reaktion Books, 2006.
- Tal Ben Zvi. Ed.: Hagar?Contemporary Palestinian Art. Tel Aviv, Hagar Association. 2006
- Samia A. Halaby: Liberation Art of Palestine. New York: H.T.T.B Publications, 2001.
- T. Ben Zvi & Y. Lehrer, Eds: Self Portrait: Palestinian Women?s Art. Tel Aviv, Andalus. 2001.
- إسماعيل شموط: الفن التشكيلى فى فلسطين، الكويت، القبس، 1989.
2- الفن الفلسطيني:1850-2005. لندن دار الساقي، 2009. - استحضار المكان. تونس، ألكسو، 2000.
- Artistes palestiniens Contemporains. Paris, Institut du Monde Arabe. 1997-
3- لقطات مغايرة. رام الله، مؤسسة قطان، 2005.
4- الفن والفنان. عمان، دارة الفنون /المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2000.
9ر Gonzalo Fernández & José Antonio Sanchez: Palestina: Tierra, exilio, creaccion.
- Fundacion Antonio Perez & Diputacion de Cuenca, 2006.
- Station Museum: Made in Palestine. Houston, Ineri Pub. 2003.
- Ulf Thomas Moberg: Palestinian Art. Uppsala, Almqvist & Wiksell. 1998.
5- الجناح الفلسطيني: بينالى فينيسيا، 2009. « مسارات»: بلجيكا، 2008. «منطقة غير آهلة ببشر؟»: أكاديمية دو فريچ، لاهاي، 2008. «فلسطين، الحياة بمنتهى البساطة»: بون ديزار، باريس، 2008. «عصير صبار»: ميزون دى ميتالو، باريس، 2008. «هذا اليوم»: تيت بريطانيا، لندن، 2007. «فلسطين: الأرض، المنفي، الإبداع»:كوينكا، اسبانيا. «صنع فى فلسطين»: الولايات المتحدة، 2003-2005. جاليرى Konstakademien Vastra Galleriet Fredsgatan، ستوكهولم، 1998. «ربيع فلسطيني»: فرنسا،7-1996.
Culture and Imperialism. New York, A. Knopf. 1993 6-
7- شخصية صبى شجاع يدير ظهره للمتلقي: http://www.najialali.com
8- Sari Hanafi & Linda Tabar: The Emergence of a Palestinian Globalized Elite. Ramallah, Mu-watin. 2005.
9-Edward W. Said: After the Last Sky. New York, Columbia University Press, 1986.
10- V. Tamari: Going for a Ride? In: Palestine. Rien ne nous manque ici. Op. cit.
11- Tina Sherwell: Imaging Palestine as the Motherland. In: Self Portrait: Palestinian Women?s Art. T. Ben Zvi & Y. Lehrer, Eds. Andalus. 2001.
12- Milan Kundera: Die Welt Literatur. The New Yorker. 8 Janvier 2007.
13- Jean Pierre Perrin: Israël. Iqrit, le clocher sans village. Libération. 13.06.2008
14- http://www.righttoenter.ps
15- The Sky over Gaza. In: Palestine. Rien ne nous manque ici. Op. cit.
16- A. Laïdi-Hanieh/Isabel de la Cruz: 100 Shahids-100 Vies. In: Palestine. Rien ne nous manque ici. Op. cit.
17- منى حاطوم: معرض «العالم بأسره أرض غريبة»، لندن، تيت جاليري، 2000.

 

عبارة مأخوذة عن:
Satoshi Ukai: L'image de la Palestine et la genèse d'une Mémoire-monde. In: Palestine. Rien ne nous manque ici. A. Laïdi-Hanieh, Ed. Bruxelles, Revue Ah. 2008
ترجمة: داليا توفيق سعــودى

خاض الفن الفلسطيني
عمــليات الاســـتكشــــاف الفكـــرية
ما بعد الكولونيالية العربية، ليسفر عن حداثة
تتجــــاوز الأشـــكال الغربية بالتـــآلف
مــع الجماليات المحلية

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع وجهات نظر
وجهات نظر © 2009 - جميع الحقوق محفوظة