حـكايات أندرسـون ديسمبر 2005

السيد أمين شلبى

احتفلت الأوساط الأدبية في العالم بالمئوية الثانية للكاتب الدانمركي هانز كريستيان أندرسون (1805-1875 )، وعلي الرغم من الأعمال الإبداعية لأندرسون من رواية

المحـتــوي

احتفلت الأوساط الأدبية في العالم بالمئوية الثانية للكاتب الدانمركي هانز كريستيان أندرسون (1805-1875 )، وعلي الرغم من الأعمال الإبداعية لأندرسون من رواية ومسرحية إلا أن اسمه قد ارتبط بحكاياته الخيالية Fairy Fales وقد استمد منها شهرته ومكانته العالمية بل إن أندرسون نفسه لم يكن لديه فكرة ضئيلة أن حكاياته الخيالية هي التي سوف تفتح له العالم بل كان يسمي هذه الخطابات بالتفاهات. ولم يكن أندرسون بأية حال أول من حكي هذه الحكايات الخيالية، ولكنه أصبح أكثرهم شهرة، لماذا؟ إنه يعتبر أن حياته قدمت افضل توضيح، وقد حكي كل قصة حياته بشكل كامل وتفصيلي في The Fairy tale of my life ( Mitlivs Eventry) 1855.وفي الوقت الذي تبدو فيه القصة الخيالية لأغلب الرومانسيين ماضيا متخيلا وتعويضا عن الواقع، فإنها بالنسبة لأندرسون حقيقة مؤلمة موجعة وقاسية، كانت محنة وصراعا وشهرة في آن. وفي الأشياء الصغيرة والكبيرة، بدأت فكرة الحكاية الخيالية تتأكد في حياته الخاصة «منذ خمسة عشر عاما مضت، وصلت مع حزمتي الصغيرة إلي كوبنهاجن، صبيا فقيرا غريبا، واليوم فقد شربت الشيكولاتة مع الملكة، وأجلس في مقابلها والملك علي المائدة». وفي البداية لم يكن أندرسون واعيا أن كتابة الحكايات الخيالية كانت مجاله كما عبر في خطاب كتبه عام 1843 وقال فيه إنه الآن قد حزم أمره «أنا أكتب حكايات خيالية، والحكايات الأولي التي كتبتها كانت في أغلبها حكايات قديمة سمعتها كطفل والتي حكيتها واعدت تشكيلها بطريقتي وأسلوبي الخاص، أما تلك التي خلقتها بنفسي مثل «جنية البحر الصغيرة» فقد لاقت استحسانا وهو ما منحني دافعا، وهذا ما أقوله الآن من قلبي» وبعبارة أخري كان نجاح الحكايات الخيالية هو ما أقنعه بخصائصها. وبين أعوام 1835-1872، نشر 150 حكاية خيالية، جمعت في أجزاء صغيرة ثم في أجزاء أكبر، وكانت صفة الحكاية الشعبية أوضح الأجزاء الأولي ومن ثم كان عنوانها Told for the children ولكنها كانت تتجه بشكل اكثر نحو القصة القصيرة، ومن ثم جاء الوصف الأوسع علي صفحة العنوان «Stories » فما هو التنوع الذي تضمنته هذه الحكايات؟ إنه يشعر وهو يشكلها ويبنيها أنه في بيته وعالمه اليومي، وهو يجعل عالم الوهم ينمو من الواقع بشكل أكيد لا يخطئ وعلي هذا فهي تبدو صادقة بشكل لا يصدق، وبشكل دقيق يعبر في الحكاية الواحدة من الواقع علي الخيال، إنه يجعل عالم الخيال حقيقة ولكن عظمته تكشف عن نفسها في العملية العكسية حيث يصبح الحقيقي خياليا، إنه يجد ويكتشف العجيب في عالمه اليومي ويجد الشعر في النثر. وكان يقول في وصف منهجه، أن امسك بفكرة تصلح للكبار ثم ارويها للصغار، في الوقت الذي أتذكر فيه أن الأب والأم يستمعان وأنه يجب أن يكون لهم شيء يفكرون فيه، مثل هذه الجاذبية للصغار كانت إلهاما لحسن الحظ وسوء الحظ معا: حسنة الحظ لأنها جعلته يعتمد علي رموز مفهومة في كل مكان، وسيئة الحظ لأنها أدت إلي سوء الفهم بأن الحكايات المثالية هي للأطفال فقط، لذلك فقد سارع إلي إزالة العنوان الفرعي: «تروي للأطفال» واحتج بشدة في عمره المتقدم ضد تصميم تمثال له يظهره محاطا بالأطفال، لقد كان ضد خفضه إلي مثال يسلي الأطفال، بينما كان لديه الطموح الأبعد لكي يكتب لكل العائلة، لقد كان علي حق، ولكنه لم ينجح فقد أوقف التمثال، ولكنه لم يفشل في أن يحطم أسطورة انه كاتب الأطفال. ورغم أن اسم هانز كريستيان أندرسون يرتبط في العالم كله اليوم علي انه فقط مؤلف الحكايات الخيالية إلا أنه خلال حياته لم يكن مهتما بشكل أساسي بكتابة هذا اللون من القصص الخيالية واقل اهتماما بالكتابة للأطفال. كانت القصص الخيالية مجرد مرحلة من كتاباته، ولم تلق لعدة سنوات إلا اهتماما قليلا من النقاد الدانمركيين، وظلت رواياته ومسرحياته وكتب رحلاته ظلت إلي وقت طويل جدا لا تقرأ إلا في الدانمارك فقط، وعلي العكس من ذلك فإن هناك حشدا من طبعات قصصه الخيالية، ونادرا ما يمر عام منذ عام 1900 دون أن تصدر طبعة أو أكثر من قصص أندرسون الخيالية باللغة الإنجليزية. وليس ثمة شك عند نقاد اليوم أن قصص أندرسون الخيالية تشكل مساهمته العظيمة للأدب، غير أننا من أجل أن نفهم أندرسون، وزمنه، والمسرح الأدبي والدانمركي خلال حياته، وأن يصل إلي تقييم عادل لمساهمته في الأدب الدانمركي، فإنه من الواجب أن ننظر إلي كل أعماله. وحين يتحدث الدانمركيون مع معارفهم الإنجليز والأمريكيين، فإنهم دائما ما تأخذهم الدهشة حين يكتشفوا أن حكايات أندرسون تعتبر فقط للأطفال ذلك أنه يمكن القول بلا مبالغة إن حكايات أندرسون هي الملكية الروحية المشتركة للدانمركيين صغارا وكبارا، وزيادة علي ذلك، فإن الكبار في الدانمارك لا يقرأون أندرسون من باب العاطفة فلديه ما يقوله للكبار وكما يقول الناقد لويس كارول فان معظم حكايات أندرسون لها معان مزدوجة لا يستطيع تصورها إلا الكبار. ومن يظن أن حكايات أندرسون هي فقط للأطفال عليه أن يقرأ: The Bell , The new century goddess , The most incredible thing ، فهذه الأعمال تتضمن أشياء مجردة ليس لها مكان في عالم الأطفال. كما انه ليس من السهل أن نوضح ما كان يعنيه اندرسون من مثل هذه الحكايات مثل: «ملك الثلج» التي تستخدم الرمزية التي مازال الباحثون يتجادلون حولها وفي هذا ينصح القراء الذين لا دراية لهم بحكايات أندرسون في أصلها الدانمركي أو في ترجمة دقيقة غير معدلة أن يلجأوا ويستخدموا مجموعة مختارة من الحكايات غير تلك المعروفة جدا مثل: Ugly duckling , The Constantine Soldier حتي يمكنهم أن يصدروا حكما أكثر دقة علي أشهر أبناء الدانمارك. وتختلف الحكايات من حيث طولها، فبعضها في خمسين صفحة، وفي المتوسط في بضع صفحات فقط، وهذا لا يعني أنها بسيطة في مصادرها وإيمانها ومضمونها السيكولوجي. إن حكايات أندرسون سواء المتفائلة أو المتشائمة، الحزينة أو خفيفة الظل الخيالية أو الفلسفية ليست حلولا لأفكار مألوفة وبسيطة أو خبرات فردية. إن بعضها مثل «الفراشات» هي خرافات، وقليل منها حكايات شعبية أعيد روايتها، وأخري مثل «لم تكن تجيد شيئا» كانت رواية لتاريخ حياة.

© وجهات نظر . All rights reserved. Site developed by CLIP Solutions